يراقب الأردن تطورات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا وسط قلق من تداعياتها على الاقتصاد الأردني من مختلف الجوانب، خصوصاً ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج.
وقال مسؤول حكومي لـ" العربي الجديد" إنّ تطورات الأزمة الأوكرانية تبعث بالقلق لا سيما أنّ الأردن يستورد كامل احتياجاته النفطية من الخارج بالأسعار العالمية بسبب عدم وجود إنتاج محلي، وفي حال تطور الأزمة من المتوقع ارتفاع فاتورة النفط بشكل كبير، إضافة إلى كلفة استيراد القمح والشعير.
وأضاف المسؤول الحكومي أنّ الأردن يستورد كافة احتياجاته من القمح من الأسواق العالمية وبالتالي فإنّ نشوب الحرب سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الحبوب، إذ إنّ روسيا وأوكرانيا من أكبر البلدان المنتجة للقمح ويقابل ذلك ارتفاع في الطلب العالمي وتوقف عمليات التصدير من الصين.
وشرح الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد" أنّ الأردن لن يكون في منأى عن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، خصوصاًَ مع تزايد احتمال نشوب الحرب، إذ من الممكن ألّا تحقق خطة التعافي الاقتصادي الأردنية أهدافها بل إنّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد ستتفاقم.
وأَضاف أن قيمة مستوردات الأردن الغذائية سترتفع بشكل كبير، إضافة إلى الزيادة التي ستطرأ على القمح والشعير. وقال إن ما بين 80 إلى 90 في المائة من احتياجات الأردن الغذائية يستوردها من الخارج، وكذلك استيراد المواد الأولية والكثير من السلع، لافتاً إلى أنّ الأسواق العالمية ستتأثر مباشرة بالأزمة وتداعياتها.
وأَضاف أنّه في حال نشبت الحرب وارتفعت أسعار النفط والقمح والمواد الغذائية ستجد الحكومة الأردن نفسها أمام تحديات كبيرة من الصعب مواجهتها، في وقت لن تجازف بزيادة الأسعار بنسب كبيرة تفادياً لغضب الشارع.
وارتفع المؤشر العالمي لأسعار النفط بحسب عايش للأسبوع الخامس على التوالي، ليصل سعر البرميل إلى أكثر من 94 دولاراً. وقال إنّ قيمة الفاتورة النفطية للأردن لنهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وصلت إلى 2.25 مليار دولار ومع بيانات شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يقدّر أن ترتفع إلى 2.53 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يرتفع سعر برميل النفط الى 120 دولاراً للبرميل في حال بدء أي عمليات عسكرية، على أن يزيد سعر الغاز أيضاً.
وشرح عايش أنه إذا تصاعدت حدة الأزمة الأوكرانية ستتأثر الإمدادات الروسية إلى أوروبا والعالم وسترتفع أسعاره ايضاً على اعتبار أنّ روسيا أحد أكبر منتجي ومصدري الغاز في العالم. وأشار عايش إلى ارتفاع معدل التضخم وأسعار الفائدة وكذلك كلف الاقتراض في الأسواق العالمية، وما لذلك من تأثيرات تطاول الاقتصاد الأردني.
وبحسب بيانات وزارة الصناعة والتجارة الأردنية فإنّ معظم مستوردات الأردن من مادة القمح هي من رومانيا ولا تقل نسبة الكميات المستوردة منها عن 90 في المائة من إجمالي الكميات التي تستوردها المملكة من القمح سنوياً، وبخصوص مادة الشعير فهي تستورد من أستراليا وفرنسا وألمانيا ورومانيا.
ووفقاً للبيانات، فإنّ كافة العقود المبرمة مع الشركات الموردة للقمح والشعير هي من مناشئ مفتوحة ومتعددة والشركات ملزمة بالتوريد بموجب ضمانات وكفالات مقدمة من قبلها.
في المقابل، فإنّ أيّ تقصير أو إخلال من قبلها يتم تعويضه بشراء الكميات المتفق عليها على حساب الشركات من مناشئ أخرى.
وبحسب الوزارة لا مستوردات لمادة القمح خلال عامي 2021 و2022 من روسيا بسبب فرض موسكو ضرائب تصدير على القمح والشعير والذرة، كذا لا يوجد أي مستوردات من اوكرانيا في العام الحالي، فيما لم تتجاوز المستوردات من مادة القمح من كييف خلال عام 2021 العشرة في المائة من إجمالي الواردات للمملكة.
فيما تحولت المستوردات لمادة الشعير إلى أستراليا والأرجنتين. ويتحوط الأردن من خلال تخزين كميات كبيرة من مادة القمح بواقع 1.3 مليون طن تغطي استهلاكه المحلي لمدة 15 شهراً.
ورغم ذلك تخشى الحكومة الأردنية من ارتفاع أسعار القمح عالمياً وبالتالي زيادة قيمة المستوردات، خصوصاً أنه تم تثبيت أسعار الخبز منذ العام 2012 عند 32 قرشاً للكيلو، وبالتالي لا تستطيع الحكومة رفع الأسعار مرة أخرى.
ويحقق الأردن الاكتفاء الذاتي من عدد محدود من السلع التموينية مثل بيض المائدة والدجاج الطازج وبعض أصناف الخضار والفواكه والألبان.
وشهدت أسعار مختلف التموينية ارتفاعا كبيرا في الأردن، خلال الفترة الأخيرة، وتجاوزت نسبة الارتفاع لبعضها 70% كالزيوت النباتية وشمل الارتفاع المواد الأساسية مثل السكر والأرز واللحوم والبقوليات والخضار والفواكه.
وحسب دائرة الإحصاءات العامة (حكومية)، فإن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك "التضخم" في العام 2021، ارتفع بنسبة 1.35 بالمئة، مقارنة بعام 2020.
وأشارت دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك لشهر ديسمبر/ كانون الأول من عام 2021، بنسبة 2.40 بالمئة، مقارنة بنفس الشهر من العام 2020.