قلق إزاء السياسة الاقتصادية المتوقعة لممثلي اليمين المتطرف في ألمانيا

24 اغسطس 2024
حزب البديل من أجل ألمانيا - سونبرغ/ ألمانيا 11 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تزايد نفوذ حزب البديل من أجل ألمانيا في الشرق**: ينافس الحزب كأقوى قوة في سكسونيا وتورينغن، مما يثير قلق الشارع المناهض للطيف المتطرف، خاصة مع تركيزه على تخفيف أعباء الأجور على الشركات.

- **التحديات الاقتصادية والهجرة**: تبرز مخاوف من هجرة المهارات وتقييم سلبي للتنمية الاقتصادية في الشرق، حيث يعاني من مستوى أجور منخفض وصعوبة في استقطاب العمالة المهرة.

- **الفوارق الاقتصادية بين الشرق والغرب**: رغم التحسن الاقتصادي، لا تزال الفوارق واضحة، مما يؤدي إلى ميل نحو أطراف سياسية متباعدة ويعقد تشكيل الحكومات المستقبلية.

تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب البديل من أجل ألمانيا ممثل اليمين الشعبوي ينافس كأقوى قوة بين الناخبين في ولايتي سكسونيا (30%) وتورينغن (31%) الواقعتين شرق البلاد، واللتين ستخوضان انتخابات برلمانية ولائية في الأول من سبتمبر المقبل أمام الاحزاب التقليدية الحاكمة هناك.

وانعكست الأرقام والتقديرات بوصول الحزب اليميني إلى الحكم في تزايد قلق الشارع المناهض للطيف المتطرف، وبات الألمان الشرقيون يشعرون بكثير من الخشية من التأثير الذي يمكن أن يحدثه البديل في شرق البلاد، لا سيما أن الخبرة الاقتصادية للحزب تلعب دوراً ثانوياً في توجهات التصويت.

وفي خضم ذلك، بيّنت قراءات اقتصادية، ومنها ما كان للقناة الثانية الألمانية زد دي أف ZDF، أن الترقب سينصب أولاً على مدى هجرة المهارات، وبالأخص لدى الأجانب المنبوذين أساساً من الحزب الشعبوي، وقدرة اليمين على الإجابة عن التساؤلات الاقتصادية الملحة، ومدى إمكانية إحداث تحول نوعي في الشرق. وتنسجم هذه التساؤلات مع ما ذكره كبير مرشحي البديل في ولاية سكسونيا يورغ أوربان في مقابلة تلفزيونية، حيث أشار إلى أنه سيتم التركيز بشكل أقل على الموظفين، وأكثر على أصحاب العمل، مؤكداً ضرورة تخفيف أعباء الأجور على الشركات. وقال أوربان إن "القطاعات الصناعية والتجارية ترغب في دفع أجور جيدة، ولكن في النهاية يتعين أن تبقى ميسورة التكلفة"، معرباً عن اعتقاده بأن أرباب الأعمال لا يمكنهم دفع أجور مرتفعة، في ظل ما يحصلون عليه حالياً من أرباح تشغيلية.

بدوره، قال الزعيم المشارك لحزب البديل في تورينغن ستيفان مولر في وقت سابق من هذا الأسبوع إن حزبه لا يعتمد على الهجرة، بل على النمو العضوي من داخل المجتمع. ولكن، وفقاً لمعهد إيفو، فإن 385 ألف شخص في تورينغن وحدها سيتركون الحياة العملية بسبب تقدمهم في السن بحلول عام 2035.

وفي موازاة ذلك، يبرز ميل لدى العديد من الألمان الشرقيين إلى تقييم التنمية الاقتصادية في منطقتهم بشكل أكثر سلبية، ومن بينهم الخبيرة في مجال المحاسبة والتدقيق الضريبي ألينا شوستر، المتحدرة من دريسدن، إحدى أهم المدن في شرق ألمانيا، وقد أشارت في حديثها مع "العربي الجديد" إلى أن مثل هذه الإجابات سخيفة وتجافي الحقيقة، موضحة أن "ألمانيا بلد هجرة، وإذا ما أردنا المزيد من الأعمال في البلاد فإن ذلك لن يكون في النهاية ممكنا إلا من خلال المهاجرين والعمالة المهرة، حيث تعاني ألمانيا لاستقطابهم، فضلاً عن مستوى الأجور المنخفض.

ونقلت شبكة إيه آر دي الإخبارية، مساء الجمعة، عن خبراء في معهد الاقتصاد الألماني في كولن أنه تمت ملاحظة عمليات اللحاق الاقتصادي مع غرب البلاد فيما يخص الحد من البطالة وزيادة الأجور، لكن هذا الأمر لا يلمسه الناس إلا بنسبة محدودة، حتى إن دراسة حديثة للمعهد بيّنت أن ما يقرب من نصف الذين شملهم الإستطلاع في المناطق الناشئة في ألمانيا الشرقية أفادوا بأن مناطق إقامتهم تعاني من الركود، فيما يعتقد 21% منهم أنهم يعيشون في منطقة مهملة، في حين أن هذا الرقم لا يتخطى 10% غرب البلاد. ويرى الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة جينا كلاوس دورهي أنه تعين إجراء اتفاقيات مفاوضة جماعية مع الشركات لتحسين مستويات الأجور في الشرق، على أن تكون نقطة الانطلاق الصحيحة التعريفات الجمركية، وهو ما يتطلب دعماً من قبل السياسيين.

ووفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي، حصل الموظفون بدوام كامل في شرق ألمانيا عام 2023 على ما متوسطه 824 يورو شهريا أقل من الأجور في غرب البلاد، وأن الأجور المنخفضة في شرق ألمانيا تعتبر جذابة للشركات، ولا يزال تأثيرها قائماً حتى يومنا هذا. وأوضح المكتب أن نسبة الموظفين الذين يكسبون أقل من 14 يورو في الساعة أعلى في ولاية سكسونيا مثلاً (24.1%) من المعدل الوطني والمقدر بنسبة 21.1%.

وأمام ذلك، خلص دير ماير الباحث في معهد الاقتصاد الألماني إلى أنه من الطبيعي أن تستفيد أحزاب اليمين الشعبوية من هذا الاختلاف بين التصور والواقع، وهو ما اعتبره يؤدي إلى ميل أكبر نحو أطراف سياسية متباعدة، مثل البديل من أجل ألمانيا وتحالف سارة فاغنكنشت الجديد، والمصنف بأنه يسار شعبوي، والذي يراكم الأرقام في استطلاعات الرأي حالياً، وبات يحل ثالثاً أمام عدد من الأحزاب التقليدية.

وبحكم أن نتائج الإنتخابات لا تزال نتائجها مفتوحة، فإن الأمر ستترتب عليه صعوبة في تشكيل الحكومات، وبالأخص في سكسونيا، حيث يفيد مراقبون بأنه حتى لو وصل اليمين المتطرف واليسار الشعبوي إلى الحكم في ولايات شرق البلاد، فلن تكون هناك مساواة اقتصادية، وستظل الفوارق واضحة وسيبقى التقدم بطيئاً، رغم قدر التطور الذي تحقق هناك، ورغم الاستثمارات التي تخطط لها العديد من الشركات، ومنها الأميركية، في مجال التكنولوجيا وأشباه الموصلات، لأن ظروف الموقع في الشرق مختلفة عن غرب ألمانيا، ولأن وسط ألمانيا الغربية يتأثر بشدة بثلاث ولايات واقعة في الجنوب، وفي طليعتها بافاريا التي تتميز بقوتها الخاصة في المجال الصناعي. 

المساهمون