رفضت إسرائيل السماح للسلطات المصرية بإدخال الوقود إلى قطاع غزة عبر المعابر الحدودية بشكل قطعي، مع فرض قيود رقابية مشددة، على دخول عددٍ محدود من الشاحنات المحملة بكميات ضئيلة من الأغذية والمياه والأدوية.
تدخل المواد الإغاثية الدولية، وفقاً لإرادة وأهواء الإسرائيليين، بينما تتوقف عشرات الشاحنات على الحدود تنتظر الدخول لوقف حملات التجويع والحرمان من المياه والغذاء والدواء والكهرباء والوقود في تصرف يعتبره خبراء انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وجريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية.
برزت دعوات من قيادات سياسية وخبراء لإدخال المساعدات الإنسانية التي تقدمت بها الدول العربية في قافلة موحدة، عبر معبر رفح من مصر لغزة مباشرة، رغماً عن قوات الاحتلال، باعتبار غزة غير خاضعة قانوناً للسيطرة الإسرائيلية، مع التلويح بحال فشل المحاولة، بوقف صادرات النفط العربي، لحين وقف الحرب وحل الأزمة الإنسانية بالقطاع.
قال الخبير في الشؤون الصهيونية ومؤسس حركة مصريون ضد الصهيونية، محمد سيف الدولة، لـ"العربي الجديد"، إن مصر لديها الحق في وقف العمل باتفاق تشغيل معبر رفح الذي منحته لإسرائيل عام 2005، المعرف باسم اتفاقية "فلاديفيا"، واعتبار السلطة الفلسطينية هي القائمة على ضمان تشغيل المعبر، دون غيرها، بما يمنحها إدخال كافة الشحنات دون وصاية إسرائيلية.
أوضح "سيف الدولة" أن اتفاقية السلام الموقعة مع الكيان الصهيوني عام 1979 تحدد تبعية المعبر للإشراف المصري الفلسطيني فقط، بما يعني قدرة النظام على التحرك فورياَ، للإشراف على دخول كافة المساعدات بالتوافق مع السلطة الفلسطينية، مع إمكانية أن تشرف الأمم المتحدة والجهات التابعة لها على ضمان توصيل تلك المساعدات داخل القطاع وحمايتها من العدوان.
يجرى التنسيق بين الدول العربية لعقد قمة طارئة بالرياض 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بدعوة من دولتي فلسطين والسعودية لبحث وقف الحرب وسبل الحد من الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون داخل الأراضي المحتلة.
تلقي مصر اللوم على إسرائيل في إعاقة دخول المساعدات الإنسانية، حيث أكدت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد أن إسرائيل تعرقل دخول المساعدات إلى القطاع، بوضع شروط تفتيش للحافلات بمعبر "نتسانا" المقابل لمعبر "العوجة" المصري، ثم تتجه الحافلات بعد ذلك إلى معبر رفح في رحلة مسافتها 100 كيلومتر، قبل دخولها القطاع.
قال المتحدث الرسمي إنه لوحظ تشدد الجانب الإسرائيلي في إجراءات التفتيش ورفض دخول العديد من المساعدات لاعتبارات سياسية وادعاءات أمنية مختلفة، مع البطء في إجراءات التفتيش والتصعيد العسكري المتكرر على الجانب الفلسطيني من المعبر.
أرسلت المؤسسات الخيرية المصرية إلى رفح ومخازن العريش مساعدات تبلغ نحو 200 طن من المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية
تشير مصادر حكومية فلسطينية إلى دخول أقلّ من نصف الكميات المعلن عن دخولها القطاع رسمياً، حيث دخلت الأحد الماضي 26 شاحنة، من بين 60 شاحنة، حصلت على إذن دخول، بينما أعلن المكتب الإقليمي للأمم المتحدة عن تسليم 33 شحنة محملة بالمساعدات، عن نفس اليوم والتي وصفتها بأنها الكبرى من نوعها، منذ الاستئناف المحدود لتسليم المساعدات الإنسانية، في 12 أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم. دعا مكتب الأمم المتحدة إلى إدخال الوقود اللازم لتشغيل المعدات الطبية ومرافق المياه والصرف الصحي، على وجه السرعة. أشار المكتب إلى دخول 117 شاحنة تحوي 70 منها معدات طبية و60 شاحنة تحتوي على أغذية ومنتجات غذائية و13 شاحنة فيها مياه ومعدات صحية.
أعلن التحالف الوطني للتبرعات الشعبية في مصر عن وصول 280 شاحنة بالقرب من معبر رفح، محملة بنحو 4 آلاف طن من المساعدات المتنوعة، تبرعت بها 20 مؤسسة أهلية، تنتظر على الطرق وهي على أهبة الاستعداد لتوصيلها للمنكوبين في غزة بمجرد تلقيها إذناً بالمرور.
أرسلت المؤسسات الخيرية المصرية إلى رفح ومخازن العريش مساعدات تبلغ نحو 200 طن من المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية بالإضافة إلى 1100 طن من المساعدات وصلت على متن 55 رحلة طيران إلى مطار العريش التي قدمتها بعض الدول العربية الإسلامية.
أكدت المسؤولة بفرع "يونيسف" بالقاهرة، لينا النبراوي، لـ"العربي الجديد"، أن الفرع يتلقى مساعدات أهلية من المواطنين والمؤسسات، يجرى توصيلها إلى قطاع غزة عبر الصليب الأحمر المصري والدولي، مشيرة إلى أهمية السماح بدخول المواد الإغاثية لإنقاذ الأطفال والمنكوبين المدنيين.
وكان شيخ الأزهر، أحمد الطيب، قد دعا في بيان رسمي، حكومات الدول العربية والإسلامية إلى تسخير إمكاناتها وثرواتها ومصادر قوتها لنصرة إخوانهم في فلسطين، لدعمهم وكف بطش الكيان المغتصب عنهم.
وشكل عدد من النقابات المهنية والعمالية لجاناً شعبية، لتجهيز المساعدات وتقديم المساعدات الغذائية والطبية المتجهة إلى غزة.
وطالب مدير بنك الطعام المصري، محسن سرحان، بتدخل الجهات الدولية، بما يضمن توصيل المعونات إلى غزة. يجمع البنك المساعدات الإنسانية، من تبرعات المواطنين والمؤسسات العامة، لتوصيلها إلى المناطق المنكوبة بالتنسيق مع الجهات الرسمية بالدولة. وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية التابعة لها ومؤسسات إغاثة أخرى من الكارثة المتصاعدة جراء الحصار الإسرائيلي.
يتلقى قطاع غزة عادة (قبل الحرب) نحو 500 شاحنة يومياً عن طريق معبر رفح، بينما تشير الأمم المتحدة إلى ضرورة دخول 100 شاحنة على الأقل، لتوفير الحاجات الأساسية لسكان غزة.
يتدهور الوضع الإنساني، مع مواصلة إسرائيل ضرب المناطق السكنية بأنحاء غزة بالقنابل والصواريخ، ومحاولة الاقتحام البري لفصل الشمال عن الجنوب، أجبرت نحو 1.4 مليون إنسان إلى الفرار من منازلهم، والتشرد بين الأحياء التي أصابها الدمار الشامل، بينما يصل جزء ضئيل من المساعدات اللازمة للحفاظ على حياة 2.3 مليون إنسان.