قيس سعيد يتحرش بليبيا

19 مارس 2023
الرئيس التونسي قيس سعيد يطالب بإعادة تقسيم حقل البوري النفطي/فرانس برس
+ الخط -

تتسم خطوات وقرارات وتصريحات الرئيس التونسي، قيس سعيد، بالقفز نحو المجهول، وعدم تقدير المواقف بما فيها الحساسة بدقة، والرهانات الخاطئة، والدخول في معارك وهمية، والعناد السياسي الذي يصل إلى حد الغباء، والذي كان من أبرز نتائجه أنه قبل أن يخرج من حفرة يقع في أخرى أكبر وأعمق وأعقد، ومع السقوط المتواصل قذف البلاد في حالة من الغموض واللايقين والفشل الاقتصادي والسياسي المزري والتمزق الاجتماعي وموجة تضخم.

قيس سعيد اكتسب مؤخرا صفات أخرى، منها الابتزاز والتحرش بالآخرين والنبش في الماضي والبحث في الدفاتر القديمة، وإعادة فتح ملفات محسومة منذ أربعة عقود لعل وعسى يحقق هدفا واحدا من بين أهداف عدة يعمل عليها، منها بيع الوهم للتونسيين، وإشغال الرأي العام وخداعه بعض الوقت، أو أن ينجح ابتزازه في الحصول على موارد مالية تخفف من حدة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ألقى فيها البلاد لسنوات مقبلة.

قيس سعيّد، يطالب بإعادة تقسيم حقل البوري النفطي مناصفة بين ليبيا وتونس ويعيد إلى الواجهة ملف الجرف القاري

قبل أيام قليلة خرج علينا قيس سعيّد، بتصريح لافت يطالب فيه بإعادة تقسيم حقل البوري النفطي مناصفة بين ليبيا وتونس، وقال إن تونس لم تحصل من حقل البوري إلا الفتات القليل، وأن الحقل كان يمكن أن يؤمّن كل حاجيات بلاده وأكثر من النفط، وإن تونس لم تحصل إلا على الفتات القليل منه.

وعاد لينبش في الماضي قائلا: "الحقل كان ليُقسم مناصفة بين ليبيا وتونس، إلا أنه بعد يناير 1974 فشلت الوحدة بين الدولتين، ورُفض مقترح التقاسم، وفي 1977 أتت ليبيا بشركة أميركية كانت على وشك الإفلاس، لتستخرج البترول، وتوترت العلاقات الليبية التونسية مرة أخرى".

موقف
التحديثات الحية

قيس سعيد يعيد إلى الواجهة ملف حقل البوري النفطي والجرف القاري بين تونس وليبيا، ويتحدث عن قضية تم الفصل فيها بحكم من محكمة العدل الدولية لصالح ليبيا، بل وهو يعلم، بحكم أنه رجل قانون، أن الحكم الدولي في النزاع التونسي الليبي جاء بناء على اتفاق بين البلدين، وقد قَبِل الطرفان الحكم قبل أكثر من 40 عاما، وأن الحدود البحرية بين ليبيا وتونس، مُحددة وليس متنازع عليها.

تونس تمر بأوضاع اقتصادية ومالية داخلية بالغة الصعوبة قد تلقي بالبلاد في أتون الإفلاس والتعثر المالي قريبا، خاصة مع الفشل في إعادة المستثمرين الأجانب وتنشيط السياحة وصادرات الفوسفات، واقتناع صندوق النقد الدولي بمنح الحكومة قرضا بقيمة 4 مليارات دولار.

تونس تمر بأوضاع اقتصادية ومالية داخلية بالغة الصعوبة قد تلقي بالبلاد في أتون الإفلاس والتعثر المالي قريبا

ورغم خفض قيمة القرض المطلوب إلى 1.9 مليار دولار إلا أن حكومة قيس سعيد فشلت في انتزاع موافقة الصندوق على برنامج مقترح للإصلاح الاقتصادي، من بين ملامحه بيع عدد من أصول الدولة، وزيادة أسعار الوقود والسلع والخدمات، وخصخصة شركات استراتيجية، منها البنوك وشركة الطيران الحكومية، وتعويم العملة، خاصة مع اعتراض رجل الشارع واتحاد الشغل الشديد على هذا البرنامج التقشفي المطروح.

كما فشل قيس سعيد في الحصول على دعم مالي أوروبي أو إقليمي، وتحولت تصريحاته المتعلقة بمكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة إلى مجرد دخان في الهواء يشبه تصريحاته النارية التي أطلقها إبان حملته الانتخابية، وبالتالي لم يعد أمامه سوى النبش في الماضي وابتزاز دول محيطة مثل ليبيا لعل وعسى.