كورونا وأزمة العرب

12 فبراير 2020
البورصة السعودية خسرت نحو 100 مليار دولار (فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد العالمي يتوقع أن تأتيه الضربة الموجعة القادمة من تداعيات الحرب التجارية الشرسة بين الولايات المتحدة والصين، أو من الحرب الاقتصادية المكتومة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أو من زيادة الدين العالمي وتباطؤ الاقتصادات الكبرى وفي مقدمتها الأميركي والفرنسي والصيني والإيطالي، جاءت الضربة هذه المرة من مكان أخر غير متوقع هو الصين حيث انتشار فيروس كورونا القاتل الذي أثار الذعر في كل أسواق العالم، وهز البورصات الكبرى ومنها الأوروبية والأسيوية.

كما شل انتشار الفيروس حركة الطيران إلى الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتسبب في بطء حركة التجارة الدولية، وتراجع الطلب على النفط والغاز والمعادن والسلع الأولية والخدمات والسياحة باعتبار أن الصين هي السوق العالمية الأولى للمواد الأولية والسياحة.

ومنذ العام 2018 والعالم يترقب اندلاع أزمة مالية تفوق في حدتها أزمة صيف عام 2008 يصاحبها ظهور كساد اقتصادي عظيم يشبه كساد العام 1929 استنادا إلى معايير اقتصادية بحتة منها اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، عودة البنوك المركزية الكبرى إلى سياسة التيسيير النقدي، خفض سعر الفائدة على العملات الرئيسية مثل الدولار، أزمة البريكست في أوروبا، تراجع معدل النمو العالمي، نشوب أزمات في الاقتصادات الناشئة خاصة في دول أميركا اللاتينية مثل الأرجنتين وتشيلي والبرازيل والأكوادور، لكن الجميع صدم بأزمة انتشار كورونا وحجم الخسائر الناجمة عنه.

ويكفي هنا سرد عدة أرقام للتأكيد على حجم الكارثة التي يواجهها الاقتصاد العالمي جراء انتشار الفيروس المدمر، فالتقديرات الأولية تشير إلى أن خسائر العالم جراء كورونا تزيد عن 160 مليار دولار، وقد يفوق الرقم خسائر الأزمة المالية في العام 2018 والتي أطاحت ببنوك ومؤسسات مالية وتأمينية وعقارية كبرى وأدت إلى إفلاسها كما جرى في الولايات المتحدة وأوروبا.

كما أن الصين رصدت 170 مليار دولار لتخفيف الأضرار الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس، والبنك المركزي الصيني يضخ، ومنذ الكشف عن الفيروس، مليارات الدولارات في الأسواق للحد من الخسائر وطمأنة المستثمرين وأسواق المال.

لكن ماذا عن أزمة كورونا والعرب؟

نظرة سريعة لما حدث في البورصات العربية، خاصة الخليجية، عقب الإعلان عن كورونا تشي بحجم الخسائر الفادحة التي يمكن أن يتعرض لها العرب جراء انتشار الفيروس، فأسعار النفط فقدت نحو 20% من قيمتها خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي.

وهناك تراجع في استهلاك العالم من الطاقة، سواء النفط أو الغاز، جراء الأزمة العنيفة التي يمر بها الاقتصاد الصيني، أكبر مستهلك للنفط الخليجي، وهذا يلحق خسائر فادحة بالاقتصادات الخليجية وأسواق المال.

وحسب الأرقام، فإن البورصة السعودية خسرت نحو 100 مليار دولار في الفترة التي أعقبت الكشف عن الفيروس، وامتدت الخسائر إلى بورصات قطر والإمارات والكويت وغيرها.

وعدم تدفق السلع الصينية للأسواق العربية يمكن أن يرفع أسعار السلع بهذه الأسواق خاصة أن شريحة كبيرة من الأسر العربية تعتمد على هذه السلع الرخيصة رغم رداءة جودتها، وتزيد الأسعار في حال طال أمد الفيروس.

كما أن بطء حركة التجارة الدولية، خاصة المتعلقة بالسلع المتدفقة من الصين نحو أسواق العرب وأوروبا، ستؤثر سلبا على الاقتصادات العربية ومنها إيرادات قناة السويس.

وبما إن الصين هي المصدر الأول للسياح حول العالم فمن المتوقع أن يتباطأ تدفق سياحها إلى الدول العربية.

في كل الأحوال العرب خاسرون من أزمة كورونا، كما كانت خسارتهم في كل الأزمات الاقتصادية التي مر بها العالم خلال السنوات الماضية ومنها أزمة تراجع أسعار النفط في 2014.

المساهمون