أصدرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، اليوم الثلاثاء، قراراً بمنع سفر حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) رياض سلامة، وذلك بناءً للشكوى المقدمة من الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" ممثلة بالمحاميَيْن هيثم عزو وبيار الجميل.
وتقدّمت مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" بشكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي ضد حاكم مصرف لبنان بجرائم جديدة ثابتة، على حدّ تعبيرها، "كعين الشمس"، تتعلّق باختلاس وتبديد المال العام على منافع شخصية، والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال.
وأعلنت المجموعة، في بيان، أنّ "الشكوى سجّلت في قلم النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان معززة بعشرات المستندات والأدلة، وقد أصدرت القاضية غادة عون قراراً قضائياً جريئاً هو الأول من نوعه بحق الحاكم الظالم المدعى عليه قضى بمنعه من السفر بتاتاً خارج الأراضي اللبنانية لضرورات قضائية ستُحدَّد إجراءاتها تباعاً، وقد تم تنفيذ القرار بإبلاغه أصولاً من جانب المديرية العامة للأمن العام اللبناني".
وقالت إنّ "مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام الناشطة في ميدان مكافحة الفساد السياسي والمالي والأمني والعدلي والإداري، تعاهد بقوة الحق الوطني الشعب اللبناني، ولا سيما المودعين منهم، أنها ستبقى تكافح وتناضل من دون كلل أو ملل في معركتها الوطنية ضد من سرقَ خزينة الدولة، ومن بدَّد ودائع وجنى عمر المواطنين، وذلك أمام القضاء الوطني، وقريباً الدولي، حتى تعاد الأموال العامة المنهوبة وودائع الناس المسلوبة، ويلقى الجناة عقابهم".
وفي 28 إبريل/نيسان 2021، أصدرت قاضية التحقيق الأول في البقاع الرئيسة أماني سلامة قراراً قضى بوضع إشارة منع تصرف على عقارات المصارف وعلى عقارات رؤساء مجالس إدارتها وحصصهم وأسهمهم في عدد من الشركات، وذلك بناءً أيضاً على الشكوى التي تقدّم بها محامو الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" والتي بنيت على اتهام المصارف بـ"إساءة الأمانة، الاحتيال، الإفلاس التقصيري والاحتيالي، الغش بتهريب الأموال إضراراً بالمودعين، النيل من مكانة الدولة المالية، تبييض أموال، الإثراء غير المشروع، مزاولة أعمال الصرافة من دون ترخيص وجمعيات أشرار".
كذلك انتزعت المجموعة قراراً، في 17 يوليو/تموز 2020، مع إصدار رئيس دائرة التنفيذ في بيروت القاضي فيصل مكي قراراً ألقى بموجبه الحجز الاحتياطي على الأسهم العائدة للحاكم سلامة في عدد من العقارات والمنقولات المملوكة منه في منزله الكائن في محلة الرابية (محافظة جبل لبنان).
وتقدم المحامون أيضاً بشكوى مباشرة أمام القاضية المنفردة الجزائية في بيروت لارا عبد الصمد، في 5 يونيو/حزيران 2020، ضد حاكم مصرف لبنان بتهمة ارتكاب جرائم، منها النيل من مكانة الدولة المالية، حضّ الجمهور على سحب الأموال المودعة في المصارف، بيع سندات الدولة، والإخلال بالموجبات الوظيفية والإهمال.
يقول المحامي حسن بزي، من الدائرة القانونية في المجموعة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الملف الأساسي مرتبط بالشكوى التي قدّمت أمام القاضية عبد الصمد، والتي قدّم فيها سلامة الدفوع الشكلية التي طلب فيها عدم قبول الشكوى، من ثم أصدرت عبد الصمد قراراً قضى برد هذه الدفوع، ولكنه عاد واستأنف القرار، ولم تعقد جلسات منذ شهر مارس/آذار الماضي، ولا سيما نتيجة إضراب الموظفين في المحاكم وقصور العدل"
ويوضح منسق الدائرة القانونية لمجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" المحامي هيثم عزو أنّ هذه الشكوى "جديدة قدمت بحق حاكم مصرف لبنان بجرائم جديدة مثبتة بالقرائن والمستندات وتتعلق بتبديد واختلاس مال عام لمنافع شخصية وغسيل وتبييض أموال وإثراء غير مشروع".
ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "إحدى المواضيع الهامة للجرائم المدعى عليه بها هي استئجاره غرفة لا تتجاوز مساحتها 37 متراً في الشانزليزيه في باريس وذلك كي يستخدمها كما يزعم زيفاً كمركز عمل طوارئ لمصرف لبنان وذلك منذ 10 سنوات وما يزال عرض الإيجار ساري المفعول ليتبين وبالدليل والوثائق التي يحوزها القضاء الفرنسي نفسه بأن هناك عمليات إثراء غير مشروع على حساب المال العام إذ ثبت بأن بدل الإيجار السنوي لهذه الشقة الصغيرة لا يبلغ مقداره أكثر من 40 ألف دولار أميركي سنوياً في حين أنّ الإيجار المعقود من الحاكم فاق 400 ألف دولار وهذا دليل فاضح وساطع لاختلاس مال عام".
ويضيف عزو "أما الطامة الكبرى والمفاجأة الأهم فتكمن في أنّ سلامة استأجر من خليلته وهي أوكرانية الجنسية وله منها ابنة وترتبط معه بشراكة تجارية هذه الشقة ببدل إيجار فاحش يؤكد هذا الإثراء غير المشروع الذي تم تبييضه بعقد إيجار وهمي بالإضافة إلى أفعال جرمية أخرى جديدة حاصلة عام 2019 تتعلق بالبنوك وتقاسم منافع وهدر المال العام لمصلحتها عدا عن إخفاء الخسائر في ميزانية المصرف المركزي واقتراف بونزي مفجع ورهيب بحق المودعين والشعب، وهو أمر ما زال قيد التحقيقات ونتحفظ لأجل سريته من ذكر حيثياته، وهو أمر ثابت بأدلة خطية وشهود".
ويلفت إلى أنّ "الدائرة القانونية طلبت في عريضة اتخاذ سلسلة إجراءات ضد حاكم مصرف لبنان منها منع سفره، وتجميد ثروته المنقولة وغير المنقولة وتكليف من يلزم بالكشف على احتياطي الذهب في مصرف لبنان المحظور قانوناً التصرف به للتأكد من وجوده وعدم تبديده كما حصل مع الاحتياطي الإلزامي في ظل انعدام الثقة بأقوال الحاكم الذي أوهم سابقاً اللبنانيين بأنّ الليرة بألف خير وودائعهم في المصارف بسلامة ليتبين لاحقاً عكس ذلك وقد اتخذت القاضية عون قرارها لضرورات قضائية في ظل وجود معطيات مثبتة بالأدلة".
ويشير عزو إلى أنّ "الإجراءات تتخذ تباعاً بحق سلامة على ضوء استجوابه الذي دعته إليه يوم الخميس".
وحول الملفات الموجودة أمام القضاء والتي أثارتها المجموعة أيضاً يقول عزو "هناك مسار للإجراءات القضائية وبطء يلحقه نتيجة عوامل عدة منها جائحة كورونا التي عطلت المرفق العدلي والجلسات، كذلك تسويف القضية من قبل محامي الدفاع عن الحاكم ووصلت للتمييز وقد غرم بسببها وهذا يأخذ وقتاً، لكن في النهاية على سلامة أن يمثل أمام القضاء وإلا يحاكم غيابياً".