قطار أبوظبي صحار.. اختصار لأكثر من نصف وقت النقل بين عمان والإمارات

23 مارس 2023
تعزيز طرق المواصلات (Getty)
+ الخط -

طفرة تجارية وسياحية ونواة لقاعدة لوجستية أطلقها توقيع شركة الاتحاد للقطارات ومجموعة أسياد اتفاقية لإنشاء شبكة سكك حديدية مشتركة بقيمة 3 مليارات دولار، للربط بين مختلف الموانئ والأسواق في أبوظبي الإماراتية وصحار العمانية، وهما أهم مدينتين تجاريتين في البلدين الخليجيين.

ويحظى المشروع باهتمام الدولتين، إذ يعود التفاهم حوله إلى اتفاق وقعه رئيس الإمارات محمد بن زايد، وسلطان عمان هيثم بن طارق، خلال زيارة الأول إلى العاصمة العُمانية مسقط، في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.

ويمثل المشروع أهمية كبيرة للإمارات في إطار برنامجها الوطني للسكك الحديدية، الذي يهدف إلى إنشاء أكبر منظومة من نوعها للنقل البري على مستوى إمارات الدولة كافة، ورسم مسار قطاع السكك الحديدية للسنوات والعقود المقبلة، بقيمة استثمارية تبلغ 50 مليار درهم (13.6 مليار دولار)، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية (وام).

وعلى الجانب العماني، يعبر إسناد المشروع لأسياد عن اهتمام السلطنة به، فهي مجموعة عمانية عالمية للوجستيات تأسست في عام 2016 بهدف تعظيم العوائد الاقتصادية والمالية للاستثمارات الحكومية في الموانئ والمناطق الحرة وشركات الخدمات اللوجستية، وصولا إلى أن تكون سلطنة عُمان مركزا لوجستيا عالميا.

وتدير المجموعة 3 مناطق حرة ذات مواقع استراتيجية في سلطنة عُمان، وهي المنطقة الحرة بصحار والمنطقة الحرة بصلالة ومدينة خزائن الاقتصادية، حسبما أورد موقعها الإلكتروني الرسمي.

ومن المتوقع أن تكون الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لمشروع السكك الحديدية الجديد هائلة، وفقًا لعبد الرحمن سالم الحاتمي، الرئيس التنفيذي للمجموعة، الذي أعلن، في بيان صحافي، أن "هدف المشروع هو زيادة فرص التجارة والسياحة بين الجارتين الخليجيتين وبقية المنطقة".

ومن شأن الخط أن يقلل وقت السفر بين العاصمة الإماراتية أبوظبي وصحار، شمال العاصمة العمانية مسقط، إلى 100 دقيقة، أما وقت السفر من صحار إلى إمارة العين فلن يحتاج لأكثر من 47 دقيقة.

ويوفر ذلك نحو نصف وقت السفر بين المدينتين، إذ إن المسافة بين أبوظبي وصحار تبلغ حوالي 280.3 كيلومترا، ويستغرق السفر بالسيارة بينهما حوالي 3 ساعات و3 دقائق، بحسب خرائط نظام التموضع العالمي (GPS).

ويعني ذلك اقتصاديا رفع التنافسية في السوق وخفض الكلفة الإجمالية لسلاسل التوريد، وهي الشبكة التي تضم جميع الأفراد والمؤسسات والموارد والأنشطة والتكنولوجيا المشاركة في إنتاج وبيع منتج ما، بدءًا من توصيل المواد الخام من المورد إلى الصانع حتى تسليمها للمستخدم النهائي.

كما يسهل المشروع ممارسة التجارة عبر الحدود من خلال ربط المنافذ التجارية بشبكة السكك الحديدية، ما يعزز الازدهار الفعلي لحجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي بلغ خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022 حوالي 32.4 مليار درهم أو 26.4 مليار ريال عُماني، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء بدولة الإمارات.

