بنهاية النصف الأول من العام الجاري زاد حجم الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي العماني بنحو 287 مليون ريال عماني (746 مليون دولار)، ليصل إلى 6.6 مليارات ريال (17.1 مليار دولار)، ما قدّم مؤشراً على إسناد قوي لبرنامج الاستدامة المالية الحكومي.
وتمثل السبائك الذهبية أحد أهم الأصول التي زاد حجم امتلاكها لدى البنك، بحسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، التي عزت ذلك إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار النفط، ورفع كفاءة وعوائد الاستثمارات الحكومية والسيادية، وتراجع مخاطر الدين، والدور المتزايد للقطاع الخاص والاستثمارات الجديدة في تحقيق استدامة النمو وتنويع مصادر الإيرادات العامة.
ورغم التحديات التي واجهت الوضع المالي للسلطنة خلال الأعوام الماضية، إلا أنها حافظت دائماً على مستوى ملائم من الأصول الأجنبية، ما ساهم في استقرار سعر صرف الريال العماني.
ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن هذا الحجم من الأصول الأجنبية يغطي ما يعادل 4.7 أشهر من الواردات المتوقعة، وبذلك يتجاوز حجم الأصول لدى البنك المركزي العماني ما تحدده المعايير الدولية لكفاية الاحتياطيات الأجنبية للدول.
كما أشار تقرير الاستقرار المالي الأخير، الصادر عن البنك المركزي العماني، إلى أنّ مؤشر الاستقرار المالي المركب أظهر تحسناً في آفاق الاستقرار المالي في السلطنة خلال عام 2022، وعزا ذلك إلى التحسن العام في الأوضاع المالية مدعوماً بارتفاع أسعار النفط.
الاستدامة المالية
ويشير الخبير الاقتصادي، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إلى أنّ زيادة حجم الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي العماني علامة على وجود خطة حكومية واضحة للاحتفاظ بالأصول بنسبة آمنة تضمن لاقتصاد السلطنة وضعاً جيداً، خاصة فيما يخص الشق الائتماني.
ويضيف الطوقي أنّ زيادة الأصول الأجنبية تساعد أيضاً في معالجة خدمة الدين العام العماني، ودعم البرنامج الوطني للاستدامة المالية، وهو برنامج يستهدف الجهات ربط ذات العلاقة بالاقتصاد والاستثمار والإدارة المالية في سلة واحدة ومراقبتها كوحدة متكاملة.
وتضمن الحكومة العمانية كفاءة هذه المراقبة عبر مؤشرات، تمكنها من معالجة أي اختلالات بوجود كل الأطراف ذات الصلة، ما يدعم كفاءة الأداء الاقتصادي للحكومة بالمجمل، بحسب الطوقي.
ويشدد الخبير العماني على ضرورة عدم الاتكال الحكومي على إيجابية زيادة أصول البنك المركزي، والتحسب لأي سيناريو ينطوي على تهديدات اقتصادية، ومنها احتمال تفاقم أثر متحور فيروس كورونا الجديد، إضافة إلى إطلاق مزيد من المبادرات التي تخدم الصالح العام، خاصة تحسن الوضع المالي للسلطنة.
احتياطي نقدي
بدوره يشير الخبير الاقتصادي العماني، طارق العصفور، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تأثير زيادة حجم أصول البنك المركزي العماني يصب بالأساس في ارتفاع مستوى النقد الأجنبي وما يمثله من فائدة بتعزيز المركز المالي للدورة.
ويلفت العصفور أيضاً إلى أنّ زيادة تلك الأصول من شأنها تعزيز سعر صرف الريال العماني وتوفير احتياطي نقدي آمن لواردات السلطنة.
ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان، بلغت قيمة الواردات السلعية 1.28 مليار ريال (3.33 مليارات دولار) في يناير/ كانون الثاني الماضي، و2.58 مليار ريال (6.7 مليارات دولار) في فبراير/ شباط، و3.64 مليارات ريال (9.46 مليارات دولار) في مارس/ آذار، ما يعني أن قيمة الواردات السلعية للسلطنة في الربع الأول من العام الجاري بلغت 7.5 مليارات ريال (19.5 مليار دولار).
وفي مايو/ أيار الماضي، رفعت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان إلى "Ba2"، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية إيجابية، ما يزكي نجاح الحكومة في ضبط الأوضاع المالية.
وبحسب تقرير الوكالة المتخصصة في التصنيف الائتماني، فإن رفع التصنيف يعكس تحسناً في عبء الديون في السلطنة والقدرة على تحمل الديون في 2022، وهو الأمر المرشح للاستمرار حتى نهاية 2023.
وتوجهت سلطنة عمان إلى سياسة متوازنة باستغلال عوائد النفط الإضافية في سداد الدين وتعزيز النمو، إذ كانت تقديرات الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023 تتوقع أن يصل العجز المقدر إلى نحو 1.3 مليار ريال (3.38 مليارات دولار) على افتراض سعر للنفط عند 55 دولاراً للبرميل، وأن يتم تمويل العجز بالاقتراض المحلي والخارجي.
ورغم تراجع الإيرادات العامة للدولة نسبياً بنهاية النصف الأول من العام الجاري، إلا أن تلك الإيرادات لازالت عند مستويات مواتية لمتطلبات تمويل الميزانية العامة. ومن المتوقع أن ينتهي العام المالي 2023 بتحقيق الميزانية العمانية فائضاً يسهم في تقليص الحاجة للتمويل.