وصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان، اليوم الجمعة، إلى 15 ألف ليرة لبنانية للمبيع، و14950 ليرة للشراء، بعد مسار تصاعدي سريع منذ أسبوع، تزامنا مع اتساع نطاق الاحتجاجات في الشارع والدعوات إلى تزخيمها على ما آل إليه التدهور المعيشي.
ويشهد سعر الصرف تفلتاً كبيراً بالتزامن مع ارتفاع الطلب على الدولار المفقود في السوق، تماماً كحال غالبية البضائع المستوردة، ولا سيما المدعومة في شتّى القطاعات، وخصوصاً صحياً وغذائياً، وعلى صعيد المحروقات.
وهذه ليست المرّة الأولى التي يصل فيها سعر صرف الدولار إلى 15 ألف ليرة، بل سبق أن سجل هذا المستوى في مارس/ آذار الماضي، وبقيت غالبية السلع والمواد الغذائية مسعرة بهذا الرقم رغم انخفاضه واستقراره لفترة أشهر على 12 ألفا، نتيجة جشع التجار ولكسب أرباح طائلة في ظلّ غياب الرقابة والمحاسبة الفعلية.
وقطع عددٌ من المتظاهرين، اليوم الجمعة، بعض الطرقات في بيروت احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية وارتفاع سعر صرف الدولار، علماً أن تحركات اعتراضية انطلقت قبل أيام وتستمرّ، إنما بوتيرة خفيفة حتى الساعة في الكثير من المناطق اللبنانية، في ظلّ دعوات تطلق للنزول بقوة إلى الشارع بوجه المنظومة الحاكمة سياسياً ومصرفياً لإسقاطها في الساحات.
وأقفلت أكثرية الصيدليات في مختلف المناطق اللبنانية اليوم أبوابها تنفيذاً للإضراب الذي حُدِّد الجمعة وغدا السبت، والتوقف القسري عن العمل بعدما وصل أصحابها إلى حائط مسدود بشأن تأمين الأدوية للمرضى، إما بسبب انقطاعها من السوق، أو تخزينها أو تهريبها.
في السياق، قام وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، الجمعة، بمداهمة مستودع للمستلزمات الطبية والأدوية في منطقة الحازمية شرق بيروت، كما دهم أمس الخميس 3 مستودعات للمستلزمات الطبية من غسل الكلى والمغروسات الطبية والكواشف المخبرية في مناطق عدّة من العاصمة اللبنانية.
ويستمرّ اليوم الجمعة مشهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود، على الرغم من تأكيد وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، أمس الخميس، وجود 66 مليون ليتر بنزين في خزانات الشركات المستوردة، و109 ملايين ليتر مازوت، بالإضافة إلى الكميات المتوافرة لدى محطات التوزيع وغير المحددة، بما يكفي السوق اللبناني لمدة تتراوح بين 10 أيام وأسبوعين.
وعقد الخميس اجتماع في مصرف لبنان انضمّ إليه وزير الطاقة لمتابعة أزمة المحروقات. وقال غجر، بحسب بيان البنك المركزي، إن كميات البنزين والمازوت والغاز المنزلي التي تم استيرادها خلال العام 2021 وحتى تاريخه تمثل زيادة بحدود 10 في المائة عن الكميات المستوردة خلال الفترة نفسها من العام 2019، علماً أن الوضع كان طبيعياً وحركة الاقتصاد بشكل عام كانت أفضل حالاً من هذه السنة.
و"سيتابع مصرف لبنان منح أذونات للمصارف لفتح اعتماد استيراد محروقات شرط عدم المسّ بالتوظيفات الإلزامية، ويدعو المسؤولين إلى اتخاذ التدابير اللازمة كون ذلك ليس من صلاحيته"، وفق ما أشار البيان.
من جهة ثانية، اعتبرت جمعية المستهلك، في بيان اليوم الجمعة، أن "التعميم رقم 158 الصادر عن مصرف لبنان، الذي فنّد فيه إجراءات وآلية التسديد التدريجي للودائع المودعة بالدولار الأميركي، هو الطريق الأسرع إلى الانهيار".
وأشارت إلى أن "مضمون التعميم عبارة عن مجموعة من الترقيعات والألاعيب التي تمارسها السلطات الحاكمة للحفاظ على سيطرتها ومصالحها، حيث إن قرار السحب بالدولار جاء متأخراً ومن خارج أي خطة شاملة لمعالجة أزمات البلاد الخطيرة".
وأضافت أن "ترقيعات الحاكم رياض سلامة استبدلت الحلول الاقتصادية والمالية بالمزيد من طبع الليرة ومن الدعم للتجار، ومن المنصات المفتعلة، فاخترعت أربعة أو خمسة أسعار مختلفة للدولار، ليس غباءً، بل لتهريب العملات الصعبة ونهب الودائع ولإفقاد الليرة والأجور قدرتها الشرائية".
وشددت الجمعية على أن "قرار سحب 400 دولار، ولا سيما بالليرة اللبنانية، على سعر منصة 12 ألف ليرة للدولار هو استمرارٌ لسياسة الهيركات الماضية، لذا سارعت "سوق الدولار الحرة" إلى الارتفاع لحدود 15 ألف ليرة تحضيراً لوصولها قبل 30 يونيو/ حزيران إلى عتبة 18 و20 ألفاً لتأمين هيركات 30% على الأقل ثمناً "تستحقه" المصارف نتيجة لتضحياتها، طبعاً يأتي إلغاء حق المودعين بصرف أية مبالغ أخرى على سعر 3900 ليرة هدية إضافية على البيعة".