كريغ بيكر ... سقوط مدوٍ لبطل الابتكار في "سيليكون فالي"

20 مارس 2023
تسبب بيكر في حالة من الخوف وارتدادات طاولت النظام المصرفي (فرانس برس)
+ الخط -

عرفت قصة نجاح كريغ بيكر، الرئيس التنفيذي السابق لمصرف سيليكون فالي، نهاية غير سارة، ليس فقط لبطلها، بل لكل من داروا في فلكه من عملاء ومستثمرين وموظفين في المصرف.

تسبب بيكر في حالة من الخوف وارتدادات طاولت النظام المصرفي في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، حيث سعت السلطات إلى محاصرة الخسائر تفاديا لأزمة مثل التي عاشها العالم قبل 15 عاماً خلال الأزمة المالية في 2008.

ولد كريغ بيكر قبل 55 عاماً، وشب وترعرع في وسط غرب الولايات المتحدة. درس المالية في جامعة إنديانا، وعمل في مصرف في ديترويت بميشيغن قبل الانضمام لمصرف سيليكون فالي في عام 1993.

تقلد العديد من المناصب في المصرف، قبل أن يتولى إدارته التنفيذية قبل أكثر من عقد من الزمن، ويحسب له رفعه إلى المركز السادس عشر ضمن مصارف الولايات المتحدة، بأصول قدرت بنحو 210 مليارات دولار تحت التدبير و175 مليار دولار من الودائع.

غير أن ما تميز به المصرف مع كريغ بيكر، هو لجوء مجموعته التي تنشط في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وإسرائيل إلى توفير التمويلات للشركات التكنولوجية الناشئة، حيث يمتد ذلك من مسك الحسابات المصرفية إلى تقديم المشورة عند الرغبة في الحصول على تمويلات من السوق.

دافع بيكر عن تخفيف القيود على القطاع المالي، فأتاح له ذلك المجازفة المالية، قبل أن تحدث الهزة الأخيرة في سياق انفلات التضخم ورفع معدلات الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأميركي.

ويحسب لبيكر تحويله مصرف سيليكون فالي من مؤسسة مقرضة إلى أحد أعمدة سيليكون فالي والاقتصاد التكنولوجي، ما يدفع المراقبين إلى التساؤل عما جرى في الكواليس قبل السقوط المدوي. وهو التساؤل الذي يريد وزير العدل الأميركي الحصول على جواب عنه.

وبيكر والمدير المالي للمصرف دانييل بيك، هدفان لشكاية من المساهمين في سيليكون فالي، بدعوى إخفائهما معلومة مفادها أنّ ارتفاع معدلات الفائدة جعل البنك أكثر عرضة للصدمات.

وجاء في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، قبل أيام، أنّ بيكر صرح أمام المستثمرين في لقاء بأحد فنادق سان فرانسيسكو بأن مستقبل شركات التكنولوجيا مشرق، حيث سيستفيد المصرف من ذلك، لكنه لم يخبر ذلك الجمع بأن وكالة التصنيف الائتماني أخبرته قبل ذلك بأسبوع بأن الصحة المالية للمصرف في خطر.

وغداة التصريح المتفائل الذي أدلى به أمام المستثمرين، أعلن عن خسارة 1.8 مليار دولار، وإطلاق مخطط من أجل جمع 2.25 مليار دولار من رؤوس الأموال الجديدة، ما دفع في اليوم التالي، أي في التاسع من مارس/آذار، مستثمرين في رأسمال المخاطر وآخرين إلى سحب 40 مليار دولار من المصرف.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أنّ بيكر، سعى إلى تهدئة مخاوف المستثمرين، حين خاطبهم عبر الهاتف: "طلبي هو التزام الهدوء لأن هذا هو المهم. لقد كنا داعمين لكم على المدى الطويل، آخر شيء نريده منكم هو الذعر".

فتحت وزارة العدل الأميركية تحقيقاً ضد بيكر، الذي باع قبل إفلاس المصرف بأسبوعين أسهماً بنحو 3.5 ملايين دولار، بل تؤكد تقارير إعلامية أنّه باع أسهماً بـ 30 مليون دولار في العامين الأخيرين.

لم تُطوَ صفحة كريغ بيكر بعد إقالته من البنك المفلس، فقد تعقبته عدسات الصحافيين. فبينما تبذل جهود من أجل محاصرة ارتدادات ما تسبب فيه. طار رفقة زوجته إلى إقامته الفاخرة في هاواي، والتي تقدر قيمتها بثلاثة ملايين دولار، حسب صحيفة دايلي ميل.

الرجل الذي كان يوصف قبل أيام ببطل اقتصاد الابتكار، محلقاً بالمصرف نحو آفاق واعدة، التقطت له صور رفقة زوجته، إذ أشار معلقون إلى أنه لم تكن تبدو عليه علامات التأثر بما حدث، في الوقت الذي ينتاب القلق 8553 موظفاً في المصرف، ممن لا يعرفون ما إذا كانوا سيحافظون على عملهم.

ويخضع سيليكون فالي حالياً لسيطرة الحكومة الفيدرالية، من أجل ضمان رد ودائع العملاء كاملة، وجرى تعيين تيم مايوبولوس، من قبل المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، لإدارة عملية تفكيك الأصول في البنك، بعد الانهيار الذي يعد ثاني أكبر فشل مصرفي في تاريخ أميركا.

المساهمون