استمع إلى الملخص
- ناقشت القمة تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول البريكس، بما في ذلك إمكانية إنشاء عملة مشتركة أو نظام مالي بديل، مع السعي لإصلاح هياكل الحوكمة العالمية لتمثيل الاقتصادات الناشئة بشكل أفضل.
- أبدت أكثر من 30 دولة اهتمامها بالانضمام إلى البريكس، مما يعكس الفوائد الاقتصادية للانضمام، حيث تسعى المجموعة لتعزيز التجارة البينية باستخدام العملات المحلية.
استضاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعاني من عقوبات غربية وتعمل واشنطن على عزله من المحيط العالمي، 36 من قادة العالم من بينهم دول كبرى مثل الصين والهند وإيران في قمة مجموعة البريكس التي تنعقد ليومها الثاني في عاصمة جمهورية تتارستان، قازان، وتهدف إلى بناء نظام عالمي مالي ونقدي وتجاري جديد موازٍ للنظام الغربي المهيمن على العالم منذ الحرب العالمية الثانية. وحتى الآن، طرحت القمة إنشاء بورصة للحبوب وتسريع سبل خفض عدد المعاملات بالدولار، وبالتالي التخفيف من قدرة الولايات المتحدة على استخدام التهديد بفرض عقوبات مالية على الدول التي تعارض إرادتها السياسية، وفق الأجندة التي أُعلِنِت في روسيا حتى الآن.
وتشترك دول بريكس في الوقت الحرج الحالي في الاستياء من النظام العالمي الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة، ولا يستبعد أن تتمكن قمة بريكس الحالية من ترجمة هذا الغضب إلى أجندة متماسكة مناهضة للغرب على الصعيد المالي والتجاري والغذائي، رغم أن بعضها لديه روابط اقتصادية قوية مع الولايات المتحدة وأوروبا.
ووفق تحليل بصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، من المرجح أن تتناول القمة التطلعات إلى تعاون اقتصادي أكبر بين الدول الأعضاء، بما في ذلك المناقشات حول تقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات التجارية، وبحث امكانية إنشاء عملة مشتركة لمجموعة بريكس، أو حتى إنشاء نظام مالي بديل للمؤسسات القائمة مثل صندوق النقد والبنك الدوليين. ويرى محللون أن المؤسسات المالية الحالية تعمل على عرقلة النمو الاقتصادي في الدول النامية وفرض شروط مجحفة في سبيل الحصول على مساعدات أو قروض مالية، التي غالباً ما تكون مرتبطة بتوافق الدولة مع السياسات الأميركية.
ومن القضايا الحاسمة الأخرى التي تناقشها قمة بريكس الدعوة إلى إصلاح هياكل الحوكمة العالمية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتمثيل الاقتصادات الناشئة ومصالح الدول النامية بشكل أفضل. وفي حين أن هناك رغبة مشتركة في زيادة التمثيل في المؤسسات الدولية بين أعضاء مجموعة بريكس، فإن الخلافات حول مقترحات محددة يمكن أن تؤدي إلى عرقلة التقدم في هذه الأجندة. وكان الرئيس بوتين قد جهز لحل الخلافات بين الهند والصين في قمة عقدت في موسكو لدى زيارة رئيس الوزراء الهندي مودي في أغسطس الماضي.
ويرى الخبيران، آدم غالاغر وأندرو تشيثام، من معهد الولايات المتحدة للسلام في تحليل يوم الخميس الماضي، أن الزعيمين الروسي والصيني شي جين بينغ يعملان على بناء نظام بديل للهياكل الأمنية والمالية التي يقودها الغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويعتبر التحليل أن توسيع المجموعة خطوة مهمة لتحقيق هذه الغاية.
ولاحظ غالاغر أن أكثر من 30 دولة تقدمت بطلب رسمي أو أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى بريكس. وتشمل هذه دول جنوب شرقيّ آسيا وتايلاند وماليزيا وفيتنام وتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، وبعض كبار منتجي النفط والغاز مثل الجزائر؛ إندونيسيا؛ ونيجيريا، التي تضم أكبر عدد من السكان في أفريقيا؛ وثامن أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، بنغلاديش. ويرى التحليل أن هنالك فوائد اقتصادية واضحة للانضمام إلى هذه المجموعة المزدهرة من الاقتصادات الناشئة. تشكل الآن مجموعة البريكس 45% من سكان العالم، و28% من الناتج الاقتصادي العالمي، و47% من النفط الخام العالمي إلى جانب حصة مهيمنة من الحبوب.
وتُعَدّ التجارة البينية بين دول بريكس أحد المجالات التي وجدت المجموعة موطئ قدم لها. وشجع بيان مشترك صدر عن اجتماع وزراء خارجية دول بريكس في يونيو/حزيران 2024 على "تعزيز استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية والمالية" بين أعضاء بريكس. وكان هذا الاتجاه في ارتفاع بالفعل بين عامي 2017 و2022، حيث ارتفع بنسبة 56% في التجارة البينية بين دول بريكس في ذلك الإطار الزمني. وأدت العقوبات الغربية على روسيا إلى مزيد من التصعيد، وفق تحليل معهد السلام الأميركي.
في ذات الصدد، يشير تقرير صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية إلى أنّ "التجارة في السلع بين اقتصادات بريكس تجاوزت إلى حدّ كبير التجارة بينها وبين دول مجموعة السبع، ما أدّى إلى زيادة كثافة التجارة بين دول بريكس". ويعتقد المهتمون بالانضمام إلى بريكس أن العضوية ستؤدي إلى زيادة التجارة والاستثمار.
كذلك تعد العقوبات الغربية ووضع الدولار باعتباره عملة احتياطية عالمية جزءاً من بين القضايا التي تقض مضاجع العديد من دول بريكس. وتمنح هيمنة الدولار باعتباره عملة احتياطية في تجارة السلع مثل النفط واشنطن نفوذاً هائلاً على النظام المالي العالمي. وترغب البلدان المتأثرة بالعقوبات الأميركية وضوابط التصدير مثل قادة مجموعة بريكس روسيا والصين، والأعضاء الجدد مثل إيران والأعضاء الطامحين مثل فنزويلا في إضعاف قوة الدولار من أجل تفادي العقوبات والحد من النفوذ الأميركي.