لبنان: الدولار يخترق 37 ألف ليرة و"المركزي" يفتح للمواطنين إمكان شرائه من البنوك بسعر "صيرفة"

27 مايو 2022
المتاجر تسعّر المواد الغذائية والاستهلاكية على هواها بلا حسيب ولا رقيب (حسين بيضون)
+ الخط -

سجَّل سعر صرف الدولار في لبنان، الجمعة، رقماً قياسياً جديداً بتجاوزه 37 ألف ليرة لبنانية، وسط توقعات باستمرار مساره التصاعدي في الأيام المقبلة، في ظلّ الأجواء السياسية المتشنّجة في البلاد، ودخول حكومة نجيب ميقاتي مرحلة تصريف الأعمال، وغياب أي إجراءات رسميّة للجم التحليق الحاصل.

وراوح سعر الصرف في السوق السوداء صباح اليوم بين 36900 ليرة لبنانية و37100 ليرة لبنانية تبعاً لتطبيقات الأجهزة الذكية، علماً أنّ الصرافين غير الشرعيين يعمدون إلى شراء الدولار من المواطنين بسعرٍ أقلّ بحوالي 200 إلى 300 ليرة لبنانية.

تسعيرة الدولار الأميركي فوق 37 ألف ليرة في 27 مايو 2022

"مصرف لبنان" يعيد للأفراد فتح إمكان شراء الدولار من المصارف بسعر "صيرفة"

وفي محاولة للجم صعود الدولار بلا هوادة، أصدر حاكم "مصرف لبنان" المركزي رياض سلامة، اليوم الجمعة، بيانا موجها إلى جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأميركي.

وطلب "المركزي" منهم التقدم بهذه الطلبات الى المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الاثنين المقبل، وذلك على سعر منصة "صيرفة" SAYRAFA، على أن تُلبى هذه الطلبات كاملة في غضون 24 ساعة، علما أن هذا العرض مفتوح ومتاح يوميا. وجاء القرار بناء على التعميم 161 ومفاعيله وعلى البنود رقم 75 و83 من قانون النقد والتسليف.

وعلى وقع الارتفاع المستمرّ بسعر صرف الدولار، باتت أسعار المحروقات تحدد بشكل شبه يوميّ، وقد سجلت صفيحة المازوت اليوم زيادة كبيرة وصلت إلى 30 ألف ليرة لبنانية ليصبح المجموع 762 ألفا، في حين زاد سعر قارورة الغاز 24 ألفا ليصبح 471 ألفا، بينما البنزين لم يلحظ حتى الساعة ارتفاعاً ويبلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان 597 ألفا و98 أوكتان 608 آلاف ليرة.

وتشهد محطات الوقود في لبنان، اليوم الجمعة، زحمة سيارات تصطف بطوابير لملء خزاناتها وسط خشية مستمرّة من انقطاع البنزين، في ظل الكلام الذي يتردد دائماً عن اتجاه بعض المحطات للإقفال بذريعة نفاد الكميات لديها، وخصوصاً أن الكثير من المحطات تقفل أبوابها يومي السبت والأحد، الأمر الذي يدفع الناس لتأمين المادة يوم الجمعة.

وينظر اللبنانيون أيضاً بقلقٍ كبيرٍ إلى ارتفاع سعر صفيحة المازوت الذي يرتد بالدرجة الأولى على تسعيرة المولدات الكهربائية، حيث إن تعرفة الخمسة أمبير فقط باتت تفوق المليونين في الكثير من المناطق اللبنانية، علماً ان أصحاب المولدات الخاصة باتوا يشترطون على الناس الدفع بالدولار الأميركي النقدي وإلا قطع الكهرباء، مستغلين الانقطاع الكامل لكهرباء الدولة والجوّ الحار الذي يحتّم على المواطن تأمين الكهرباء والرضوخ رغم الابتزازات الفاضحة.

محطة محروقات في لبنان (حسين بيضون)

وبدأت أصوات مختلف القطاعات تعلو بضرورة التسعير بالدولار، على أن يدفع المواطن وفق سعر الصرف اليومي، بما فيها القطاعات الغذائية، رغم أن قانون حماية المستهلك يمنع التسعير بالدولار.

وتعمد محال السوبرماركت إلى تغيير أسعار السلع والبضائع بشكل يوميّ، ويقول صاحب سوبرماركت في بيروت لـ"العربي الجديد"، إن "هناك صعوبة كبيرة في تحديد أسعار السلع الغذائية وأنواع المواد والبضائع بسبب تقلبات سعر الصرف".

