أنهت قمة السبع، التي عقدت في مدينة هيروشيما اليابانية، اجتماعاتها اليوم الأحد باتفاق على محاصرة القوة الاقتصادية للصين والعمل على تقليص ضغوطها على الدول والشركات، إلا أن هنالك خلافاً حول الآليات التي ستستخدم في هذا الحصار.
في هذا الصدد، قال سفير الولايات المتحدة لدى اليابان، رام إيمانويل، في تغريدة قبل نهاية الاجتماعات: "يعمل الأعضاء في مجموعة السبع على تطوير الأدوات اللازمة لوقف التمدد الصيني وردع استخدامها للقوة الاقتصادية ضد الدول التي تعارضها، لكن تنفيذ مثل هذه الخطوات ربما يستغرق شهوراً في الإعداد، كما أن هنالك صعوبة في تنفيذها من قبل إدارة جو بايدن".
وحسب محللين لقناة سي "إن بي سي" الأميركية، فقد فرضت الإدارة ضوابط على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين، وحظرت بعض التطبيقات الصينية مثل تطبيق "تيك توك" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كما شددت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين ومستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، على بعض المنتجات الصينية، ولكنهما يقولان إن تحركات الولايات المتحدة ستظل تركز بشكل ضيق على التكنولوجيا التي تؤثر على الأمن القومي.
وحسب ما نقلت قناة "إن بي سي" التلفزيونية، فإن واشنطن تريد "إزالة المخاطر" من علاقتها التجارية، بدلاً من "فك الارتباط" مع بكين.
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد زار الصين الشهر الماضي وأثار ضجة في الغرب عندما قال في مقابلة، إن على فرنسا أن تسعى جاهدة من أجل "استقلال قراراتها الاستراتيجية"، وأن تقاوم السقوط تحت سيطرة الولايات المتحدة أو الصين، وهي تصريحات أثارت ضجة.
من جانبه، كتب كبير المستشارين في شركة الأبحاث Rhodium Group، نوح باركين، في تحليل: "قبل قمة مجموعة السبع، اشتكى المسؤولون الفرنسيون بشكل خاص من ضغوط الولايات المتحدة لدعم نهج صدامي مع الصين، وقالوا إن تحديد حالات الاستخدام القسري للقوة الاقتصادية من قبل بكين ليس بالأمر السهل".
وفي ذات الصدد، قال الخبير بمعهد الدراسات "أتلانتك كاونسل"، توماس سينكين، إن "الصين استخدمت قوتها الاقتصادية على الفيليبين بسبب علاقاتها الأميركية، حينما تُرك الموز الفيليبيني يتعفن في الميناء وأثير التساؤل حول ما إذا كانت الصين فعلت ذلك للانتقام من الفيليبين أو أن ذلك حدث بسبب خطأ غير مقصود".
ومن بين الحالات التي اعتبر خبراء أنها إساءة لنفوذ الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتملك القدرة على معاقبة الدول التي تعارضها، حينما افتتحت ليتوانيا مكتبا حكوميا في تايوان التي تعتبرها بكين جغرافياً جزءاً من "الصين الواحدة"، وذلك قبل عامين. وتعتبر الصين تايوان جزءًا من أراضيها بموجب مبدأ "الصين الواحدة".
وحسب تقرير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كانت ردة فعل بكين شرسة بعد الإعلان عن الافتتاح، حيث رفضت الصين منح تصاريح لاستيراد المواد الغذائية الليتوانية، وواجهت الشركات في ليتوانيا صعوبة في الحصول على الموافقة على العقود الصينية.
وفي الشهر الماضي، فتحت الصين مراجعة الأمن السيبراني لشركة مايكرون تكنولوجي الأميركية لتصنيع شرائح الذاكرة.
واعتبر محللون أن هذه الخطوة جاءت "انتقاماً من فرض إدارة بايدن ضوابط على الصادرات تهدف إلى حرمان بكين من رقائق الكمبيوتر التي تدعم توسعها العسكري والاقتصادي".
ويرى محللون أن الصين تحولت من الضغوط التجارية على الدول إلى الشركات. ويقول مسؤول سابق بإدارة الرئيس بارك أوباما: "لقد تحولوا من استهداف البلدان إلى إكراه الشركات". ولأن الصين اقتصاد ضخم، فإن الشركات ستتضرر بدرجة كبيرة في حال معاقبتها.
وقال محللون إن وقف أي إجراء عقابي تتخذه الصين يستدعي تحركًا منسقًا من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، فإذا قاطعت الصين شركة معينة، فقد تستجيب دول أخرى بالتدخل وتقديم خطوط ائتمان حتى لا تنهار الشركة.
وفي وقت سابق من هذا العام، توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يسمح باتخاذ إجراءات انتقامية ضد الدول التي تستخدم القوة الاقتصادية لحمل الدول الأخرى على الانصياع لإرادتها. وكرادع، قام الاتحاد الأوروبي بردع المخالفين بزيادة رسوم الاستيراد.
لكن في مقابل الضغوط التي تنفذها واشنطن وحلفاؤها ضد القوة الصينية، فإن مثل هذه الضغوط ربما ستفتح الباب أمام الضغوط المالية التي تستخدمها واشنطن ضد الدول والشركات التي تخالف سياساتها.