كيف غير لولا دا سيلفا الزعيم الآتي من الفقراء "بلاد السامبا"

02 نوفمبر 2022
ابتدع دا سيلفا حملة القضاء على الجوع وتنمية رأس المال البشري (Getty)
+ الخط -

ولد لولا دا سيلفا الرئيس الفائز في الانتخابات البرازيلية في قرية فقيرة في منطقة ريفية في ولاية بيرنامبوكو شمال شرقي البرازيل، ثم انتقلت عائلته إلى مدينة ساو باولو عندما كان طفلاً صغيرًا.

وقضى سنواته الأولى موظفا في مصنع في صناعة السيارات، وعضواً فاعلاً في نقابات العمال التي تقع في الحزام الصناعي حول ساو باولو، وأصبح في النهاية رئيسًا لنقابة عمال المعادن، وقاد موجة إضرابات بين أعوام 1978 و1980.

كما شارك لولا دا سيلفا في تأسيس حزب العمال، وهو حزب سياسي يساري تم إنشاؤه في السنوات الأخيرة من الديكتاتورية. بعد ترشحه للرئاسة دون جدوى في أعوام 1989 و1994 و1998، ظهر لولا في صورة جديدة بينما كان يستعد لتقديم محاولته الرابعة في عام 2002.

تسببت آراؤه الماركسية في إثارة القلق بين الكثير من الناخبين الذين تخوفوا من أنه سيحول البرازيل إلى دولة ماركسية متطرفة، إذا تم انتخابه رئيسًا

وحسب تقرير بجامعة "براون يونيفرستي" الأميركية، بذل لولا جهداً لتغيير صورته التي ارتسمت في أذهان الناخبين كشخص يفتقر إلى الخبرة في الإدارة العامة.

كما تسببت آراؤه الماركسية في إثارة القلق بين الكثير من الناخبين الذين تخوفوا من أنه سيحول البرازيل إلى دولة ماركسية متطرفة، إذا تم انتخابه رئيسًا للبرازيل.

وأثيرت التساؤلات وقتها كيف سيغير السياسات الاقتصادية، وماذا سيكون نهجه تجاه السياسة الخارجية والاستثمار الأجنبي في البرازيل، وكيف سيقلل من الديون البرازيلية الهائلة ويزيد الاستثمار في البلاد، ومع ذلك، كان السؤال الحقيقي هو ما إذا كان الشعب البرازيلي مستعدًا للتصويت لشخص ماركسي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

لكن على الرغم من كل هذه المخاوف، تم انتخاب لولا رئيساً للبرازيل في العام 2002 في الجولة الثانية من الانتخابات وحصل على 52 مليون صوت، أو 61.3% من مجموع أصوات الناخبين.

وتمكن لولا بعد انتخابه من إحداث تطورات مهمة في المجتمع البرازيلي. من بين أبرزها البرنامج الاجتماعي الاقتصادي الذي يطلق عليه باللغة البرتغالية "بولصا فأميليا" أو " العلاوة العائلية" الذي أنشأه لولا في عام 2003 خلال فترة من الاستقرار الاقتصادي المتزايد.

تمنح "العلاوة العائلية"، الأسر التي تعيش في فقر مدقع ويقل دخل الفرد فيها عن 70 ريالًاً برازيلياً أو حوالي 35 دولاراً في الشهر وقتها مبلغًا صغيرًا من المال.

وكذلك تمنح العلاوة للعائلات التي لديها أطفال ويقل دخل الفرد فيها عن 140 ريالاً أو 70 دولارًا شهرياً. يمنح البرنامج مبلغًا صغيرًا من المال لكل طفل (حتى ثلاثة أطفال) طالما تلتزم الأسرة بإعالتهم وتثبيتهم في المدرسة وتلتزم بعدم تشغيلهم في فترة الطفولة.

يُعزى سدس نجاح البرازيل في الحد من الفقر إلى هذا البرنامج، الذي لم يكلف اقتصاد البلاد سوى 0.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي

ثم ابتدع حملة القضاء على الجوع وتنمية رأس المال البشري. ويشير تقرير جامعة براون الأميركية إلى أن البرنامج ساهم في تنمية اقتصاد الأسرة البرازيلية والتحقت به نحو 12.4 مليون أسرة خلال الأعوام بين 2002 والعام 2010.

ويُعزى سدس نجاح البرازيل في الحد من الفقر إلى هذا البرنامج، الذي لم يكلف اقتصاد البلاد سوى 0.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي البرازيلي.

لكن رغم ذلك وجهت انتقادات للبرنامج الاقتصادي الاجتماعي الهائل الذي أحدث ثورة في بناء البرازيل الحديثة، حيث يرى اقتصاديون أن البرنامج ركز على الريف أكثر من المدن، وقالوا إن نسبة مئوية أكبر من الأسر المسجلة بالبرنامج كانت في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية، على الرغم من أن نسبة الفقر المدقع بالمناطق الحضرية أكبر من الريفية.

كما تمكن لولا خلال دورتي حكمه من زيادة الحد الأدنى للأجور في البرازيل من 200 ريال برازيلي إلى 510 ريالات (100 دولار إلى 205 دولارات) خلال فترة رئاسته.

علاوة على ذلك، تم خلق 13 مليون فرصة عمل جديدة. كما منح لولا البرازيليين شعوراً بالأمل خلال دورتي رئاسته وبذل جهوداً كبيرة في إعادة توزيع الدخل بالبلاد.

وعلى الرغم من أن لولا انتخب من قبل المجتمع اليساري في البرازيل في العام 2002، إلا أنه اتبع سياسة اقتصادية محافظة ومتوازنة مع المؤسسات المالية الدولية، وتبنى سياسات تنمية التجارة البرازيلية مع الدول الرأسمالية.

عززت حكومة لولا التجارة خلال الثماني سنوات التي حكم فيها حيث زاد الفائض التجاري، وهما عاملان مسؤولان إلى حد كبير عن تخفيف الديون والنمو

وعززت حكومة لولا التجارة الخارجية للبرازيل خلال الثماني سنوات التي حكم فيها حيث زاد الفائض التجاري، وهما عاملان مسؤولان إلى حد كبير عن تخفيف الديون والنمو الاقتصادي في البرازيل.

كما ارتفع النمو الاقتصادي بالبلاد من 1.9% إلى 5.2%، وزاد في فترة حكمه الفائض التجاري للبرازيل من 13.1 مليار دولار إلى 33.3 مليار دولار. وكان لولا محارباً شرساً للفقر في البرازيل واستثمر بقوة في البرامج الاجتماعية.

المساهمون