لم يسجل العراق البدء بأيّ مشروع خدمي في البلاد رغم الاقتراب من انتهاء النصف الأول من العام الحالي 2021 في نهاية الشهر الحالي، وإقرار الموازنة المالية نهاية مارس/ آذار الماضي وعلى مستوى جميع القطاعات لا سيما الخدمية منها مثل وزارة الصحة التي تستشعر الحكومة بضغط شعبي كبير حيالها بسبب تراجع مستوى الخدمات المقدمة بالمستشفيات، فضلاً عن قطاع الطرق والجسور.
مؤخراً، كشف مسؤولون عراقيون أنّ 6250 مشروعاً في مختلف المجالات، ومنها الصحة والتعليم والسكن والنقل والمجاري والماء والكهرباء وقطاعات التنمية، تواجه مشاكل كبيرة بسبب قلة التمويل وعدم توفير التخصيصات المالية لإنجازها. ووفقاً لتصريح مسؤول عراقي في وزارة المالية بالعاصمة بغداد، لـ"العربي الجديد"، فإنّ المبالغ المرصودة في موازنة العام الحالي للمشاريع الخدمية تعدّ الأقل مقارنة بسابقاتها ولا تتجاوز 10 في المائة من مجموع الموازنة البالغة نحو 88 مليار دولار، وتأتي ضمن رؤية الحكومة في تجاوز الأزمة المالية التي ضربت البلاد بفعل تراجع أسعار النفط وما خلفته جائحة كورونا على البلاد.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: "لكن، في العموم، يرجع توقف المشاريع إلى تأخر إقرار الموازنة حتى نهاية مارس/ آذار الماضي وما تبعه من مشاكل إدارية واعتراضات بوجه تصديق رئاسة الجمهورية عليها حتى تصبح نافذة، ما تسبب بانقضاء نحو نصف عام من دون المباشرة بأيّ مشروع خدمي".
ووفق المسؤول فإنّ بقية أشهر العام لا يتوقع منها الكثير على مستوى تنفيذ المشاريع المرصودة بسبب ضيق الوقت والانتخابات المقررة في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل وتحول الحكومة بعدها إلى تصريف أعمال، فضلاً عن التوتر السياسي والأمني في مناطق عدة من البلاد".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "بنود موازنة 2021 لا تتضمن مشاريع خدمية جديدة، وإنّما التركيز فقط على إتمام المشاريع غير المنجزة". وأوضح أنّ "المشاريع غير المنجزة في العراق بلغت نحو 6500 مشروع، منقسمة ما بين مشاريع كبيرة ومتوسطة وصغيرة" لافتاً إلى أنّ "هذه المشاريع بحاجة إلى ما لا يقل عن 125 أو 130 تريليون دينار عراقي لإنجازها بشكل كامل، فيما الرؤية الحكومية تركز على إنجاز الأهم منها".
وكانت الحكومة العراقية قد صوتت بعد مخاض عسير من الخلافات والصراعات على موازنة 2021 في 31 مارس/ آذار الماضي بواقع 129 تريليون دينار (ما يعادل نحو 88 مليار دولار)، وبعجز متوقع بلغ 28 تريليون دينار (19 مليار دولار).
من جانبه، قال عضو البرلمان العراقي، كامل الغريري، إنّ "التخصيصات المالية لغاية اللحظة لم تصل إلى الوزارات، ولم تنفَّذ مشاريع خدمية، باستثناء عدد قليل جداً في بعض مناطق جنوب العراق التي شهدت تظاهرات واحتجاجات شعبية في الآونة الأخيرة". وأضاف لـ"العربي الجديد" أنّ "العراق يحتاج إلى كثير من المشاريع الخدمية لسدّ النقص في بناء المراكز الصحية والمستشفيات والمدارس والبنى التحتية، لكنّ هذه المشاريع تحتاج إلى أموال لتنفيذها" لافتاً إلى أنّ "الموازنة لم تخصص لها أموالاً كافية، داعياً الحكومة العراقية ووزارة التخطيط إلى إعادة جدولة المشاريع مع وزارة التخطيط، من أجل زيادة التخصيصات المالية، لأنّها لا تلبي احتياجات العراقيين".
وعزا الغريري غياب المشاريع الخدمية إلى "غياب التخصيصات المالية الكافية لإنجاز هذه المشاريع، بالإضافة إلى التناحر الحزبي والسياسي الذي أدخل البلاد في نفق مظلم".
وفي سياق ذلك، قال مدير شركة "الخيرات للمقاولات" مثنى السلامي، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "تنفيذ المشاريع الخدمية في العراق خلال عام 2021 غير ممكن بسبب عدم توفر تخصيصات مالية تكفي لتنفيذ المشاريع الخدمية التي تُحال إلى الشركات الخاصة". وأضاف أنّ "أغلب الشركات لا تثق بالحكومة في التزاماتها المالية، لأنّها لم تسدد ما بذمتها من أموال إلى أصحاب الشركات المتعاقدة معها منذ سنوات عدة".
وقال الخبير الاقتصادي العراقي، منتظر السوداني، لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد المشاريع الخدمية في مختلف المجالات كبير جداً، ومنها مشاريع ضخمة ومتوسطة وصغيرة، ولتنفيذ كلّ المشاريع المطروحة أو على الأقل الملحّ منها، يحتاج العراق إلى أكثر من 100 مليار دولار لتنفيذ المشاريع الخدمية وإعادة تجهيز بنيته التحتية". وأضاف أنّ التخصيصات المالية المرصودة لتنفيذ هذه المشاريع في جميع محافظات العراق لا تكفي سوى لتنفيذ المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لافتاً إلى أنّ الحكومات المحلية في كلّ محافظة، تواجه صعوبات كبيرة في كيفية إنفاق التخصيصات المالية على هذه المشاريع.