حاول بعض المدافعين عن النظام الحالي في مصر إبعاد المصريين عن المحتوى الحقيقي للتسريبات الأخيرة لمكتب السيسي، وسعى هؤلاء بطرق ذكية وملتوية إلى إلهاء الناس عما جاء في التسريبات، وعن حقيقة مرّة ومفزعة تقول إن البلاد تلقت مساعدات خليجية تتجاوز 30 مليار دولار، أي ما يزيد على 200 مليار جنيه منذ شهر يوليو/تموز 2013، وإن هذه الأموال لم تدخل خزينة البنك المركزي المصري، ولم تتم إضافتها إلى احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، كما لم تتم إضافة سوى 10.6 مليار دولار منها إلى موازنة الدولة لعام 2013 -2014 كما تقول بيانات وزارة المالية.
ولذا راح هؤلاء يخلطون الجد بالهزل في قضية حساسة تتعلق بموارد البلاد المالية، وراحوا يطلقون القفشات للتشكيك في التسريبات، ويرددون الكلمات المثيرة للسخرية من عيّنة أن الإخوان أعلنوا التسريبات في هذا التوقيت لإفساد زيارة بوتين التاريخية إلى القاهرة، أو أن الإخوان نشروا التسريبات بهدف إسقاط الدولة المصرية، أو بهدف إفشال المؤتمر الاقتصادي المقرر عقده في شهر مارس/آذار القادم، أو أن التسريبات جاءت لإفساد العرس الديمقراطي، فالانتخابات البرلمانية ستُجرى الشهر القادم.
كل ذلك "كوم" وما قيل على لسان هؤلاء من أوجه صرف المساعدات الخليجية "كوم تاني"، فالمدافعون عن النظام عددوا لنا النجاحات التي حققها الاقتصاد بسبب المساعدات الخليجية، وبحسب هؤلاء فقد تم إنشاء مئات المدارس والمستشفيات والطرق والجسور والبنية التحتية من صرف صحي ورصف طرق ومحطات لانتاج الكهرباء وغيرها، كما تم تحسين رغيف الخبر وتوفير السلع التموينية وأنبوبة البوتجاز وأزمة الوقود.
وعندما تطلب من هؤلاء أن يدلّوك على آلاف المدارس التي تم تشييدها بالمساعدات الإماراتية المخصصة لهذا الغرض والبالغة 4.9 مليارات دولار (37 مليار جنيه) يقولون لك: لا نتذكر أسماء ولن ندخل في التفاصيل.
ونسي هؤلاء أن هذه المشروعات لها مخصصات في الموازنة العامة للدولة، وأن هناك نحو 800 مليار جنيه مخصصة بالفعل من وزارة المالية للإنفاق على أجهزة الدولة ومشروعاتها، وأن هذه الأموال متوافرة بالفعل سواء عن طريق إيرادات عامة أو الاقتراض من البنوك، وبالتالي نعود لنسأل: أين ذهبت مساعدات بأكثر من 30 مليار دولار؟