قطر تحقق عدة أهداف اقتصادية: أرباح تمتد إلى ما بعد المونديال

20 نوفمبر 2022
استضافة البطولة سيكون لها تأثير إيجابي صاف على اقتصاد قطر (العربي الجديد)
+ الخط -

حققت قطر عدة أهداف من خلال الاستفادة من استضافة كأس العالم، حيث أنفقت حوالي 220 مليار دولار لتطوير بنيتها التحتية وتجهيز مرافقها، لتزيد من مكانتها وجهةً سياحيةً واستثماريةً وتجاريةً في مرحلة ما بعد انتهاء المونديال، إلا أن الأرباح لا تتوقف عند هذا الحد، وإنما تمتد إلى رفد الاقتصاد بمنافع مباشرة وضخمة خلال وجود أقوى فرق كرة القدم في العالم على أراضيها.

وتتعدد الإحصاءات والتقديرات التي تشير إلى الأرباح والفوائد التي ستحصدها قطر من استضافة مباريات كأس العالم، أبرزها تقدير وكالة "فيتش"، في نهاية الشهر الماضي، أن استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم سيكون لها تأثير إيجابي صاف على اقتصاد قطر في الربع الرابع من العام 2022.

التأثيرات تتعدد ما بين زيادة إيرادات الخدمات وزيادة الاستهلاك وزيادة الإنفاق الحكومي. وتبدأ بطولة كأس العالم اليوم الأحد، وستكون أول بطولة كأس عالم تستضيفها دولة في الشرق الأوسط، وهي أول بطولة من نوعها للفيفا لا تقام بين يونيو/ حزيران وأغسطس/ آب.

ولعبت استضافة كأس العالم دوراً رئيسياً في توقعات فيتش لتطور الاقتصاد الكلي القطري في عام 2022، حيث ستكون لاستضافة البطولة آثار إيجابية فورية على قطر من منظور نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وميزان المدفوعات، من خلال زيادة الاستهلاك والإنفاق الحكومي وصادرات الخدمات. ويترافق ذلك مع زيادة في واردات السلع، بما في ذلك المواد الغذائية والمشروبات.

إيرادات قطاعية

وسيأتي التأثير الأبرز لكأس العالم من زيادة عدد الزوار الأجانب، إذ سيبلغ عدد الزائرين خلال البطولة ما بين 1.2 مليون و1.7 مليون زائر. ونتيجة لذلك، ستكون قطر بمساعدة كأس العالم، والإمارات بمساعدة معرض دبي إكسبو والآثار غير المباشرة لكأس العالم، العضوين الوحيدين في مجلس التعاون الخليجي اللذين سيحققان عدد سياح في عام 2022 يتجاوز مستويات 2019.

وتعتقد وكالة "فيتش" أيضاً أن البطولة ستؤدي إلى زيادة إيرادات العديد من الصناعات في قطر من خلال زيادة الإنفاق من قبل الزوار والمقيمين والحكومة. وستكون الفوائد الفورية للفنادق والمطاعم والصناعات الترفيهية وتجارة الجملة والتجزئة.

وكان من المتوقع دائماً أن تكون مهمة استيعاب العدد المتوقع للزوار الأجانب لكأس العالم تحدياً رئيسياً لقطر كمضيف، وتشير توقعات "فيتش" إلى أن الزوار الأجانب إلى قطر سيمثلون حوالي 40% من سكان البلاد، مقارنة بـ2.5%، و0.7% في بطولات كأس العالم السابقة في روسيا والبرازيل على التوالي.

ومع ذلك، وفقاً للبيانات الواردة من روسيا خلال بطولة كأس العالم 2018، هذا سيمثل أيضاً أكبر حصة من عائدات الخدمات، في حين أن الأرباح ستنعكس بشكل واضح في مبيعات الفنادق، حيث قامت الدولة ببناء أكثر من 100 فندق خصيصاً لكأس العالم، إضافة إلى سفن سياحية فاخرة استأجرتها الحكومة للبطولة.

بالإضافة إلى ذلك، ستُجنى الإيرادات من حوالي 1000 خيمة على الطراز البدوي بُنيت خارج حدود مدينة الدوحة. ومن خلال مقارنة الإنفاق لكل سائح قادم مباشرة قبل الحدث (باستخدام إيرادات الخدمات) مع توقعات وصول السائحين خلال البطولة المقبلة، تعتقد "فيتش" أن حجوزات الفنادق المرتبطة بالبطولة ستضيف 1.7 مليار ريال قطري (464 مليون دولار) في الإيرادات الإضافية في الربع الرابع.

