سرقت الأزمة المعيشية في لبنان فرحة العائلات بعيد الأم الذي يصادف الأحد 21 مارس/آذار، حيث حرمت الأولاد من متعة شراء الهدايا والورود احتفاء بهذه المناسبة السنوية.
يقول روني خولي، لـ"العربي الجديد" إنه اعتاد كل سنة على شراء باقة وردٍ لوالدته مع العطر المفضّل لديها وقالب حلوى تقديراً لعطاءاتها التي لا تساوي هدايا الكون شيئاً أمامها.
ويضيف خولي بغصّة، "باقة الورد تبدأ من 50 دولارا أي 75 ألف ليرة وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة، حتى الزهرة الواحدة سعرها يتخطى 10 دولارات، أما العطر فاصبح سعره حوالي مليون ليرة وهو ما يعادل تقريباً 700 دولار، في حين يفوق سعر قالب الحلوى الصغيرسبعين ألف ليرة، أي 69 دولارا، وهذه المصاريف لم يعد بوسعي تحمّلها، حيث إن الراتب الذي أتقاضاه بالعملة الوطنية وفق سعر الصرف الرسمي ومخفض إلى النصف بسبب الأزمة الاقتصادية فيصل إلى مليوني ليرة (تقريباً 1200 دولار).
ويأسف خولي الذي يعمل في شركة خاصة للتكنولوجيا، لما وصل إليه لبنان والعائلات من حرمان وترشيد للنفقات.
من جهتها، تلفت ريما يمّين لـ"العربي الجديد" إلى أنها تدخر الأموال منذ شهرين حتى تشتري هدية لوالدتها، لكن وقتها الدولار كان سعر صرفه لا يتخطى 8 آلاف ليرة لكن عندما نزلت للتسوّق اكتشفت أن كل الأسعار باتت وفق سعر 10 آلاف وما فوق. وقد جالت على أكثر من 20 محلا تجاريا لتحظى بقطعة ملابس بقيمة 300 ألف أي 200 دولار وهي أرخص بلوزة ومن البضائع القديمة في المستودعات.
في حين تشير روزي جبّور إلى أنها اعتادت كل سنة على شراء هديتين واحدة لوالدتها وثانية لأم زوجها، لكنها وقفت محتارة اليوم أمام زجاج المحال التجارية كيف ستشتري غرضين وهي خسرت عملها بسبب إفلاس شركة خاصة كانت تعمل فيها، وراتب زوجها يكفي فقط للعائلة الصغيرة والحاجيات الأساسية.
وتلفت روزي إلى أنها قررت شراء وردتين مزينتين بأربعين ألف ليرة (حوالي 26 دولارا) وقالبي حلوى بـ150 ألفا أي 100 دولار ولم تتمكن من شراء أي هدية. مضيفةً: "هذا أسوأ عيد يمرّ علينا حتى زوجي الذي كان يقيم لنا الغداء ويعطي ابني هدية ليقدمها لي تمنيت عليه هذه السنة ألا يشتري شيئاً فالأولوية اليوم للأكل والمياه والقسط المدرسي".
وفي جولةٍ على عدد من المحال التجارية في جونيه شمالي بيروت، لوحظ لأول مرّة بهذه المناسبة محال أقفلت أبوابها لأنها عجزت عن تسعيربضائعها ولا تريد أن تشتري بضائع بلا زبائن وتتكدس في المستودع وتخسر قيمتها، في حين أكدت صاحبة محل للعطور أنها كانت في مثل هذا اليوم تبيع أكثر من 200 زجاجة عطر مع هدايا مجانية تمنحها للأم مع كل غرض، مثل "ميك أب" مجاني أو كريم للوجه، لكنها اليوم باعت فقط زجاجتي عطور ومن دون أي عرض عليهما.
وأشارت صاحبة محل لبيع الملابس والأحذية إلى أن مجموع أرباحها كان يصل في مثل هذا اليوم إلى ما بين ألفين و3 آلاف دولار كحد أدنى، لكنها اليوم باعت 20 قطعة فقط بـ500 دولار واضطرّت إلى تعديل الأسعار وإجراء تخفيضات حتى باعتها.
أما عند محل لبيع الورود يقف أحد المواطنين وهو شاب عشريني لدقائق يسأل عن سعر كل نوع، ويحاول التفاوض مع صاحب المحل لتخفيض السعر. وقال: "في جيبي 30 ألف ليرة (20 دولارا لا تشتري لي شيئاً، أرجوك أريد باقة صغيرة أقدمها لوالدتي لأرسم البسمة على وجهها عندها قدم له صاحب المحل باقة من 5 ورود وقال له هذه هدية واشتر بمالك قطعة حلوى صغيرة ستسعد بها أيضاً".
ويقول صاحب المحل، لـ"العربي الجديد"، "هذه السنة، نشعر بالإحباط والعجز، نعلم أن أسعارنا مرتفعة جداً والقدرة الشرائية شبه معدومة، لكننا نشتري بضائعنا بالدولار ووفق سعر السوق السوداء ومع ذلك نبيعها بأسعار مخفضة من دون تسجيل أرباح وإلا كانت الأسعار ستحلق بالعالي".
أكدت صاحبة محل للعطور أنها كانت في مثل هذا اليوم تبيع أكثر من 200 زجاجة عطر مع هدايا مجانية
ويضيف: "يحزنني كيف تقف الناس تتأمل الورود وتسأل عن أسعارها وترحل أحياناً حزينة لا قدرة لديها على شرائها".
في حين تناول اللبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي العيد هذه السنة بنكتة وضحكة مستخدمين عبارة الأم الشهيرة "لا أريد شيئاً ولا هدايا أريد فقط سعادتكم"، وعلقوا معتبرين أن هذا العام سيتحقق ذلك فلا أحد يمكنه شراء أي هدية في ظل ارتفاع معدل البطالة والفقر والجوع.
واستقر سعر صرف الدولار في اليومين الماضيين على 11 ألفا تقريباً بانتظار أجواء اللقاء المرتقب بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري اليوم الاثنين في قصر بعبدا الحكومي الذي ستنعكس أجواؤه على سعر الصرف في السوق السوداء.