قطر تبدأ المرحلة الأولى لرفع إنتاج الغاز المسال 43% مع الإعلان عن الشركات المطوّرة لحقل الشمال
مع كشف "قطر للطاقة" عن قائمة الشركات المعنية بتوسيع حقل الشمال الشرقي للغاز، تكون المرحلة الأولى لرفع إنتاج الدولة من الغاز الطبيعي المسال إلى 110 ملايين طن، أي زيادة بنسبة 43 بالمئة، قد دخلت طور الإنجاز الفعلي لتضرب خطوط الإنتاج الأربعة الجديدة موعدًا مع العام 2025، تاريخ بداية الإنتاج.
وحقل غاز الشمال هو حقل غاز طبيعي عملاق يقع في مياه الخليج العربي، ويعد أكبر حقل غاز بالعالم، حيث يضم 50.97 تريليون متر مكعب من الغاز. وتبلغ مساحة الحقل نحو 9700 كيلومتر مربع، منها 6 آلاف في مياه قطر الإقليمية. واكتشف الحقل عام 1971 وبدأ الإنتاج فيه عام 1989.
وأكد خبراء لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، أن الكشف يمهد للإعلان عن الشركات الفائزة بتطوير المرحلة الثانية للقطاع الجنوبي من حقل الشمال في بداية العام 2023، والذي يهدف إلى زيادة الطاقة الإنتاجية الوطنية من الغاز الطبيعي المسال من 110 ملايين طن سنويا إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027.
وأوضح الخبراء أن قطر اختارت التوقيت المناسب لإعلانها عن شركائها لتطوير حقل الشمال الشرقي للغاز، خصوصا في ظل تزايد الضغوط على سوق الغاز العالمية ومعه تلك المتعلقة بالبحث عن مصادر إضافية من هذه المادة الحيوية التي تساهم في إطفاء ظمأ الأسواق وتزيد تعزيز مكانة قطر في صناعة الغاز العالمية بوصفها لاعبا رئيسيا في هذا المجال.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي ناصر الخالدي أن خطة قطر لزيادة إنتاجها من الغاز تواكب متطلبات السوق وبنيت على دراسات دقيقة أكدت وجود طلب كبير على الغاز المسال في ظل استراتيجيات الدول للتحول من استعمال مصادر الطاقة الملوثة والمتسببة في الاحتباس الحراري إلى مصادر أخرى نظيفة.
وقال الخالدي إن الارتفاع الحاصل لأسعار الغاز يعتبر ارتفاعا مؤقتا مرتبطا بالحرب الروسية الأوكرانية وستتوازن السوق في المراحل التي تعقبها وفق آلية العرض والطلب، مؤكدا أن الجهات المعنية في قطر أحسنت اختيار توقيت رفع قدراتها الإنتاجية في ظل النقص الذي ستشهده الأسواق في النصف الثاني من عشرينيات القرن الحالي.
وكانت شركات "توتال إنرجيز" و"إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" و"إيني" و"شل" قد فازت في وقت سابق من العام الحالي بعقود تطوير حقل الشمال الشرقي الذي تبلغ كلفة استثماراته نحو 28.75 مليار دولار.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية IEA أن الحقل يحتوي على ما يقدر بـ51 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، ونحو 50 مليار برميل (7.9 مليارات متر مكعب)، من مكثفات الغاز الطبيعي.
وتمتلك قطر حاليا قدرة تسييل اسمية تبلغ 77 مليون طن سنويا، تلي قدرة أستراليا التي تبلغ 88 مليون طن سنويا.
وقال الخالدي إن التوسعات الجديدة ستتيح إمكانيات إضافية للدولة من خلال رفع إيرادات الموازنة التي ستوجه لرفع نسق الاستثمارات في مجال البنية التحتية للتعليم والصحة وغيرها من الخدمات التي تواكب النمو السكاني، بالإضافة إلى حاجات الوافدين الجدد على سوق العمل، حيث يقدر عدد الخريجين سنويا بنحو 3000 خريج.
وذكرت تقارير اقتصادية أن قطر تتوقع حصد إيرادات إضافية بقيمة 40 مليار دولار، بمجرد أن تستكمل الجزء الأول من مشروع توسعة إنتاج الغاز الطبيعي 2025، وذلك مع زيادة إنتاجه إلى 110 ملايين طن بحلول عام 2025.
وأشارت التقارير إلى أن مبيعات الغاز الطبيعي المسال ستساعد على تحقيق فائض في الموازنة بقيمة تناهز 44 مليار دولار بحلول عام 2025، على أن يتم توجيه الجزء الأكبر من الأموال المتبقية إلى الصندوق السيادي.
بدوره، أكد الخبير المصرفي عبد الله الرئيسي أن سياسة قطر في رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي ماضية وفق الخطط المبرمج لها، حيث من المنتظر أن يبلغ الإنتاج نحو 126 مليون طن في العام 2027، مشيرا إلى أن جهد رفع الإنتاج يوازيه جهد آخر في التسويق من خلال توقيع عقود جديدة مع عدد من الشركاء تهم الكميات الإضافية الناتجة عن رفع القدرات الإنتاجية.
وأشار الرئيسي إلى أن رفع القدرات الوطنية في مجال إنتاج الغاز الطبيعي يعتبر نقلة نوعية ستعزز مكانة الدولة كواحدة من اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة التي تشهد ارتفاعا في الطلب نتيجة محورية هذا المصدر النظيف للطاقة في عملية الانتقال الطاقي التي يشهدها العالم في الفترة الحالية، وهو ما يعني ضمنا زيادة حصة قطر سواء في الأسواق الفورية أو طويلة الأمد.
ويشير الخبراء إلى أنه بالرغم من أن الغاز الطبيعي يعد أحد أنواع الوقود الأحفوري، فإنه الأقل ضررا من بقية الأنواع الأخرى كالنفط والفحم، في حين أن البعض يعده بمثابة عنصر انتقال إلى الطاقة المتجددة لبعض الدول باستخدامه في توليد الكهرباء بدلا من الفحم.
وسيبقى الغاز مصدر طاقة مهما لإدارة مشكلات تقطع استمرارية الموارد ونوعيتها، فضلا عن تعويض التقلبات في الطلب على أساس موسمي ويومي.
وقال الرئيسي إن تطوير قدرات إنتاج الغاز في قطر سيمكن الدولة من مزيد من التحكم في مختلف مراحل سلسلة الإنتاج المتعلقة بهذه الصناعة ويمكّن من إطفاء ظمأ الأسواق العالمية لهذه المادة الحيوية.
وأوضح الرئيسي أن قرار رفع إنتاج الدولة من الغاز المسال سيعيد قطر إلى رأس قائمة الدول المنتجة والمصدرة للغاز الطبيعي المسال، وسيمكن من مزيد من تنويع مصادر الدخل للدولة وتوفير مصادر دخل إضافية للموازنة للإنفاق على المشاريع التي تضمنتها رؤية قطر الوطنية للعام 2030 وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف المجالات.