ضربت إغلاقات كورونا موسم السياحة التركي للعام الثاني على التوالي، فبعد تراجع إيرادات السياحة العام الماضي إلى 12.5 مليار دولار، يستمر شلل هذا القطاع الذي يُعد بمثابة قاطرة لاقتصاد تركيا.
لقد أشارت أرقام الربع الأول للعام الجاري، إلى تراجع بنحو 41% ولم تتجاوز عائدات السياحة 2.4 مليار دولار بعد تراجع عدد السياح إلى 2.6 مليون، رغم الآمال التي عولت عليها تركيا لجذب 34 مليون سائح هذا العام بعائدات تناهز 23 مليار دولار.
إلا أن بعض المدن والمواقع الأثرية، تمردت على الإغلاق ومخاوف السياح، إذ استقبلت منطقة كبادوكيا الشهيرة بولاية نوشهير، في مارس/آذار الماضي فقط، أكثر من 74 ألف سائح.
وتصدر موقع زلفه، بحسب بيانات رسمية، قائمة الوجهات الأكثر زيارة خلال الشهر باستقباله 22 ألفا و913 سائحا، تلاه متحف "غوراما" المفتوح بـ22 ألفا و329، ثم مدينة قايماقلي تحت الأرض بـ13 ألفا و444، ليصل عدد السياح الذين زاروا المنطقة التاريخية والسياحية خلال الربع الأول من العام الجاري 197 ألفا و541 زائرا.
وتقع منطقة كبادوكيا وسط 5 ولايات تركية هي، نوشهير وقرشهير ونيغدة وأقصراي وقيصري، كما تتميز بطبيعة خلابة.
واكتسبت كبادوكيا شهرة عالمية واسعة في مجال السياحة، بفضل تصنيفها من قبل "منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم" (يونسكو) ضمن مواقع التراث العالمي، بعدما تفرّدت بمدنها تحت الأرض و"مداخن الجنيات" أو ما يطلق عليه في الصحارى العربية "موائد الشيطان"، والتي تشكلت نتيجة عوامل النحت والتعرية، إضافة إلى نماذج معمارية عتيقة من البيوت والكنائس التي نحتتها الشعوب القديمة في الصخر، وبقيت شاهدة على حضارة عصرها.
وتستمر كبادوكيا بحسب مصادر تركيا، بجذبها للسياح، فخلال الربع الأول من العام الماضي، ورغم تراجع إيرادات السياحة 11.4% إلى 4.1 مليارات دولار، لم يتوقف السياح عن زيارة المنطقة، بحسب بيان ولاية نوشهير، والذي أكد أن 323 ألف سائح، زاروا المدينة خلال الربع الأول من 2020، رغم تفشي كورونا حول العالم.
وتصدّر، بحسب البيان، متحف "غورامة" المفتوح، قائمة الأماكن الأثرية الأكثر استقبالا للسياح في المنطقة، حيث بلغ عدد زواره 199 ألفا و888، في حين بلغ عدد زوار مداخن الجنيات، أو ما يطلق عليه "موائد الشيطان"، التي تشكلت نتيجة عوامل النحت والتعرية، نحو 159 ألفا و245.
ويعود عمر كبادوكيا أو ما تعرف بـ"أرض الخيول الجميلة"، إلى القرن السادس قبل الميلاد، وهي مدينة تقع في منطقة نوشهر، المتربعة على الصخور بين أنقرة وسيفاس وقونيا وملتايا ومطوقة بجبال طوروس.
ومن أسرار هذه المدينة أن لجميع الحضارات على الأرض، حصة فيها أو لمسة على ما تبقى منها، فمنذ الفرس ثم الحثيين، إلى الآشوريين، وخلال العصور الوسطى في العهد البيزنطي، وهذه المدينة تكتنز من الجميع، لتزف بعض مافيها من عجائب وجمال، وتترك احتياطاً للزمن تحت أرضها، كما بلدات ديرينكوبو، كايماكلي وغازي أمير.
لكن المدينة المدرجة على لائحة التراث العالمي التابع لمنظمة "يونسكو" منذ عام 1985، تتميز برحلات المناطيد التي تنظمها، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، 25 شركة تمردت، مثل المنطقة، على وباء كورونا ولم تزل تعمل رغم الإغلاق وتراجع عدد السائحين.