- المحللون يتوقعون "مرحلة إعادة النظر" في السياسات الحكومية، خاصة تلك المتعلقة بسعر صرف الليرة والتضخم، مع تركيز على معاناة الأتراك بدلاً من إرضاء الوكالات الدولية.
- الأسر التركية تواجه ضغوطًا اقتصادية متزايدة، مع ارتفاع خط الفقر والجوع، مما يدعو إلى رفع الحد الأدنى للأجور وتشديد الرقابة على الأسواق لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
تعالت آمال الأتراك بتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي، بعد تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصحيح أي أخطاء قادت إلى المشاكل الاقتصادية، وذلك بعد إعلان نتائج الانتخابات المحلية وخسارة حزب العدالة والتنمية أمام حزب "الشعب الجمهوري" المعارض.
ويتوقع محللون أن تبدأ "مرحلة إعادة النظر" من أجل تصويب أداء الحكومة، خصوصاً في ما يتعلق بسعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية والتضخم وسعر الفائدة.
وتكشف مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الرئيس التركي التقى 17 وزيراً بحكومته قبل خطاب "الشرفة" الذي ألقاه في الساعات الأولى من يوم الاثنين من مبنى حزب العدالة والتنمية في أنقرة.
وتوقعت المصادر أن التعليمات الجديدة وتصويب الأخطاء ستظهر خلال أول اجتماع متوقع يترأسه أردوغان قبل عيد الفطر الأسبوع المقبل.
تعهد أردوغان بتصحيح أي أخطاء قد تكون قادت إلى هزيمة حزبه في الانتخابات المحلية، حيث استفادت المعارضة من المشاكل الاقتصادية
وفي كلمته، تعهد أردوغان بتصحيح أي أخطاء قد تكون قادت إلى هزيمة حزبه في الانتخابات المحلية، حيث استفادت المعارضة من المشاكل الاقتصادية ونفور الناخبين، ما أثار حالة من عدم اليقين بشأن خططه الإصلاحية.
ويرجح الخبير الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن تعيد الحكومة التركية النظر في مسائل عدة تتعلق ببرنامجها الاقتصادي، خصوصاً ما يتعلق بالتضخم وغلاء الأسعار التي أكلت زيادة الأجور ورفعت من معدلات الفقر.
يقول كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد": "بعد صفعة خسارة الانتخابات المحلية، فإن الحكومة مطالبة بالوقوف أكثر على معاناة الأتراك ومشاكلهم المعيشية، وعدم السعي وراء إرضاء الوكالات الدولية للتصنيف الائتماني بذريعة جذب الاستثمارات".
ويضيف أن نهج التشدد النقدي ورفع سعر الفائدة، من 8.5% إلى 50% لم ينعكس على نسبة التضخم ولا حتى على سعر صرف العملة التي تراجعت من 18 إلى 32.2 ليرة أمام الدولار، متوقعاً وقف رفع سعر الفائدة والبدء بمرحلة التيسير للمحافظة على نمو الناتج الإجمالي وعودة النشاط للأسواق التي بدأت تعاني من الجمود.
ويشير الاقتصادي التركي إلى أن التضخم التهم زيادة الحد الأدنى للأجور التي جرت مطلع العام الجاري، حيث لم تفلح الحكومة بتقليص التضخم حتى الآن، بل يزيد على 64% على أساس سنوي، كذلك إن استمرار تراجع سعر الليرة يفرض طرح زيادة جديدة للحد الأدنى للأجور منتصف العام الجاري، رغم أن زيادة الكتلة النقدية يمكن أن تساهم في بقاء التضخم عند مستوياته المرتفعة.
وكان اتحاد نقابات العمال التركية قد كشف، الاثنين، عن ارتفاع خط الفقر والجوع في تركيا خلال مارس/ آذار الماضي، حيث ارتفع خط الفقر إلى 54700 ليرة سنوياً، فيما زاد خط الجوع إلى 16793 ليرة.
أويصال لـ"العربي الجديد": "أتوقع وقف سياسة رفع سعر الفائدة وانتهاء مرحلة التشديد النقدي وتحسين واقع المعيشة، ولا أتوقع تغييراً حكومياً الآن"
ويشير تقرير نقابات العمال إلى تأثير الزيادة في أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.29% شهرياً و75.09% سنوياً في الظروف المعيشية للمواطنين، ما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية بشكل ملحوظ.
ولفت إلى أن الانخفاضات السابقة في أسعار المنتجات قبل الانتخابات، بما في ذلك التخفيضات الرمضانية، لم تكن كافية للتوازن مع الارتفاعات الحادة في أسعار المواد الغذائية، ما سبّب تدهور القوة الشرائية بشكل ملحوظ.
ويأتي تقرير اتحاد العمال في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الأُسَر التركية، وزيادة الحاجة الملحّة إلى اتخاذ إجراءات للحد من تزايد الفقر التي يراها الاقتصادي التركي مسلم أويصال "تأتي من خلال رفع الحد الأدنى للأجور ومن خلال تشديد الرقابة على الأسواق ولجم جشع التجار الذين يستغلون تذبذب سعر الصرف ويدولرون سلعهم (ربط سعرها بالدولار) من دون مبرر وحتى لو كانت جميع مكونات إنتاجها محلية".
ويقول أويصال لـ"العربي الجديد": "أتوقع وقف سياسة رفع سعر الفائدة وانتهاء مرحلة التشديد النقدي وتحسين واقع المعيشة، ولا أتوقع تغييراً حكومياً الآن".
ويشير أويصال إلى أن أوساطاً حكومية بدأت ببحث زيادة ثانية للحد الأدنى للأجور هذا العام، على الرغم من أن وزير العمل وداد إيشيق هان، قال في وقت سابق إن عام 2024 لن يشهد سوى رفع واحد للحد الأدنى للأجور، "لن نعقد اجتماعاً ثانياً في يوليو/ تموز المقبل، ولا نعتقد أن هناك حاجة إلى زيادة ثانية".
وكانت تركيا قد رفعت في يناير/ كانون الثاني الماضي الحد الأدنى للأجور من 11402 ليرة إلى 17002 ليرة، بزيادة تبلغ نسبتها 49% عن المستوى المحدد في يوليو/ تموز من العام الماضي، و100% عن يناير/ كانون الثاني 2023.
ويرتفع الحد الأدنى للأجور في تركيا بحسب نسبة التضخم. وكان مطلع عام 2022 يبلغ 4253 ليرة تركية، ليرتفع إلى 5500 ليرة في منتصف العام نفسه، ثم إلى 8506 ليرات في بداية 2023، وإلى 11402 ليرة في يوليو/ تموز من ذات العام، قبل الزيادة الأخيرة في الشهر الأول من هذا العام التي أوصلته إلى 17002 ليرة.