وتجاوزت التجارة غير النفطية بين البلدين 14 مليار درهم (3.8 مليارات دولار)، للصادرات غير النفطية، وأكثر من 11.7 مليار درهم (3.19 مليارات دولار)، لإعادة التصدير، وقيمة تزيد على 6.6 مليارات درهم (1.798 مليار دولار)، للواردات، وفق البيانات ذاتها. 

ويفتح قطار أبوظبي صحار آفاقا لشراكات جديدة بين الإمارات وعمان، خاصة في مجال الخدمات اللوجستية، ما يساهم في تعزيز ربط المناطق الاقتصادية والصناعية وتوفير مزيد من فرص العمل في كلا البلدين، حسبما صرح مدير البحوث الاقتصادية بالمركز العالمي للدراسات التنموية في المملكة المتحدة صادق الركابي، لـ"العربي الجديد".

كما يساهم المشروع في تعزيز الحركة التجارية ويرفع كفاءة سلاسل التوريد بين البلدين، لأن اختصار وقت النقل يعني اختصار الكلفة، بحسب الركابي، مشيرا إلى إمكانية تعزيز المشروع للسياحة أيضا، إذ تشير الدراسات إلى أن القطار يمكنه نقل الركاب أيضا، وبسعة تصل إلى 12 ألف راكب يوميا، وبالتالي سيكون بمقدور السياح الذين يزورون أبوظبي أو سلطنة عمان أن يذهبوا إلى كلا البلدين بسهولة.

وعلى المستوى التجاري، يشير الركابي إلى أن التبادل التجاري بين الإمارات وعمان في تصاعد حتى قبل مشروع القطار، إذ بلغ خلال السنوات الخمس الماضية نحو 67 مليار دولار، ما يعني أن هذه الرقم مرشح لزيادة كبيرة بعد تنفيذ المشروع. 

فمن شأن القطار نقل 250 حاوية بضائع يوميا، ما يساعد المنتجات المصنعة محليا في كلا البلدين على الوصول للأسواق الإقليمية والعالمية بشكل أيسر وأسرع، بحسب الركابي، مشيرا إلى أن منتجات سلطنة عمان تحديدا ستكون الأكثر استفادة، إذ سيمثل وصولها إلى الموانئ الإماراتية طفرة مهمة في وصولها إلى الأسواق الخارجية. 

ولذا يرى الركابي أن قطار أبوظبي - صحار يعد مشروعا مثاليا لتكامل الإمكانات المشتركة لكل من الإمارات وعمان، ويمثل نواة لمزيد من مشروعات التكامل الممكنة، خاصة أن الدولتين وقعتا، العام الماضي، 16 اتفاقية تعاون، تشمل مختف القطاعات الاقتصادية. 

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي السياق، يشير الخبير في الاقتصاد الدولي والأستاذ بجامعة نيويورك سابقا كامل وزنه إلى أن المشروع يساعد على تحريك عجلة الاقتصادين في دولتين وازنتين في المنطقة عبر دعم التجارة بالأساس. 

كما يساعد المشروع على دعم الدولتين لسياسات الاندماج الاقتصادي، بما يرفع الإنتاجية في كل منهما، انطلاقا من ارتفاع القدرة على التصدير، حسبما صرح وزنه لـ"العربي الجديد".

ويشير الخبير في الاقتصاد الدولي إلى أن الآثار الاقتصادية الإيجابية للمشروع ستنعكس على توفير الوظائف بالإمارات وعمان من جانب، وعلى تقديم نموذج تكاملي إقليمي، يصلح لباقي الدول العربية، من جانب آخر. 

فالمنطقة تحتاج إلى استثمارات من شأنها "تعميق" الأسواق الداخلية للدول، وعليه فإن مشروع قطار أبوظبي - صحار يعد بمثابة فرصة اقتصادية محليا وإقليميا، حسبما يرى وزنه. 

المساهمون