بعد عشرة أيام فقط من هجمات المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية في ما عرف باسم عملية "طوفان الأقصى"، وضعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية لإسرائيل "A+" تحت المراقبة السلبية اليوم الثلاثاء، وعزت قرارها إلى تزايد خطر اتساع نطاق الصراع الحالي مع حركة حماس.
وفي بيان نشرته على موقعها على الإنترنت، قالت وكالة فيتش للتصنيفات إنها وضعت التصنيف الائتماني لديون إسرائيل طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية (IDR) عند "A+" تحت مراقبة التصنيف السلبي، وإنها وضعت أيضاً تصنيف الديون قصيرة الأجل بالعملات الأجنبية والمحلية "F1+" وتصنيفات الإصدار "A+" على سندات إسرائيل غير المضمونة طويلة الأجل بالعملة الأجنبية الممتازة، تحت مراقبة التصنيف السلبي.
وقالت الوكالة إن المراجعة السلبية للتصنيف تعكس الخطر المتزايد، المتمثل في اتساع نطاق الصراع الحالي في إسرائيل ليشمل مواجهات عسكرية واسعة النطاق مع جهات فاعلة متعددة، على مدى فترة طويلة من الزمن. وأشارت "فيتش" إلى أن ذلك يمكن أن يشمل حزب الله والجماعات المسلحة الإقليمية الأخرى وإيران.
وأوضحت "فيتش" أنه، على الرغم من عدم توقعها حدوث ذلك، إلا أنها ترى أن مثل هذا التصعيد واسع النطاق، بالإضافة إلى الخسائر البشرية، يمكن أن يؤدي إلى إنفاق عسكري إضافي كبير، وتدمير البنية التحتية، وتغيير مستدام في معنويات المستهلكين وبيئة الاستثمار، وهو ما قد يؤدي إلى تدهور كبير في مقاييس الائتمان الإسرائيلية.
وقالت الوكالة: "من وجهة نظرنا، فإن خطر انضمام جهات فاعلة أخرى معادية لإسرائيل، مثل إيران وحزب الله، إلى الصراع على نطاق واسع قد ارتفع بشكل كبير، كما يتضح من تبادل إطلاق النار المنتظم على الحدود الإسرائيلية اللبنانية والتصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى في إيران، ومن حزب الله. ومع ذلك، فإن تكلفة هذا التصعيد ستكون باهظة بالنسبة لإيران وحزب الله، كما تؤكد ذلك تحذيرات الولايات المتحدة وإسرائيل".
وأكدت "فيتش" أن أي تصعيد كبير سيؤدي إلى تخفيض تصنيف الديون السيادية الإسرائيلية، حيث قد يترتب على طول أمد الصراع استنزاف مالي مستدام للموارد الإسرائيلية، سواء بسبب ارتفاع الإنفاق أو انخفاض تحصيل الضرائب، فضلا عن خسارة رأس المال البشري والمادي والاضطراب الاقتصادي الشديد.
ويأتي قرار "فيتش" بعد يومين فقط من قرار مشابه اتخذته وكالة موديز للتصنيف الائتماني، التي أعلنت يوم الأحد عن تأجيل نشر التصنيف الائتماني الجديد لإسرائيل، مبررة ذلك بالتطورات العسكرية القائمة في المنطقة.
وقالت "موديز"، في بيان، إن قرارها يأتي في وقت يمثل التأجيل خدمة كبيرة للاقتصاد الإسرائيلي، الذي كان يتحضر لخفض في التصنيف، إذ يواجه اقتصاد الاحتلال أزمات متصاعدة منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، أدى إلى هبوط متسارع للشيكل أمام الدولار، وتراجع مؤشرات البورصة، وتزايد المشكلات النقدية مع تصاعد الإنفاق الحربي، وسط توقعات واسعة من قبل خبراء الاقتصاد الإسرائيليين بتراجع النمو، في ظل الحرب من جهة، والأزمات الداخلية داخل حكومة بنيامين نتنياهو من جهة أخرى.
وتسارعت الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية والرد العدواني المستمر على قطاع غزة، إذ استمر نزيف بورصة تل أبيب وعملة الشيكل منذ 10 أيام، ما دعا محللين إلى وصف الأضرار الحاصلة بأنها أكبر بكثير مما ألحقته تداعيات جائحة فيروس كورونا التي استمرت عدة أشهر.
وتجاوز هبوط بورصة تل أبيب، منذ بدء عمليات طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، نسبة 10% من قيمتها السوقية، فيما تراجع سعر الشيكل إلى أدنى مستوى له في نحو ثماني سنوات، متجاوزاً 4 شيكلات للدولار، وسط تصاعد المخاوف من تداعيات شن الاحتلال هجوماً برياً على قطاع غزة.
وطغت الضغوط السياسية والأمنية التي تواجهها إسرائيل على جهود بنك إسرائيل المركزي للحفاظ على سعر صرف مستقر، على الرغم من ضخه ما يصل إلى 30 مليار دولار من العملات الأجنبية في الأسواق المحلية، وهو ما يعادل 15% من إجمالي احتياطيه النقدي البالغ 200 مليار دولار، وفق تحليل نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أمس الاثنين.
وإضافة إلى ذلك، ضخ البنك سيولة في السوق، من خلال آليات المبادلة حسب الضرورة، تجاوزت قيمتها 15 مليار دولار، وفق بيان صدر عنه.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن حدة التراجع في سوق الأسهم تعكس اعتقاد المتداولين بوجود تداعيات للحرب على المدى الطويل، وأن المتعاملين يرون أن الحرب لن تقتصر على المقاومة الفلسطينية وحدها، وأنه من المحتمل أن تكون هناك جبهة ثانية ضد حزب الله في لبنان.
وقدر بنك هبوعليم الإسرائيلي كلفة الخسائر الأولية التي تكبدها اقتصاد الاحتلال بنحو 27 مليار شيكل (6.8 مليارات دولار) في أربعة أيام فقط، مشيراً إلى أن ذلك لا يشمل كلف خسارة الشيكل الإسرائيلي، وقطاع الطيران، وتوقف الأعمال التجارية والمصانع، وفقدان الشركات العالمية الثقة بالعمل داخل إسرائيل، وهروب الاستثمارات.