يشهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية منذ بدء الحديث عن تطورات سياسية إيجابية تأرجحاً بين الانخفاض والارتفاع حتى بلغ تفلّته الأشدّ أول من أمس، مع تكليف نجيب ميقاتي، تشكيل الحكومة الجديدة، ما انعكس بفوضى شاملة في الأسواق.
ولم تستجب أكثرية المؤسسات التجارية إلى طلبِ وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راؤول نعمة خفض الأسعار، رغم تلويحه باللجوء إلى فرض أقصى العقوبات عند حصول أي عملية تلاعب أو غشٍّ.
ويشكو المواطنون اللبنانيون من عدم تبدّل الأسعار انخفاضاً على صعيد المواد الغذائية، وهناك سلع ما زالت على حالها رغم أنّ أسعارها كانت من الأساس غير منطقية ومسعرة على 24 ألف ليرة و25 ألف ليرة للدولار الواحد، بشكل يفوق حتى تسعيرة السوق السوداء (وصل الدولار في أقصى حدّ إلى 23 ألف ليرة).
والتجار يسرحون ويمرحون ويجنون الثروات بلا حسيبٍ أو رقيب ويستغلون الأزمة غير آبهين بوضع الناس وانعدام قدرتهم الشرائية وفق مستهلكين.
تقول أم لأربعة أولاد في سوبرماركت في بيروت بينما كانت تزيل أغراضا اشترتها من الصندوق لأنها لا تملك المال الكافي لدفع ثمنها وقد اعتقدت أنها خفّضت بينما لم تكن مسعّرة على الرفّ، لـ"العربي الجديد" طالبة عدم ذكر اسمها، إنّ "البضائع ما زالت على حالها، كنت أتوقع انخفاضها أقلّه بألفين وثلاثة آلاف لكنها لم تتغير، ونحن لم نعد نقوى على شراء أي مادة أو سلعة حتى الأساسية منها، بما في ذلك مياه الشرب التي ترتفع بدورها".
وتضيف: "عملة المائة ألف ليرة التي كانت تشتري 20 و30 صنفاً أصبحت تشتري غرضاً أو اثنين بالكثير من الأساسيات التي باتت تتساوى مع أسعار الرفاهيات قديماً، أما الفواكه فعالمٌ آخر... الشراء بالحبة لا الكيلوغرم".
ويقول صاحب سوبرماركت في الأشرفية، بيروت، لـ"العربي الجديد" إنّ "وزارة الاقتصاد لا يمكنها أن تطلب من أصحاب المؤسسات خفض أسعارهم فوراً وفي خلال أربع وعشرين ساعةٍ باعتبار أنّ البضائع كلّها تم شراؤها على سعر الصرف المرتفع الذي وصل في منتصف الشهر الجاري إلى 23 ألف ليرة لبنانية".
ويؤكد أنّ "صاحب أي مؤسسة يريد ضمانات بأنّ سعر الصرف أصبح مستقرّاً كي يُصار إلى تثبيت الأسعار، حتى عندما أصدر وزير الاقتصاد بيانه كان الدولار انخفض إلى حدود 15 ألف ليرة لبنانية لكن بعد أقلّ من ساعتَيْن عاد السعر وارتفع إلى عشرين ألف وهو يتبدّل منذ الاثنين بين 19 و18 و17 ألفا فكيف يمكننا أن نسعّر البضائع بهذه الحالة؟".
تلفت نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك، ندى نعمة، لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الأسعار لم تشهد أي انخفاض وما زالت على حالها" مشددة على أنّنا أمام "فوضى اقتصادية كبيرة"
وتلفت نائبة رئيس جمعية حماية المستهلك، ندى نعمة، في حديثها لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الأسعار لم تشهد أي انخفاض وما زالت على حالها" مشددة على أنّنا أمام "فوضى اقتصادية كبيرة".
وتشير نعمة إلى أنّ "شكاوى كثيرة تصل إلينا من المواطنين حول غلاء الأسعار، وعلى وزارة الاقتصاد أن تضرب بيدٍ من حديد وتتحرك لتحاسب كلّ من يحاول التلاعب وتحقيق أرباح على حساب الناس الذين يئنون بفعل الأزمات المتفاقمة".
وتقوم بلديات في بعض المناطق اللبنانية بدوريات على السوبرماركت لمراقبة مدى التزامها بقرار وزارة الاقتصاد بعد هبوط سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وقد عمدت بلدية الغبيري في بيروت، إلى إقفال أكثر من أربعة محال سوبرماركت لعدم تقيّدها بخفض أسعار السلع والمواد الغذائية.
وفي السياق، يقول مصدر في وزارة الاقتصاد لـ"العربي الجديد" إنّ دوريات مكثفة بمساعدة عناصر البلديات والأجهزة الأمنية والمعنية تنفذ على السوبرماركت والمتاجر في مختلف المناطق للتدقيق بالأسعار ومحاسبة المخالفين.
من جهته، يؤكد نقيب مستوردي المواد الغذائية، هاني بحصلي لـ"العربي الجديد" أنّ "أكثرية المستوردين أبلغوني أنهم يسعّرون بضائعهم وفق سعر الصرف اليومي بعدما وصل إلى 19 ألف ليرة للدولار من 22 و23 ألفاً، وهناك من يتريث بانتظار استقرار الأسعار قليلاً، لكن في المقابل، لا سلطة لنا على أصحاب المؤسسات، من هنا يجب التفريق بين نقابة المستوردين ونقابة السوبرماركت، كذلك على المعنيين أن يقوموا بدورهم الرقابي".
ويقول بحصلي: "هذه الدوّامة ندخل بها دائماً في ظلّ تفلّت سعر صرف الدولار وسط صعوبة التسعير أو البيع تبعاً لغياب الاستقرار والثبات، علماً أنّ الوضع ينطبق أيضاً على المستهلك الذي أحياناً كثيرة يترقب ويتريث في عملية الشراء تبعاً لحركة الدولار، وهذه الظروف كلّها ليست مناسبة للعمل وغير مقبولة".