قفزة دمج مشكلات الاقتصاد السوري

28 مايو 2024
طروحات النظام لا تحل مشاكل الاقتصاد السوري / سوق الحميدية في دمشق 7 يوليو 2022 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تسارعت عودة العلاقات الدبلوماسية بين سورية ودول عربية مثل الإمارات والسعودية، مما يعكس تحسن صورة بشار الأسد عربياً ودولياً، ويشير إلى استراتيجيات جديدة للتعامل مع الاقتصاد السوري من خلال حلول توفيقية ومصالحات.
- تبنت الحكومة السورية سياسات الخصخصة ودمج الشركات الحكومية الخاسرة كحلول فورية لمشكلات الاقتصاد المتعددة، بما في ذلك قطاعات الكهرباء، النقل، والإنتاج الحكومي، مما يعد تغييراً جذرياً في بنية الاقتصاد السوري.
- أقر مجلس الشعب السوري قوانين لإحداث شركات جديدة تدمج المؤسسات ذات الإنتاج المماثل، في خطوة نحو تحسين الكفاءة والقدرة التنافسية للاقتصاد السوري، مع التأكيد على أهمية التوافق الاستراتيجي والإدارة الكفؤة لنجاح عملية الدمج.

لا خوف على سورية والاقتصاد السوري بواقع التطورات المستمرة والحلول المبتكرة، فلطالما تسارع تسويق القائد الرمز، بشار الأسد، عربياً، بعد قمتي الرياض والمنامة وعاد سفراء الإمارات والسعودية إلى دمشق، وإعادة إنتاجه دولياً، بعد لعبة "التعافي المبكر" التي تضمن دعمه مالياً من دون الاصطدام بالعقوبات، وبدء التسلل عبر "حلول توفيقية ومصالحات".

فاليوم، بعد الواقع الجديد وتضليل الواقعية، غدا كل شيء هيّناً وله حلول، بعد أن بدأ النظام بمواجهة مشكلات الاقتصاد السوري من النهاية، عبر كيّ البيع والتأجير طويل الأمد، لشركاء بقائه على كرسي أبيه، إن بموسكو أو طهران "فكل ما فوق التراب تراب".

بالأمس، طفت قضية الشركات الإنتاجية الحكومية، الخاسرة والمخسرة، على سطح مشكلات الاقتصاد السوري فجاء الحل الفوري، خصخصة الخاسر منها ودمج ما قابل منها للحياة. وقبلها زاحمت مشكلة انقطاع الكهرباء وصعوبة التوليد والنقل، فجاء الحل، الدمج والخصخصة. 

وبعدها وقبلها مشكلات المصارف وحلول دمجها وقضية النقل، البري والجوي، وقضايا صعوبة التمويل وصرف الرواتب، ليصل الأمر إلى الشركات الحكومية التي عرفها السوريون، عبر عقود، خطوط حمر، كشركات مياه الشرب والنفط والفوسفات...فكان الحل الخصخصة والدمج أيضاً.

قصارى القول: لا بد من مبرر أو غطاء قانوني، ليس لغطاء إجراءات بيع ممتلكات السوريين ومصيرهم، فتلك آخر ما يخطر لنظام الأسد الذي يتعامل مع سورية بصفتها مزرعة والسوريين رعايا، بل لتوسيع كعكة البيع للشركاء والخصخصة لتجار الحرب ودمج كل ما يمكن أن يوازن العرض السلعي والمنافسة في السوق السورية. 

تقنين الدمج في الاقتصاد السوري

لذا، تم رمي الكرة إلى ملعب البرلمان قبل انتهاء فترته والانتخابات الجديدة، فهو الممثل الشعبي والسلطة التشريعية، ليقر قوانين إحداث الشركات الجديدة ويترك لخلفه، البرلمانيين الجدد، مشاريع قوانين، تتمم الخطة وتكمل مشوار الخصخصة والبيع.

وفعلاً، أقر مجلس الشعب قانون إحداث شركة عامة للصناعات الغذائية، يدمج خلالها المؤسسات ذات الإنتاج المماثل، بعد قانون دمج شركات النسيج والأقطان في شركة واحدة، والتحضير لشركات طيران وكهرباء ونفط خاصة، لتتبدل بنية الاقتصاد السوري ويتناسب مع تطلعات بشار الأسد التي أفصح عنها خلال كلمته أمام اللجنة المركزية لحزب "البعث الحاكم" اقتصاد السوق الاجتماعي.

نهاية القول: لا ضير ولا عيوب اقتصادية البتة، بعملية دمج الشركات المتماثل إنتاجها، أو حتى إماتة شركات وجدت لأسباب تاريخية، كما في سورية أيام نهج التحوّل الاشتراكي في سبعينيات القرن المنصرم وثمانينياته، فوجدنا شركة لصناعة الكبريت وأخرى لأقلام الرصاص وثالثة للمعكرونة. مادام هدف الدمج نشد الكفاءة والقدرة التنافسية للشركة الجديدة، بعد التوسع والنمو وتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.

بيد أن للدمج شروطاً تتعلق بالتوافق الاستراتيجي "رؤية وأهداف" وتوافق مالي "استقرار وقواعد عملاء واسعة" وربما الأهم، إدارة ذات كفاءة وعلمية، ليست معيّنة جراء ولائها كما في سورية الأسد، لأن توفر شرط الامتثال القانوني فقط، بعد الإيعاز إلى مجلس الشعب لسن التشريع، يحوّل، بواقع الخسائر والبطالة المقنعة وخطوط الإنتاج القديمة، دمج الشركات إلى دمج مشكلات لا تقيم وزناً لتسريح العمال ولا تأخذ التنافس أو العجز المالي بالحسبان، ومقدمة مقنعة لبيعها على أنها خاسرة ومستنزفة لموارد الخزانة، بعد تجريب حلول الدمج الغائية.

المساهمون