تداعيات فيروس كورونا تحطم حلم طالب سوري في العمل بألمانيا

04 فبراير 2021
انتشار كورونا أوقف موجة من وفرة الوظائف في ألمانيا(Getty)
+ الخط -

عندما حصل عبد القادر تيزيني على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من جامعة "آر.دبليو.تي.اتش آخن" إحدى أرقى الجامعات التقنية في ألمانيا اعتقد أنه لن تمر أسابيع قبل أن يحصل على الوظيفة التي يحلم بها.
لكن بعد ما يزيد على شهر انتشر فيروس كورونا في ألمانيا لتتوقف موجة من وفرة الوظائف استمرت عشر سنوات في سوق العمل بالبلاد.
والآن بعد أن قدم حوالي 800 طلب للحصول على وظيفة وحضر 80 مقابلة، لا يزال تيزيني الشاب السوري البالغ من العمر 29 عاما يبحث عن عمل.
قال تيزيني إنه حتى قبل الجائحة لم يكن من السهل الحصول على وظيفة في أكبر دول أوروبا اقتصاديا لكونه أجنبيا، مضيفا أن ذلك أصبح عائقا الآن بعد أن تقلصت الوظائف المتاحة.
وقال إن "الشركات تقول لنفسها: مع أجنبي سنضطر لشرح الفكرة مرتين أما مع المواطن الأصلي فسنشرحها مرة واحدة فقط’".

ومن شأن الاستغناء عن العمالة وتجميد التعيينات في آلاف الشركات الألمانية أن يجعل الخريجين الأجانب أمثال تيزيني يواجهون منافسة ضارية مع الخريجين والمهنيين العاطلين عن العمل من أبناء البلاد الأصليين.
ولا يحق لكثيرين من الخريجين الأجانب الحصول على إعانات البطالة أو المساعدات المقررة في إطار إجراءات مكافحة فيروس كورونا على النقيض من مواطني ألمانيا ورعايا دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة انجذب مئات الآلاف من الطلبة الأجانب إلى ألمانيا بفضل نظام التعليم الذي اكتسب سمعة عالية ويكاد يكون مجانيا وكذلك فرص العمل الكبيرة بعد التخرج.
وتوضح بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي أن عدد الطلبة الأجانب في ألمانيا زاد بنسبة 70 في المائة تقريبا في الفترة بين 2009 و2019.
حاجز اللغة والثقافة
قالت آنيا روبرت المستشارة بالجامعة والمختصة بتوجيه النصح للطلبة في ما يتعلق بالحياة العملية بعد التخرج، إن الطلبة الأجانب في ألمانيا يجدون صعوبات أكبر مما يواجهه الألمان في العثور على وظائف.
وأضافت أن الطلب على جلسات الاستشارة والدعم النفسي التي يقدمها فريقها زاد منذ مارس/ آذار عندما فرضت ألمانيا العزل العام الأول لمكافحة الجائحة.
وتابعت: "في فترات القلق هذه ينزع المرء إلى البحث عن الأمان بالاعتماد على المهارات المؤكدة من اللغة والخصائص الثقافية والتفاهم".
وقد ارتفع معدل البطالة في ألمانيا إلى 6.4 في المائة بعد أن فرضت الحكومة الإغلاق الأول، من خمسة في المائة في الأشهر السابقة. وبلغ المعدل ستة في المائة في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وخفف أثر الجائحة على سوق العمل في ألمانيا، خطة حكومية تسمح لأصحاب الأعمال بخفض ساعات العمل خلال فترة الركود الاقتصادي. لكن هذه الخطة تجعل توظيف عاملين جدد أكثر صعوبة.
وقال لودفيج كريستيان المتحدث باسم مكتب العمل الاتحادي إن بإمكان الشركات التي تشملها الخطة توظيف عاملين في حالات استثنائية إذا كان لديها سبب مقنع.
وأظهرت بيانات مكتب العمل أن عدد الوظائف الخالية الجديدة في ألمانيا انخفض خلال الفترة من إبريل/ نيسان 2020 إلى يناير /كانون الثاني الماضي بمقدار 430 ألفا أي 26 في المائة مقارنة بالفترة المقابلة من العام السابق.
تواصل رقمي
من التحديات الأخرى التي يواجهها الطلبة الأجانب ضعف شبكة معارفهم على المستويين المهني والاجتماعي، ومما يزيد الطين بلة إلغاء معارض الوظائف والمناسبات التي يمكن من خلالها إقامة علاقات أو تنظيمها على الإنترنت خلال الجائحة.
قالت يانا كوهلر التي تعمل في برلين في مجال استقدام عاملين من الخارج: "التواصل الاجتماعي أصبح ببساطة أكثر صعوبة خاصة إذا كنت من بلد آخر ولست معتادا على كيفية التواصل هنا".
كما أدى فرض العزل العام مرتين في الربيع والشتاء العام الماضي إلى إغلاق المطاعم ومتاجر التجزئة وهو ما أدى إلى انخفاض بالآلاف في فرص العمل بعض الوقت للطلبة لإعالة أنفسهم ماليا.
وفي إبريل/ نيسان الماضي أشركت الحكومة الألمانية الأجانب في برنامج لإتاحة قروض حسنة للطلبة. لكن الخريجين لم يحق لهم الاستفادة من هذا البرنامج.

كذلك فإن حق الطلبة الأجانب في الاستفادة من مساعدات البطالة مشروط بالإقامة في ألمانيا لمدة خمس سنوات وهو ما يعني أن كثيرين لا يستفيدون منها.
وقد استطاع تيزيني الاستمرار بفضل تحويلات شهرية من شقيقه.
وبعد كل هذا الوقت الذي استثمره وأكثر من عشرة آلاف يورو (أكثر من 12 ألف دولار) أنفقها على الدراسة في ألمانيا لا تمثل العودة إلى سورية خيارا بالنسبة له.
يقول تيزيني: "ما من سبيل للعيش سوى بانتظار المساعدة من الآخرين. فأنا أبذل كل ما في وسعي لكن هذا كله يذهب هباء".
(الدولار = 0.83 يورو)
(رويترز)