قلق في المغرب من شبح العطش: تراجع مخزونات المياه

25 نوفمبر 2022
مخاوف من نقص حاد في مياه الشرب (فرانس برس)
+ الخط -

لم يتخلص المغرب من القلق من العطش مع مرور فصل الصيف، فقد أجّج تأخر التساقطات المطرية منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الخوف من حدوث نقص في مياه الشرب خلال الشتاء، وسط ضعف مخزون المياه في السدود.

وشرعت بعض شركات توزيع الماء بإخبار السكان في بعض المناطق باتخاذ تدابير تستحضر ندرة المياه. هذا ما عمدت إليه شركة "ليديك" بالدار البيضاء، التي أكدت أنها ستعمل، اعتباراً من أول ديسمبر/ كانون الأول، على ضبط وعقلنة ضغط المياه على مستوى الشبكة العمومية.

يأتي ذلك بعدما كانت الشركة قد أكدت أن استهلاك العاصمة الاقتصادية من المياه ارتفع بـ30 في المائة في العقد الأخير، داعية إلى تبني سلوكات يومية لترشيد استهلاك المياه الذي يتجاوز الموارد المتوافرة.

وسعت الحكومة للحسم بين ثلاثة خيارات تراوح بين السقي وتوليد الطاقة وتأمين مياه الشرب، حيث غلبت الخيار الثالث الذي جعلت منه أولوية، قبل السقي وتوليد الطاقة.

وتشير التقديرات إلى أن حصة الفرد الواحد من المياه، قد تنخفض إلى 500 متر مكعب في الأعوام المقبلة. وكان المغرب قد أطلق، تحسباً للعطش في بداية الصيف الماضي، بعد التأكيد أن المملكة توجد في وضعية طوارئ مائية، حملة تمتد على مدى شهرين، لتوعية المواطنين على ضرورة الحد من تبذير المياه، حيث يراد تقليص الاستهلاك بحوالى 20 في المائة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحسب الوضعية المتسمة بندرة المياه في الصيف، اتجهت الحكومة إلى إحداث لجان يقظة في العديد من الأقاليم مع تبني العديد من المشاريع الرامية إلى توفير عاجل للماء في العديد من المناطق، وخاصة في القرى والمراكز الريفية وتوفير صهاريج المياه وإصلاح قنوات نقل المياه وإنجاز أثقاب (آبار) لاستغلال المياه الجوفية.

ويراهن المغرب على ترشيد مخزونه من المياه، في ظل تأخر التساقطات المطرية في الموسم الحالي، حيث يتطلع إلى تأمين مياه الشرب لمختلف المناطق، بعد تراجع مخزون السدود إلى مستويات مقلقة.

وحسمت الحكومة المغربية قرارها في الفترة الأخيرة، حيث تتجه نحو تعبئة المياه المتوافرة في السدود بهدف توجيهها لتلبية طلب الأسر على مياه الشرب.

وعاد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في جلسة الأسئلة الشفوية بالغرفة الثانية بالبرلمان، إلى التأكيد أن مشكلة ندرة المياه ما زالت مطروحة، رغم التساقطات المطرية الأخير، التي تقل بنسبة 60 بالمائة عن المتوسط.

وأشار في البرلمان إلى أن مخزون المياه في السدود يقلّ عن 4 مليارات متر مكعب، حيث يصل معدل ملء السدود لغاية الثلاثاء الماضي، إلى 24 بالمائة، مقابل 34 بالمائة المسجلة السنة الماضية.

وأكد الوزير الذي تحدث عن إشكالية مائية حقيقية يجب التصدي لمعالجتها، على أنه إذا كانت المستويات المائية تتراجع عادة بمتر أو مترين، فإن ذلك التراجع تعدى ثلاثة أمتار، بل إنه بلغ ستة أمتار في بعض الأحيان، وذلك بسبب الاستغلال المفرط للمياه في بعض المناطق.

وسعت وزارة التجهيز إلى دعوة الأسر إلى الاقتصاد في الماء عبر تغيير سلوكها اليومي، حيث اعتبر الوزير المجتمع المدني منخرطاً في هذه العملية، الرامية إلى مواجهة ندرة المياه، التي يفترض أن تشارك فيها الصناعة والفلاحة والقطاعات الأخرى.

عاد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في جلسة الأسئلة الشفوية بالغرفة الثانية بالبرلمان، إلى التأكيد أن مشكلة ندرة المياه ما زالت مطروحة

واعتبر المستشار عبد السلام بلقشور عن الاتحاد الاشتراكي، في سؤال لوزير التجهيز والمال، أن الوضع الحالي يقتضي حلولاً استعجالية، عوض وضع استراتيجيات بعيدة المدى، مؤكداً أن التركيز على مياه الشرب لا يجب أن يغفل عدم توافر مياه السقي التي منعت عن مليون وستمائة هكتار من الأراضي الفلاحية.

وفي هذا السياق، يؤكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه يفترض في المستهلكين تبني ممارسات في التعاطي مع الماء تستحضر وضعية الإجهاد المائي التي يعرفها المغرب.

ويشير إلى أن مدينة مثل الدار البيضاء تعرف مخزونا من المياه الصالح للشرب لا يكفي لمدة طويلة، كما أن بعض المناطق في الأرياف تزود بالمياه عبر صهاريح.

ويعتبر أنه يتوجب الشروع في تطبيق سياسات تستحضر الوضعية الحالية التي ينتظر أن تصبح كما في بلدان أخرى هيكلية، حيث يشدد على التوجه أكثر نحو تحلية مياه البحر، وخاصة في ظل السياسة الزراعية المستهلكة للماء بشكل كبير.

ويتطلع المغرب إلى تحسين العرض الماء، عبر بناء السدود والربط بين الأحواض المائية وتحلية مياه البحر ودمج المراكز الريفية في أنظمة التزويد بالماء الصالح للشرب وتوفير الموارد المائية من أجل الزراعة والاهتمام بالصيانة ومحاربة التلوث.

المساهمون