فينانشال تايمز: المخاوف الأمنية بالبحر الأحمر تبعد الشاحنات عن قناة السويس

11 يناير 2024
هجمات الحوثيين تلقي بظلالها على قناة السويس المصرية (Getty)
+ الخط -

انخفض عدد سفن الحاويات العابرة للبحر الأحمر، في طريقها من أو إلى قناة السويس بنسبة 90% في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني مقارنة بالأسبوع المماثل من عام 2023، وفقا لبحث أظهر تعطل التجارة العالمية بسبب هجمات الحوثيين على السفن المتعاونة مع دولة الاحتلال، ونشرت "فاينانشال تايمز" تفاصيله الأربعاء.

وأظهر البحث الذي أجرته شركة "كلاركسونز" لخدمات الشحن ومقرها لندن، أن عدد سفن الحاويات التي تحولت من البحر الأحمر للسفر حول رأس الرجاء الصالح في 9 يناير كان أكثر من ضعف العدد الإجمالي حتى 21 ديسمبر/كانون الأول.

وتُعرّض الهجمات الممّر الذي ينقل من خلاله ما يصل الى 12% من التجارة العالمية للخطر، ما دفع الولايات المتحدة إلى تشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات حذّرت المتمردين الحوثيين من عواقب لم تحدّدها ما لم يوقفوا هجماتهم في البحر الأحمر على الفور.

قناة السويس والاقتصاد المصري

ويتزامن الاضطراب في الملاحة بالبحر الأحمر مع واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخ مصر، بعدما سجل معدل التضخم السنوي مستوى قياسيا يبلغ حاليا 35.2%، مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في ظل استيراد القسم الأكبر من الغذاء، فضلا عن تزايد حجم الدين الخارجي الذي بلغ 164.7 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول

وحقّقت القناة في العام المالي 2022-2023 عائدات مالية بلغت 9.4 مليارات دولار، وهي أعلى إيرادات سنوية تسجّلها، بنسبة زيادة قدرها نحو 35% مقارنة بالعام السابق، وفق ما أعلنت الهيئة في يونيو/حزيران الماضي. وتشكّل عائدات القناة أحد أبرز خمسة مصادر للنقد الأجنبي في مصر بين الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

وفي حين أكدت مصادر مصرية رسمية أن عائداتها من القناة لم تتأثر، تشير التوقعات إلى تعاظم التأثير السلبي على إيرادات القناة، لو طالت الأزمة.

واعتبر مصدر ملاحي مصري تحدث إلى فرانس برس أن "قيام بعض الخطوط بتغيير مسارها أزمة مؤقتة سيظهر تأثيرها بصورة أكبر كلما طالت المدة"، مشيرا الى "ارتفاع عائدات القناة لشهر ديسمبر بـ 12 مليون دولار عن الشهر نفسه من عام 2022، على الرغم من هجمات الحوثيين".

وقال مشروع "حلول السياسات البديلة" التابع للجامعة الأميركية في القاهرة في تقرير له هذا الأسبوع إنه "من المتوقع أن يكون الاقتصاد المصري من أكثر المتضررين من تباطؤ حركة الملاحة البحرية في باب المندب".

ومساء يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي تم فيه جمع الأرقام، شن المتمردون الحوثيون واحدة من أكبر هجماتهم المشتركة على السفن حتى الآن. وقالت القيادة المركزية الأميركية إن السفن الحربية والطائرات الأميركية والبريطانية أسقطت 18 طائرة بدون طيار وصاروخي كروز مضادين للسفن وصاروخًا باليستيًا.

ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار، فيما قالت الولايات المتحدة إنه الهجوم السادس والعشرون على السفن التجارية في البحر الأحمر منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي الوقت نفسه، أشارت شركة هاباغ لويد الألمانية، خامس أكبر خط حاويات في العالم من حيث السعة، إلى أنها تعتزم مواصلة تحويل سفنها بعيداً عن البحر الأحمر، إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

وتضيف عمليات التحويل عبر الطرف الجنوبي لأفريقيا ما بين 10 أيام وأسبوعين لكل رحلة بين آسيا وشمال أوروبا. وتقوم خطوط الشحن أيضًا بتحويل بعض الخدمات بين آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة، والتي كانت تمر في السابق عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

وسفن الحاويات هي الوسيلة الرئيسية لنقل البضائع المصنعة وشبه المصنعة في جميع أنحاء العالم.

وقال ستيفن جوردون، رئيس قسم الأبحاث في شركة كلاركسونز، إن وصول سفن الحاويات إلى خليج عدن، عند مدخل البحر الأحمر، كان عند "مستويات منخفضة للغاية" منذ منتصف وأواخر ديسمبر.

وقال جوردون: "لا تزال عمليات عبور الحاويات من البحر الأحمر عند مستويات منخفضة، كما يتم العبور حول جنوب أفريقيا".

وقالت هاباج لويد إنها لا تزال تعتبر المرور عبر البحر الأحمر "محفوفًا بالمخاطر" وستواصل توجيه سفنها للدوران حول رأس الرجاء الصالح.

وتعكس عمليات التحويل المتسارعة للشاحنات ارتفاعاً ملموساً في مؤشر شنغهاي للشحن بالحاويات، وهو مقياس لتكاليف نقل حاوية واحدة بطول 40 قدما على سلسلة من الطرق الطويلة.

وفي الخامس من يناير/كانون الثاني، وصل مؤشر شنغهاي إلى أعلى معدل له خارج الاضطراب الناجم عن وباء كوفيد. وكان هذا الارتفاع مدفوعاً بمضاعفة تكلفة نقل حاوية من شنغهاي إلى روتردام، من 1667 دولاراً في 23 ديسمبر/كانون الأول إلى 3577 دولاراً في 5 يناير/كانون الثاني. كما تضاعفت تكلفة نقل الصندوق من شنغهاي إلى جنوة، من 1956 دولارًا إلى 4178 دولارًا.

وقد هجرت خطوط الشحن بشكل متزايد طرق البحر الأحمر وقناة السويس منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، في محاولة لتجنب الهجمات الصاروخية التي شنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر، والتي أكدوا أن لها بعض الارتباط بدولة الاحتلال.

ومنتصف ديسمبر الماضي، أظهرت أرقام موقع Marinetraffic.com أن حركة سفن الحاويات في البحر الأحمر انخفضت بنسبة 30% تقريبًا عن نفس اليوم من العام السابق.

وارتفعت وتيرة تحويل الشاحنات منذ هجوم 30 ديسمبر/كانون الأول على سفينة "ميرسك هانغتشو"، التي تديرها "شركة إيه بي مولر-ميرسك" الدنماركية. وهز الهجوم ثقة خطوط الشحن في أن عملية "حارس الازدهار" الأميركية، التي استهدفت منع هجمات الحوثيين، ستحل المشكلة.

وقال سايمون هيني، المدير الأول لأبحاث الحاويات في شركة Drewry Shipping ومقرها لندن، إن عمليات التحويل أوقفت الاتجاه الهبوطي المطرد في أسعار الشحن، الذي شهدته الصناعة منذ نهاية قيود كوفيد.

وقال هيني: "بالنسبة لأصحاب البضائع، فإن ذلك يضيف الوقت والتكلفة والتعطيل".

وأضاف أن تعطل الموانئ الأوروبية يمثل أيضًا خطرًا إذا تراكم العديد من الشاحنات المتأخرة بالقرب من بعضها البعض.

ووجد بحث كلاركسون أنه في التاسع من يناير/كانون الثاني، كانت هناك 364 سفينة حاويات، بسعة 4.2 ملايين حاوية بطول 20 قدماً، تعمل على طرق تم تحويلها عبر رأس الرجاء الصالح. ويقارن هذا الرقم بـ 155 سفينة بسعة 1.9 مليون حاوية نمطية في 21 ديسمبر.

المساهمون