وسيكون للبطولة أيضاً تداعيات إيجابية على قطاع التجزئة، الذي يمثل حوالي 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي. وتماشياً مع بيانات البطولة في روسيا، فإن كأس العالم 2022 ستعزز المبيعات في متاجر الملابس في قطر (13.6%)، ومتاجر السلع الرياضية (12.9%)، ومحلات السوبرماركت (9.8%) ، وغيرها من مراكز البيع بالتجزئة المتنوعة.

وباستخدام نفس المنهجية المتبعة في الفنادق، تعتقد "فيتش" أن هذه القطاعات ستحقق إيرادات إضافية بقيمة 4.30 مليارات ريال قطري (1.2 مليار دولار). وفي الوقت نفسه، ستؤدي بطولة كأس العالم أيضاً إلى زيادة شراء السلع من قبل المواطنين القطريين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في الدوحة، والذين سيستفيدون من نشاط التجزئة والترفيه على نطاق واسع في العاصمة.

ارتفاع قياسي للنمو

كذلك، ستعزز البطولة الدخل في الأعمال الفنية والترفيهية، ما سيمثل نسبة 1% إضافية على الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لأن السلطات رتبت أكثر من 90 حدثاً ترفيهياً على نطاق واسع إلى جانب بطولة كرة القدم، بما في ذلك مهرجان FIFA للمشجعين، ومركز الترفيه "الكورنيش"، وأنشطة الرياضات المائية.

وأيضا، ستستفيد خدمات الرعاية الصحية والأمن، التي تمثل 9.2% من الناتج المحلي الإجمالي، من البطولة أيضاً، حيث من المتوقع أن تعزز السلطات الإنفاق على المستشفيات والخدمات الصحية لتقليل الضغط على النظام الصحي المحلي.

ومن المتوقع أيضاً أن يكون هناك ارتفاع في تمويل الخدمات الأمنية المحيطة بالحدث.

وستساعد الاستعدادات لكأس العالم والحدث نفسه على تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة قطر من 1.5% في عام 2021 إلى 5.2% في عام 2022. 

وفي حين أن النشاط في الاقتصاد غير النفطي يتباطأ بشكل كبير على أساس ربع سنوي، إلا أن كأس العالم ستعكس هذا الاتجاه، ما يجعله إحدى أقوى الزيادات ربع السنوية في السنوات الأخيرة. 

وتتوقع "فيتش" أن النمو ربع السنوي في الربع الرابع قد يصل إلى 5.3% على أساس سنوي، أعلى من متوسط 3% بين عامي 2012 و2019، وبالتالي ستسجل قطر أسرع نمو سنوي لها منذ عام 2014.

وهذه الأرباح ستمتد إلى ما بعد المونديال، إذ قال ناصر حسن الأنصاري، رئيس مجلس إدارة شركة "جست ريل استيت" لوكالة الأنباء القطرية، إن عدد المشاهدين لمباريات المونديال حوالي 3 مليارات شخص، حسب توقعات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، فيما يتوقع أن يكون لدى حوالي 40 مليون شخص فكرة زيارة قطر مرة أخرى بعد نهاية الحدث الكروي العالمي.

ويعزز ذلك ما قاله المسؤولون في جنوب أفريقيا مثلاً إن كأس العالم 2010 أدت إلى طفرة سياحية، وارتفع عدد الزائرين بشكل مطرد إلى أعلى مستوى له قبل انتشار الوباء، بلغ 10.2 ملايين في عام 2019، عندما ساهمت السياحة بما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقرير نشرته "رويترز" أخيراً.

مداخيل مباشرة

وكأس العالم هي الحدث الرياضي الأكثر شعبية في العالم. وكما هو الحال مع نهائيات كأس العالم الأخيرة، سيشاهده المليارات من المشاهدين أو يتدفقون عبر أكثر من 200 دولة.

وقدرت "فوربس" الزيادة المقدرة في الإيرادات التي ستحصل عليها قطر لاستضافة كأس العالم بـ17 مليار دولار. ووصل عدد التذاكر المباعة لكأس العالم إلى 3 ملايين تذكرة. وأكبر 10 مشترين للتذاكر حسب الدولة هم قطر والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإنكلترا والمكسيك والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين وفرنسا والبرازيل وألمانيا.

وتوقعت "فوربس" 1300 رحلة يومية طوال فترة كأس العالم إلى قطر، فيما العدد الإجمالي المقدر للمشاهدين، الذي يقول الفيفا إنه سيتابع كأس العالم، فهو 5 مليارات شخص. وقد شاهد كأس العالم 2018 ما يقدر بنحو 3.5 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم، حيث إن كأس العالم هي الحدث الرياضي الأكثر مشاهدة ومتابعة على هذا الكوكب.

المساهمون