ويضيف: "الأسعار ارتفعت بشكل كبير هذا الأسبوع، في مسار لم نعتد عليه باعتبار أن الدولار كان يرتفع ببطء، وسط تقلبات مقبولة، لكن في الأيام القليلة الماضية بدأ يسجل زيادات سريعة وبأكثر من ألفين في اليوم الواحد، الأمر الذي خلق فوضى في السوق، وضياعا في تحديد الأسعار التي تختلف بين محل وآخر".

ويشير صاحب السوبرماركت إلى أن "هذا الوضع يؤدي إلى خلق مواجهات بيننا وبين الزبائن الذين يعترضون على الأسعار، ويعبّرون عن امتعاضهم منها، لكننا مرغمون على ذلك، فنحن نخسر كثيراً، والربح ما عاد موجودا في قاموسنا، كما كان الحال على أيام الـ1500 ليرة".

بدوره، يقول صاحب محل فواكه وخضار في بيروت، لـ"العربي الجديد"، إن "الأسعار اختلفت كثيراً في الأيام القليلة الماضية، فالبندورة مثلاً ارتفعت أكثر من 5 آلاف ليرة، وأصبح الكيلوغرام بـ33 ألفاً، وكذلك الملفوف على سبيل المثال أصبح بحوالي 24 ألف ليرة بينما كان 17 ألفاً، لافتاً إلى أن "الارتفاع مرتبط بزيادة أسعار المحروقات أيضاً وليس بالدولار فقط، باعتبار أن كلفة النقل من الجنوب والبقاع وطرابلس زادت كثيراً، كذلك بغلاء الأقفاص والأكياس وما إلى ذلك".

ويشير إلى أن "التسعير بات يومياً، وأحياناً نسعّر البضائع مرّتين في اليوم، صباحاً وبعد الظهر، فالتاجر يرفع السعر، ما يدفعنا إلى تغيير أسعارنا، والفروق التي نضعها تختلف بحسب الأصناف، سواء فواكه أو خضار".

ويلفت صاحب المحل إلى أن "فاكهة الصيف تشهد ارتفاعاً كبيراً مثل كيلوغرام الكرز الذي يبلغ 50 ألفاً والمشمش أيضاً، وغداً يمكن أن يرتفع إلى 60 ألفاً وأكثر، حسب تسعير البضائع، علماً أن الأسعار تختلف كثيراً بين محلٍّ وآخر، فهناك من يريد أن يستغل الوضع لتحقيق أرباح، فيسعّر كيلوغرام المشمش مثلاً بـ80 ألف ليرة وكله في ظل غياب الرقابة".

ويضيف: "إقبال الناس على الشراء خف كثيراً في الأيام الماضية، ومن كان من الزبائن يشتري بالكيلوغرام، أصبح يطلب نصف كيلوغرام، أو يشتري بالحبّة مثلاً، وهو واقع لم نشهده يوماً".

ويجتمع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، بعد ظهر اليوم، مع ممثلي النقابات الغذائية للبحث في تداعيات ارتفاع سعر صرف الدولار، ولبلورة الخطوات المستقبلية للحفاظ على الأمن الغذائي.

سعر جديد لربطة الخبز في لبنان

وحدّدت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، اليوم الجمعة، سعر ربطة الخبز على النحو الآتي: ربطة الخبز من القياس الصغير وزن 365 غراما بـ9 آلاف ليرة، ربطة من القياس الوسط وزن 825 غراما بـ15 ألف ليرة.

وقالت الوزارة في بيان صادر عنها إن التسعيرة الجديدة "حتّمها الارتفاع السريع بسعر صرف الدولار كما الارتفاع الكبير في سعر المحروقات ما يؤثر مباشرةً في سعر إنتاج الطحين وفي أكلاف إنتاج ربطة الخبز والنقل، إلى جانب ارتفاع سعر القمح في الأسواق العالمية نتيجة الأزمة الأوكرانية".

"فيتش": خروج لبنان من تعثر ديونه لا يزال صعباً

قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إن خروج لبنان من وضع التخلف عن سداد الدين ما زال صعبا بعد الانتخابات الأخيرة، مضيفة أن نتائج انتخابات 15 مايو/أيار غير الحاسمة تزيد من صعوبة تمكن أي معسكر من تشكيل أغلبية حاكمة مستقرة في البرلمان.

ونبهت الوكالة إلى أن الانتماءات السياسية لعدد من النواب ليست واضحة دائما.

المساهمون