سيطرت تهديدات جائحة فيروس كورونا الجديد على أعمال قمة مجموعة العشرين، التي انطلقت افتراضياً، اليوم السبت، وسط آمال بانحسار التداعيات الخانقة للجائحة، التي أجبرت دول المجموعة على ضخّ 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد العالمي.
وافتتح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أعمال القمة، التي تنظمها المملكة، مشيراً إلى أن هذا العام كان استثنائياً، إذ شكلت الجائحة "صدمة غير مسبوقة طاولت العالم أجمع خلال فترة وجيزة"، وإن هذه الجائحة سببت للعالم خسائر اقتصادية واجتماعية. وقال الملك سلمان: "نستبشر بالتقدم المحرز في إيجاد لقاحات وعلاجات وأدوات التشخيص لفيروس كورونا، إلا أن علينا العمل على تهيئة الظروف التي تتيح الوصول إليها بشكل عادل وبتكلفة ميسورة لتوفيرها للشعوب كافة، وعلينا في الوقت ذاته أن نتأهب بشكل أفضل للأوبئة المستقبلية".
وأضاف: "علينا الاستمرار في دعم الاقتصاد العالمي، وإعادة فتح اقتصاداتنا وحدود دولنا لتسهيل حركة التجارة والأفراد، ويجب علينا تقديم الدعم للدول النامية بشكلٍ منسق، للحفاظ على التقدم التنموي المحرز على مرّ العقود الماضية".
وتابع بحضور نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: "ما زالت شعوبنا واقتصاداتنا تعاني من هذه الصدمة، إلا أننا سنبذل جهدنا لنتجاوز هذه الأزمة من خلال التعاون الدولي".
ويلتقي زعماء العالم في القمة التي تنظمها دولة عربية لأول مرة، بينما تتكثّف الجهود العالمية لإنجاز وتوزيع لقاحات ضد فيروس كورونا على نطاق واسع في أعقاب تجارب ناجحة أخيراً، فيما تتوالى الدعوات لدول مجموعة العشرين لسد العجز في صندوق خاص بتمويل هذه الجهود.
كذلك تنعقد قمة أغنى دول العالم التي ستتواصل اجتماعاتها على مدى يومين، في ظل رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإقرار بهزيمته في الانتخابات الرئاسية، ووسط انتقادات لما يعتبره نشطاء استجابة غير كافية من قبل المجموعة لأسوأ ركود اقتصادي منذ عقود. ويشارك ترامب في أعمال القمة، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان سيتحدث إلى جانب زعماء هنأ كثير منهم منافسه الفائز بالانتخابات الرئاسية جو بايدن.
وأعمال القمة مصغّرة ومختصرة مقارنة بما كانت عليه في السابق، وفق وكالة فرانس برس، إذ إنها كانت تشكّل عادة فرصة للحوارات الثنائية بين قادة العالم، على أن تنحصر هذه المرة في جلسات عبر الإنترنت ضمن ما يسميه مراقبون "الدبلوماسية الرقمية".
ويقول المنظمون إن دول مجموعة العشرين ضخّت 11 تريليون دولار "لحماية" الاقتصاد العالمي، وساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة الوباء الذي أصاب نحو 55 مليون شخص على مستوى العالم، وخلّف نحو 1.3 مليون حالة وفاة.
لكنّ قادة مجموعة العشرين يواجهون ضغوطاً متزايدة لمساعدة الدول النامية على عدم التخلف عن سداد ديونها. وكان وزراء مالية المجموعة قد أعلنوا الأسبوع الماضي وضع "إطار عمل مشترك" لخطة إعادة هيكلة ديون البلدان التي اجتاحها الفيروس، لكن نشطاء ومسؤولين وصفوا الإجراء بأنه غير كافٍ.
وفي رسالة إلى زعماء مجموعة العشرين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى اتخاذ "إجراءات أكثر جرأة"، مشدّداً على "الحاجة إلى عمل المزيد لتخفيف الديون".
وعشية افتتاح أعمال القمة، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، عن أملها في تجديد الولايات المتحدة التزامها النهج التعددي، ولا سيما في مكافحة الوباء والتغير المناخي، بعد تسلُّم الرئيس الديموقراطي المنتخب السلطة. وقالت إنها تتوقّع "اندفاعة جديدة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة" في مجال المناخ، "نظراً لتصريح بايدن حول عودة انضمام بلاده لاتفاق باريس" الذي انسحب منه ترامب.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن فيروس كورونا زاد من مسؤولية وأهمية "مجموعة العشرين" التي تجمع أكبر اقتصادات العالم تحت سقف واحد. وأضاف أردوغان في رسالة مرئية أرسلها إلى القمة، وفق وكالة الأناضول أن "القرارات التي سنتخذها في قمة الرياض ستكون حاسمة، ليس فقط في الحد من الآثار السلبية للوباء، بل أيضاً في تلبية التطلعات المتعلقة بمجموعة العشرين".
وأشار إلى أن وباء كورونا الذي يوصف بأنه أخطر أزمة صحية في القرن الأخير، يؤثر بشكل عميق في الحياة، بدءاً من الاقتصاد، وحتى التجارة والتعليم والعلاقات بين البشر. وتتألف مجموعة العشرين أو ما يعرف اختصاراً بـ "G20"، من الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، تركيا، السعودية، الأرجنتين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا، جنوب أفريقيا، كوريا الجنوبية، أستراليا، البرازيل، كندا، والصين، والاتحاد الأوروبي. وتظهر بيانات المجموعة أن دول التكتل تستحوذ على 80% من الناتج الإجمالي العالمي، وتشكل أنشطتها نحو 75% من تجارة العالم، ويمثل سكانها ثلثي التعداد العالمي.