لم تسلم الصادرات الزراعية المغربية من تداعيات غضب المزارعين في دول الاتحاد الأوروبي بحق ساسة بلادهم التي فتحت الأبواب للحصالات الأوكرانية، حيث تم اعتراض سبيل شاحنات قادمة من المغرب نحو تلك السوق.
وشرع مزارعون في فرنسا قبل اعتراض الشحنات المغربية في الدعوة إلى إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر مع بلدان أخرى من بينها المغرب.
وأكد مصدر من الكونفيدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن 25 شاحنة عالقة في إسبانيا التي تعتبر معبراً رئيسياً للصادرات المغربية نحو بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأصدرت الكونفيدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، التي تمثل مصالح المزارعين المغاربة، بياناً تعرب فيه عن قلقها إزاء الهجمات التي تتعرض لها المنتجات المغربية، مشددة على أنه "لا يمكن السماح بأي تصرف غير مقبول" في هذا الشأن. وأكدت الكونفيدرالية أن التبادل التجاري بين المغرب والاتحاد الأوروبي يندرج في إطار اتفاقية الشراكة بين الاتحاد ودوله الأعضاء من جهة، والمملكة المغربية من جهة أخرى.
وأوضحت أن المبادلات الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي "تخضع لمقتضيات الاتفاق الفلاحي المكون من البروتوكول 1 و2 من اتفاقية الشراكة المغربية الأوروبية، الذي يخص المنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري، الموقّع بين الطرفين في ديسمبر/كانون الأول 2010 والذي دخل حيز التنفيذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2012".
وأشارت إلى أن "الصادرات المغربية من المنتجات الفلاحية إلى الاتحاد الأوروبي تستفيد من بعض الامتيازات التعريفية، وينطبق الشيء نفسه على صادرات المنتجات الفلاحية من الاتحاد الأوروبي إلى المغرب، وهذا لا يشكل بأي حال من الأحوال تحريراً كاملاً للمبادلات الفلاحية".
وأكدت أن "الصادرات الفلاحية المغربية نحو الاتحاد الأوروبي ارتفعت خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2022، بنسبة 15%، وبنسبة 2% نحو إسبانيا. بينما ارتفعت صادرات المنتجات الفلاحية من الاتحاد الأوروبي إلى المغرب بنسبة 75%، في حين قفزت صادرات إسبانيا بنسبة 20%"، مضيفة أن المغرب يعاني عجزاً تجارياً مع الاتحاد الأوروبي يصل إلى 900 مليون يورو (972 مليون دولار).
وشددت على أن المنتجات الفلاحية المغربية المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي، تتميز بجودة عالية، مضيفة أنها تخضع المنتجات المغربية كذلك للرقابة المسبقة من السلطات المغربية قبل تصديرها، وكذلك من السلطات الأوروبية قبل إدخالها إلى الأسواق الأوروبية.
ويأتي التشديد على مسألة الجودة في ظل حديث مزارعين أوروبيين عن منافسة غير مشروعة تمارسها صادرات مغربية نحو تلك السوق، مؤكدين عدم تشدد السلطات الأوروبية في ما يتعلق بالمعايير البيئية، غير أن الكونفيدرالية تؤكد أن المغرب يحتل المركز الثالث من حيث احترام المعايير الأوروبية على لائحة المصدّرين الـ 15 الرئيسيين إلى الاتحاد الأوروبي.
والغضب الحالي من جانب المزارعين الأوروبيين هو امتداد لحالة توتر متواصلة منذ خريف العام الماضي 2023. فركوب آلاف المزارعين الجرارات وقيادتها خلال الأسابيع الماضية نحو عواصم أوروبية عدة، أصبح مشهداً يختزل صورة أوسع من تردي الأوضاع المعيشية لعشرات آلاف المزارعين، وذلك إلى جانب اتهام هؤلاء للطبقات السياسية، بمن فيهم ساسة الاتحاد الأوروبي، بأنهم يعمّقون أزماتهم من خلال إضعاف قدراتهم التنافسية من خلال رفع الدعم عن وقود الفلاحة وفرض قيود بيئية على أنشطتهم ودعم عبور المحاصيل الأوكرانية بلادهم منذ الحرب الروسية المستمرة منذ عامين.