لا يمرّ شهرٌ في لبنان إلّا وتضجّ الساحة المحليّة بأخبارٍ تحذِّر من انقطاعٍ شاملٍ للإنترنت وعزلٍ تام عن دول العالم ربطاً بأزمة الكهرباء والدولار والمازوت مُرفقة حتماً برسم مشهدية رفع الأسعار باعتباره المسار الوحيد الذي تسلكه السلطة لحلِّ أي مشكلةٍ قبل أن تسارع وزارة الاتصالات إلى التطمين عبر حلولٍ مؤقتة وترقيعية.
وعلى وقع تلويح مدير هيئة "أوجيرو" للاتصالات عماد كريدية بأن لبنان مهدد بالانقطاع التام للإنترنت خلال الأيام العشرة المقبلة إذا لم توزع المنشآت النفطية المازوت لشركات الاتصالات، خرج وزير الاتصالات جوني القرم ببيان أكد فيه السعي بكل طاقته من خلال الاتصالات التي قام بها "لتأمين مخرج لموضوع المازوت".
وأصدر مكتب وزير الاتصالات بياناً، اليوم الجمعة، أكد فيه أن "قرم توصّل إلى أن يلتزم مصرف لبنان بتحويل المبالغ التي ترصد من الوزارة دورياً لمنشآت النفط من الليرة إلى الدولار على سعر السوق بما يخصّ مشتريات المازوت من قبل وزارة الاتصالات، وبالتالي تفادي توقّف خدمتي الإنترنت والاتصال".
وطمأن القرم إلى أن "مادة المازوت باتت مؤمنة لقطاع الاتصالات والإنترنت، وأن الوزارة لا تزال تؤمّن استمرارية القطاع وستبقى كذلك ضمن خططٍ وضعتها لتسيير شؤون القطاع من دون انقطاع، ولا سيما أنه يعدّ قطاعاً أساسياً وحيوياً وتعرّضه لأي مشكلة من شأنه أن يرتدَّ سلباً بانعكاساته على كافة القطاعات في البلد".
كذلك، طمأن وزير الاتصالات إلى أن "تسعيرتنا لا تزال على حالها بالليرة اللبنانية ولا توجد أي رؤية لتعديلها في الوقت الحاضر، إذ نحاول أن نجد طرقاً أخرى لنعوّض بها الخسارة من دون أن نحمِّل المواطن أعباءً إضافية".
ويخشى اللبنانيون من أن يطاول مسار رفع الأسعار الذي تنتهجه الحكومة اللبنانية بذريعة تحليق سعر صرف الدولار قطاع الاتصالات والإنترنت، خصوصاً بعدما عمدت وزارة الاتصالات حديثاً إلى رفع تعرفة المكالمات الهاتفية الدولية، علماً أنّ هذا القطاع المجبول بالفضائح كما حال قطاع الكهرباء كان قد أشعل شرارة انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 يوم قرّر وزير الاتصالات يومها محمد شقير زيادة رسم بقيمة 6 دولارات على خدمة الواتساب المجانية لكل مشترك في الشهر.
أزمة تسعير المازوت
ويتوقف أصحاب المحطات عند الخسائر الجمّة التي يتعرّضون لها، ولا سيما على صعيد المازوت، بحيث تصل إلى حدود 11 ألف ليرة لبنانية في كل صفيحة، وهو ما دفع الكثيرين منهم إلى التوقف عن بيعها وأنعش السوق السوداء التي تبيع المادة بأسعارٍ مرتفعة جداً، ولا سيما أن الطلب سيزداد عليها من أجل التدفئة مع دخول لبنان فصل الشتاء، وهو حال الغاز أيضاً شبه المقطوع من السوق "الشرعي".
وقال ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، لـ"العربي الجديد"، إن "المازوت لا يباع في المحطات لأن وزارة الطاقة تسعّره على 19 ألف ليرة بينما هو في السوق السوداء أعلى من عشرين ألفاً، ونحن ندفع الدولار النقدي لمنشآت الدولة النفطية".
ويسأل أبو شقرا "هل يعقل أن سعر صفيحة المازوت يلامس 300 ألف ليرة فيما جعالة المحطة 1200 ليرة؟"، مشيراً إلى أن "البنزين ما زال مدعوماً بشيء بسيط من مصرف لبنان الذي يغطيه، بينما المازوت نحن نشتريه بالدولار، الأمر الذي يزيد كثيراً من خسائرنا".
وفضّل أبو شقرا عدم التهويل بمسألة عودة الطوابير رغم المشكلة القائمة، "ونحن يدنا ممدودة للتعاون مع وزارة الطاقة والمياه لحل الأزمة، خصوصاً أن هذه المواد، والمازوت خاصة، حيوية جداً ويحتاجها المواطن كما كل القطاعات".
وتعتبر تعرفة الاشتراك بالمولدات كما هي حالياً مرتفعة جداً بالنسبة إلى المواطنين وتفوق قدرتهم على التحمّل، فكلفة الـ5 أمبير فقط باتت تتجاوز المليون ليرة لبنانية وهي تفوق الحد الأدنى للأجور الذي يبلغ 675 ألف ليرة لبنانية، في حين أن المعدل الوسطي للرواتب في لبنان يراوح ما بين مليونين وثلاثة ملايين ليرة.
وسجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، اليوم الجمعة، ما بين 20700 ليرة و20800 ليرة لبنانية، ما يؤدي مع زيادة أسعار المحروقات بموادها البنزين والغاز والمازوت، إلى ارتفاع جنوني على مستوى مختلف القطاعات والخدمات والسلع.