لا أثر لتراجع التضخم على جيوب التونسيين... الغلاء يرهق الأسر

24 مارس 2024
الأسعار في تونس تشهد زيادة متسارعة منذ عامين (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تراجع التضخم في تونس للشهر الحادي عشر على التوالي إلى 7.5% في فبراير/شباط، لكن دون تحسن ملموس في معيشة المواطنين بسبب استمرار ارتفاع أسعار الاستهلاك.
- استخدمت السلطات النقدية رفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم، مما أدى لانخفاضه من 10.4% إلى 7.5%، لكن الفقر والاستدانة بين الأسر لا يزالان يتزايدان.
- تواجه تونس تحديات اقتصادية متعددة تفاقم من التضخم، مثل ارتفاع أسعار الغذاء وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، مع نمو اقتصادي لا يتجاوز 0.4% في 2023.

سجّل التضخم في تونس تراجعاً للشهر الحادي عشر على التوالي خلال فبراير/شباط الماضي، وصولاً إلى مستوى 7.5%، غير أن تحسّن المؤشرات لا يترك أثراً على معيشة التونسيين الذين يواجهون غلاءً قياسياً هوى بقدراتهم الإنفاقية إلى أدنى مستوياتها.

وتكشف الأرقام الرسمية لمعهد الإحصاء الحكومي، أن هبوط التضخم لم يقابله تحسّن في مؤشر الأسعار عند الاستهلاك الذي يواصل تحركه صعوداً مخلفاً ضغوطاً معيشية على طيف واسع من المواطنين.

وخلال الشهر الماضي ارتفع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك بنسبة 0.2% بعد ارتفاع بنسبة 0.6% خلال يناير/كانون الثاني 2024. وقال معهد الإحصاء إن هذا الارتفاع يرجع بالأساس إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.7% وارتفاع مجموعة الصحة بنسبة 5.2%.

وعلى امتداد أكثر من سنة خاضت السلطات النقدية حرباً ضد التضخم، مستخدمة في ذلك أداة رفع سعر الفائدة، ما أدى إلى نزول معدل التضخم من 10.4% في فبراير/شباط 2023 إلى 7.5% في نفس الشهر من العام الجاري.

لكن التونسيين لا يشعرون بأي أثر لتراجع التضخم على معيشتهم اليومية، حيث توسع الفقر ليشمل نحو 4 ملايين نسمة، كما ترهق الاستدانة أكثر من 34% من الأسر التي تعتمد على الاقتراض لتسيير نفقاتها.

ويقرّ الخبير الاقتصادي خالد النوري بوجود تباين في مؤشرات التضخم المفصح عنها رسمياً والواقع المحسوس، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تؤكد أن تونس دخلت في مرحلة ركود تضخمي.

يقول النوري لـ"العربي الجديد" إن أغلب المختصين في الاقتصاد الكمي يؤكدون وجود خلل في منظومة حساب مؤشر التضخم، ذلك أن كل نزول في النسبة يفترض أن يقابله تراجع في مؤشر الأسعار وزيادة في نسب النمو، بينما يحصل العكس بالنسبة لتونس.

ويعتبر الخبير الاقتصادي التونسي أن مؤشر التضخم في بلده يحيط به لبس ويطرح حوله العديد من التساؤلات، مرجحا أن تكون هناك نيّة رسمية نحو تأطيره بهدف حوكمة الزيادة في الأجور وخفض نسبة الفائدة.

وتشهد الأسعار في أسواق تونس زيادة متسارعة منذ عام 2022، إذ تأثرت بتبعات الحرب الروسية الأوكرانية كما بقية اقتصادات العالم، فضلا عن تداعيات الجفاف، ما تسبب في تضخم قياسي عالجه البنك المركزي التونسي بزيادة أسعار الفائدة في 5 مناسبات قبل أن يجري تثبيتها أخيراً عند 8%.

ويعتبر النوري أن نسبة النمو المحققة لا تسمح بتحسين مستوى عيش المواطنين وزيادة قدرتهم على الإنفاق، ما يفاقم شعورهم بالتضخم والغلاء. وخلال عام 2023 حققت تونس نسبة نمو لم تتجاوز 0.4%، وسط توقعات رسمية بأن ترتفع إلى 3% خلال العام الجاري.

كما تسبب التضخم والغلاء في إحباط كل محاولات تحسين موارد الأسر، ولا سيما طبقة الموظفين الذين حصلوا على زيادات في الدخول لا تزيد عن 471 ديناراً (حوالي 150 دولاراً) خلال الفترة بين 2015 و2022، وفق بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي.

يرى وزير التجارة السابق محسن حسن، أن تواصل ارتفاع أسعار الغذاء والخدمات من أبرز أسباب عدم شعور المواطنين بتأثير تراجع التضخم على حياتهم اليومية.

ويقول حسن لـ"العربي الجديد" إن مجموعتي الغذاء والخدمات لم تسجلا تراجعاً على مستوى الأسعار رغم أهميتهما في سلة الإنفاق، وهو ما يفسر تواصل الضغوط التضخمية رغم تراجع النسب رسمياً.

ويضيف حسن أنه "في ظل تواصل النسق التصاعدي لأسعار الغذاء، لا بد من تحسين القدرة الشرائية للأسر عبر مصادر مالية بديلة، من بينها خفض سعر الفائدة على القروض لإسعاف ثلثي الأسر المدينة للبنوك".

ووفق معهد الإحصاء، تخصص الأسر الحاصلة على قروض مصرفية حوالي 43% من مداخيلها لدفع ديونها، وترتفع هذه النسبة إلى 60% في بعض الأحيان للعديد من العائلات.

وشهد مؤشر أسعار مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا بنسبة 0.7% خلال فبراير/شباط مقارنة بالشهر السابق له، ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار لحم الضأن بنسبة 3.8%، وأسعار لحم البقر بنسبة 1.6%، وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 1.2%، وأسعار الخضر بنسبة 0.9%.

كذلك شهدت أسعار مجموعة الصحة ارتفاعاً بنسبة 5.2% نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية بنسبة 10.5%، وأسعار الخدمات الطبية لدى القطاع الخاص بنسبة 0.2%.

والشهر الماضي، أعلنت تونس زيادة في أسعار 280 صنفاً من الأدوية الأساسية، بهدف تحسين مردودية تصنيعها محلياً.

المساهمون