المبالغة الشديدة كانت هي السمة الرئيسية لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، سواء في فترة التحضير للمؤتمر أو خلال فترة انعقاده، فعناوين الصحف المصرية وكلمات المذيعين في الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة كانت تشي أن فتحاً اقتصادياً قادماً، وأن طفرة في الطريق.
وحسب العناوين المنشورة في الصحف، فإن المؤتمر الإقتصادي يمثّل نقطة فارقة في مسار الاقتصاد القومي، ولحظة انطلاق ينتظرها الشعب، وإعادة لمصر لخريطة العالم، وأن الأحوال الاقتصادية ستتحسن فور فض المؤتمر، أي بدءاً من اليوم الأحد.
دعنا من هذا "الهري" الإعلامي والكلمات المملة السمجة، ولنذهب لتصريحات الوزراء وكبار المسئولين، فرغم أنها متضاربة وعجيبة إلا أنها اتّسمت أيضاً بالمبالغة الشديدة، فوزير الإسكان يعلن قبيل المؤتمر عن طرح مشروع إداري بكلفة 80 مليار دولار (608 مليارات جنيه)، ووزير الاستثمار يعلن عن طرح مشروع عقاري بأحد المدن الجديدة يضم أعلى برج بكلفة 150 مليار جنيه (20 مليار دولار)، ووزير الزراعة يعلن عن طرح مشروعات زراعية علي المشاركين في المؤتمر بكلفة 21.5 مليار دولار.
قلت ربما يكون الوزراء متحمسين "شوية"، ولذا أعلنوا عن طرح مشروعات بكلفة تفوق تريليونات الجنيهات ومئات مليارات الدولارات ( التريليون الف مليار جنيه)، لكن ما إن وصلنا لليوم الثاني للمؤتمر حتى استمرت المبالغة في الأرقام التي تصل لحد الخداع.
فقد أعلنت الحكومة المصرية، أمس، عن توقيع عقد مع الإمارات يقضي بإنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر بكلفة 45 مليار دولار للمرحلة الأولى، ترتفع إلى 80 مليار دولار. نحن هنا أمام مشروع أرابيتك جديد أو فنكوش إقامة مليون وحدة سكنية الذي قيل إن كلفته 280 مليار جنيه (36.5 مليار دولار).
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تم الإعلان، أمس أيضاً، عن اتفاقات مع مستثمرين أجانب اقتربت قيمتها من 150 مليار دولار، وهو رقم لم يحققه أي مؤتمر اقتصادي من قبل في أي دولة من دول العالم.
والملفت للنظر أن العديد من الاتفاقات التي تم الإعلان عن توقيعها أمس، جرى الإعلان عنها في سنوات سابقة وخلال فترة ما بعد ثورة 25 يناير أو في فترة حكم الدكتور محمد مرسي، وكأن المسؤولين يراهنون على أن الناس ليس لها ذاكرة وتنسى وغير متابعة.
خذ على سبيل المثال الاتفاقية التي أعلن وزير البترول المصري عن توقيعها مع شركة بي.بي البريطانية للنفط بقيمة 12 مليار دولار، هذه الاتفاقية قديمة وسبق إعلانها أكثر من مرة سواء خلال حكم الدكتور محمد مرسى أو حتى في العام الماضي وخلال فترة النظام الحالي.
وقس علي ذلك مشروعات أخرى عديدة منها مشروعات شركة الفطيم الإماراتية التي تم الاعلان عنها قبل ثورة 25 يناير، ومشروع المركز اللوجيستي للحبوب والغلال الذى تم التوقيع عليه خلال زيارة السيسي للصين.
اقرأ أيضاً: المؤتمر الاقتصادي: ثرثرة في شرم الشيخ
اقرأ أيضاً: مصر تروج لمؤتمرها الاقتصادي ببيانات "سي أي إيه"