أعادت تركيا توجيه دفة الدعم للقطاع الزراعي، بعد خلل المعروض العالمي، في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، وما سببته من نقص في الحبوب والزيوت وارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية في السوق التركية.
ولم تسلم الخضر والفواكه في الأسواق التركية، من ارتفاع الأسعار أيضا، متأثرة باستمرار الدولة في التصدير إلى روسيا والمنطقة العربية واوروبا، حيث سجلت صادراتها، نحو 762.6 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، بحسب بيانات اتحاد المصدرين.
ودفع القلق من تزايد الأسعار ونقص المعروض من السلع الزراعية، حكومة العدالة والتنمية، إلى زيادة دعم القطاع الزراعي، بحسب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول، محمد كامل ديميريل، مشيرا في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى تحمّل الدولة عبء فارق أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية المستخدمة في الزراعة، وتقديم الأسمدة والبذار بأسعار مدعومة.
ولفت ديميريل إلى ضرورة تقديم قروض من دون فوائد ولفترة سداد متوسطة وطويلة الأجل أيضا للمزارعين، بهدف توسيع رقعة الأراضي الزراعية عبر تشجيع الشباب على الزراعة والإنتاج الحيواني.
وكان المصرف الزراعي التركي قد أعلن، قبل يومين، عن مشروع دعم القطاع الزراعي من خلال تقديم القروض الائتمانية عبر 6 حزم مختلفة للمزارعين، بحيث أصبح بإمكان ملايين المزارعين الاستفادة من عروض ما وصفه مسؤولون في القطاع المصرفي بـ"الشيك المفتوح".
وقال مدير البنك الزراعي، آلب أرصلان جاقر، خلال تصريحات صحافية، إن المصرف سيوفر الدعم لجميع المزارعين "سنقف إلى جانب جميع المزارعين الراغبين بزيادة إنتاجهم.. لم نضع حدوداً قصوى للقروض الزراعية التي بدأنا بتفعيلها".
ويهدف مشروع "الشيك المفتوح" إلى زيادة عدد الشبان والنساء العاملين في القطاع الزراعي، عبر قروض تشغيلية تصل إلى 500 ألف ليرة، مع فترة سماح لمدة سنتين، على أن تصل مدة السداد بعدها إلى 10 سنوات، فيما ستتكفل الدولة بكامل الفوائد المترتبة على هذه القروض.
كما سيقدم المصرف الزراعي التركي قروضاً ائتمانية تصل إلى 150 ألف ليرة تركية للعاملين في مجال تربية النحل، أو الراغبين بالدخول في هذا المجال للمرة الأولى، مع عدم الالتزام بإعادة شيء من القروض لمدة سنة، بحيث يتم الإيفاء على مراحل لمدة 5 سنوات علمًا أن الدولة التركية ستتكفل بسداد 70% من الفوائد المترتبة على هذه القروض.
وبحسب المصرف، تستهدف القروض أيضا المزارعين الراغبين في إنتاج الطاقة الشمسية اللازمة لأعمالهم من خلال قرض يصل إلى 7.5 ملايين ليرة، وتتكفل الدولة بسداد الفوائد المترتبة على هذه القروض بنسب متفاوتة تتراوح من 75% إلى 100%.
وحول حجم مخصصات القروض الزراعية، أشار مدير المصرف إلى أنها تتجاوز 120 مليار ليرة (8.2 مليارات دولار)، لافتا إلى أن عدد المستفيدين منها يتوقع أن يصل إلى أكثر من 732 ألف مزارع.
وأشاد المختص في الشأن الزراعي، سيرين آرال، بخطوة الدعم الحكومي، لافتا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن القطاع الزراعي تراجع بعد هحرة المزارعين للمدن وازدهار قطاعات الصناعة والسياحة.
لكن الخبير الاقتصادي، أوزجان أويصال، رأى أنه رغم حزم الدعم الأخيرة للمزارعين، إلا أنه لا يجري استثمار كامل الأراضي الزراعية، كما أن القطاع تعرض خلال السنوات الأخيرة للإهمال، ما أدى إلى تراجع عائدات القطاع إلى أقل من 60 مليار دولار، مقابل 67 ملياراً قبل ثلاثة أعوام.
وأضاف أويصال لـ"العربي الجديد" أن زيادة السكان وخطط التصدير واستقطاب السياح، تفرض زيادة الإنتاج واستمرار دعم الزراعة، بل ويكون لها الأولوية على بقية القطاعات، لأن أزمة الغذاء التي تجتاح العالم هذه الفترة، يجب أن تعيد هذا القطاع إلى المقدمة.
ولفت إلى أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، تبلغ حوالي 35.5% من مساحة تركيا، بما يعادل نحو 24 مليون هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).