بعد أن سمعنا عن قروض تمنحها البنوك لتمويل عمليات التجميل، من تصغير الأنف وحقن الخدود ونفخ الشفاه وشفط الدهون، وكذا تمويل إقامة حفلات الزواج والتنزه في الخارج، يجب أن ندخل الآن وبشكل عاجل مرحلة جديدة من القروض المصرفية يطلق عليها اسم الـ"نيو كريدت" والتي يتم من خلالها منح البنوك قروضاً لعملائها لتمويل شراء البامية والطماطم والبسلة والخضروات وأسطوانة الغاز المخصصة لطهي الطعام، ولا أقول تمويل شراء اللحوم والفاكهة لأنها باتت خارج اهتمامات الغالبية الساحقة من المواطنين العرب.
في الأعراف المصرفية المتبعة في كل بنوك العالم هناك أنواع عدة للقروض الممنوحة، منها ما هو مخصص لتمويل المشروعات الاقتصادية والاستثمارية سواء كانت صناعة أو زراعة أو سياحة وخدمات، ومنها ما هو مخصص لتمويل شراء السلع الاستهلاكية والأجهزة المنزلية وهو ما يعرف باسم القروض الشخصية، ومنها ما هو متعلق بتمويل شراء السكن، مثل العقارات والوحدات السكنية والأراضي والفيلات والقصور، ومنها ما هو مخصص لتمويل شراء الأسهم والسندات والمضاربة في البورصات، وهناك قروض أخرى لتمويل الرحلات السياحية بما فيها الحج والعمرة أو التسوّق في الخارج أو إقامة المدافن.
وحديثاً اقتحمت البنوك مجالات تمويل أخرى منها التعليم وشراء اليخوت وحفلات الخطوبة، حيث لم تقتصر القروض على تمويل استعدادات الزواج من شراء الشبكة وحجز القاعة وغيره لكنها تعدته لحفلات الخطوبة أيضاً.
ولجذب مزيد من العملاء، دأبت البنوك على مداعبة أحلام عملائها خاصة من الطبقة الوسطى وطبقة الموظفين تحديداً، حيث وفّرت لهم العديد من المنتجات والقروض المصرفية، خاصة الشخصية والاستهلاكية، التي يتم منحها بضمان تحويل الراتب أو الدخل الثابت للبنك والاقتراض بضمانه.
الآن وقد اشتدت الأزمات الاقتصادية بالمنطقة وكادت أن تعصف بالمواطن الفقير والمتوسط، وشهدت الأسعار ارتفاعات قياسية في معظم الدول العربية وفي مقدمتها مصر وتونس واليمن وسورية والعراق والأردن والمغرب والجزائر والسودان، فإن البنوك مطالبة بمنح قروض وإطلاق برامج تمويلية جديدة، قروض تناسب طبيعة المرحلة الصعبة الحالية ودخل المواطن وتدهور وضعه المعيشي، قروض يتم من خلالها تمويل شراء سلع أساسية مثل رغيف الخبز والخضر والفاكهة والخضروات والأكل والشرب والتداوي، قروض لا ترد، أو علي الأقل بلا أسعار فائدة.
أعرف أن البعض سيخرج علينا وسيقول لي: "يا سيدي أنت أكثر واحد تعرف أن البنوك لا تمنح قروضاً بلا ضمانات كافية ودون توافر أصول للمقترض، لأنها تدير أموال المودعين التي يجب الحفاظ عليها"، وبالتالي سترفض البنوك هذا الاقتراح تحت حجة أن هؤلاء فقراء لا يمتلكون ضمانات كافية للاقتراض المصرفي.
لكن أعود وأقول إن هناك شيئاً تطبقه الشركات والمؤسسات المالية والاستثمارية في كل دول العالم وهو المسوولية الاجتماعية، حيت تخصص هذه المؤسسات جزءاً من أرباحها السنوية لأغراض مكافحة الفقر والمرض والبطالة والعشوائيات والأمية وغيرها من أبواب الخير، وبالتالي يمكن أن ينفذ اقتراحي تحت باب المسؤولية الاجتماعية.
اقرأ أيضا: " دلع" رجال الأعمال و"خوزقة" الفقراء