قاضية لبنانية تدّعي على حاكم "المركزي" بالإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة

28 يناير 2021
رياض سلامة مجدداً أمام القضاء اللبناني (Getty)
+ الخط -

ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على حاكم البنك المركزي رياض سلامة ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ بجرم الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة.

وأشار المحامي وديع عقل، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أنّ الادعاء يأتي في إطار ملف الدولار المدعوم، الذي تقرّر قبل أشهرٍ، بالتفاهم مع الحكومة اللبنانية ونقابة الصرّافين، بهدف تزويد من يحتاج للدولار من أفرادٍ مثلاً لسداد رواتب العمال الأجانب بالعملة الصعبة، إضافة إلى توفير الدولار المدعوم للشركات لشراء مواد غذائية ومستلزمات طبية ومحروقات وغيرها من السلع الأساسية المستوردة من الخارج.

ووزّع مصرف لبنان الدولار على الصيارفة والمؤسسات التي تُعرَف بالفئة "أ" من أجل بيعها للمواطنين في اطار مستندات مطلوب تأمينها لشرائه. وشرح عقل أنه سريعاً بدأت تنتشر أخبار ومعلومات عن حوادث كثيرة حصلت مع مواطنين لم يتمكنوا من شراء الدولار المدعوم. وقدّم أحد القضاة إخباراً لدى مفرزة الضاحية الجنوبية لبيروت بأنه أراد إرسال دولار للعاملة المنزلية لكن أتاه الجواب بأن لا عملة صعبة عند الصراف. وبدأت التحقيقات التي تبيّن نتيجتها وجود عدد كبير من الحالات المشابهة.

ولفت المحامي عقل إلى أنّ الفوضى عمّت سوق الصيارفة الذي راح يتاجر بالدولار لشراء سلع أخرى، منها أحذية، وكسب أموال طائلة، وقد تكون هذه العمليات قد حصلت في إطار فواتير وهمية وعمليات تواطؤ.

وأشار عقل إلى أن جلسات استماع كثيرة حصلت على صعيد الملف طاولت أيضاً نقيب الصرافين، وسبق أن استدعت القاضية عون حاكم مصرف لبنان للاستماع إليه في قضية سوء استخدام دولارات دعم السلع الأساسية، ولم يمثل بداية قبل أن يحضر أمامها في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتوقف عقل عند معلومات كثيرة  من جانب الصرافين الذين أشاروا في مجالسهم الخاصة إلى غياب الرقابة على الدولارات المدعومة، سواء من حاكم البنك المركزي أو رئيسة لجنة الرقابة على المصارف، من هنا شملها أيضاً الادعاء بالإهمال الوظيفي.

وأشار إلى أن سلامة كان قد وعد بإطلاق منصة لضبط الدولار عند الصيارفة، مرفقة بداتا مرتبطة بالأفراد والشركات منعاً لحصول التلاعب والاستغلال، لكن الفوضى عمّت وعلت صرخة الناس العاجزين عن الحصول على الدولارات.

وفي وقت تكثر الادعاءات على الحاكم رياض سلامة، سواء لبنانياً أو سويسرياً، رأى عقل أنه بات من الضروري إما استقالة سلامة أو التوقف عن متابعة عمله والمثول أمام القضاء حتى انتهاء القضية، أو اتخاذ تدبير سريع من خلال انعقاد مجلس الوزراء استثنائياً لهذه الغاية "فالوضع خطير جداً مالياً، وهناك أكثرية تطالب بكف يد سلامة، فمن غير المقبول استمرار الحاكم بعمله كأن ادعاءات لم تحصل".

وأحدث الدولار المدعوم قبل أشهرٍ هجمة كبيرة من الناس لشرائه، حيث وقفوا بطوابير أمام الصرافين في مشهد مذلّ، فيما ودائعهم الدولارية موجودة في المصارف وهم عاجزون عن سحبها. وكثرت الشكاوى من أنّ العديد منهم لم يتمكّنوا من الاستحصال على الدولار رغم قانونية الطلبات والمستندات التي تقدّموا بها، وكلما توجهوا إلى صرّاف كانوا يتلقون الجواب نفسه بأن لا دولار لديه. واستنكر اللبنانيون بشدّة وضع مصرف لبنان الناس تحت رحمة تجار العملة وصرافين باتوا بغالبيتهم يعملون في السوق السوداء.

ويواصل سعر صرف الدولار صعوده في السوق السوداء ويلامس التسعة آلاف ليرة لبنانية، مع توقعات بتسجيله ارتفاعاً ملحوظاً في الفترة المقبلة بالتزامن مع فتح المؤسسات وعودة الطلب عليه. ويترافق ذلك مع غلاء الأسعار بشكل لافت وانقطاع سلع ومواد غذائية، أهمها الحليب، من جراء جشع التجار وتحكمهم بالسوق في ظل الإقفال العام الذي فرضه فيروس كورونا.

في السياق، يشهد لبنان منذ أيام تحركات شعبية في مناطق عدّة احتجاجاً على تمديد التعبئة العامة حتى الثامن من فبراير/شباط المقبل، وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، في وقتٍ لم تؤمن الدولة أبسط مقومات الصمود للمواطنين والفئات الأكثر حاجة وتضرراً. وتطاول المسيرات فروع مصارف والبنك المركزي ومؤسسات الدولة رفضاً للغلاء ورفعاً للصوت والمطالبة باستعادة الأموال المنهوبة.

وسقط خلال التظاهرات قتيل وأكثر من مئتي جريح نتيجة مواجهات عنيفة حصلت مع القوى الأمنية والعناصر العسكرية في ساحة النور بطرابلس، شمال لبنان، ومن المرجح أن تليها جولات جديدة مساء اليوم وفي الأيام المقبلة، بعدما بات اللبنانيون أمام واقع أخطر من فيروس كورونا، وهو الموت جوعاً.

المساهمون