قائمة طويلة تضم حكام وملوك وقادة دول ورؤساء حكومات ووزراء ومستبدون ومتهمون بارتكاب جرائم حرب ومهربو بشر وتجار مخدرات وغاسلو أموال قذرة وأبناء رؤساء دول حاليين وسابقين وقادة أجهزة مخابرات وأثرياء ورجال أعمال ومسؤولون حكوميون في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وخارجه.
كل هؤلاء وغيرهم يجمعهم شيء واحد وهو أنهم عملاء كبار في بنك "كريدي سويس"، ثاني أكبر بنوك سويسرا وواحد من أشهر البنوك العالمية التي تلاحقها شبهات فساد وغسل الأموال أدين في بعضها من قبل محاكم أميركية وأوروبية، وأن هؤلاء يمتلكون حسابات مصرفية مودع بها مبالغ تتراوح قيمتها ما بين عشرات ومئات الملايين من الدولارات ولا يعرف أحد مصدر تلك الأموال، وأن هذه الحسابات ليست مفتوحة بأسماء مؤسسات رسمية، بل بأسماء تلك الشخصيات ومخفية بالطبع عن الأجهزة الرقابية في بلادهم.
هؤلاء يمتلكون حسابات مصرفية مودع بها مبالغ تتراوح قيمتها ما بين عشرات ومئات الملايين من الدولارات ولا يعرف أحد مصدر تلك الأموال
وحسب التسريبات التي كشفت عنها وسائل إعلامية عالمية كبرى مساء يوم الأحد ومنها نيويورك تايمز والغارديان وأسوشيتدبرس ورويترز وغيرها، فإن من بين الأشخاص المدرجين في قائمة حسابات كريدي سويس والذين يمتلكون ملايين الدولارات، الملك الأردني عبد الله الثاني، وسلطان عُمان الراحل قابوس بن سعيد، والرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وعبد الحليم خدام النائب السابق للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
كما تضم القائمة رؤساء أجهزة سيادية أخرى، وأبناء رئيس المخابرات الباكستانية الذي ساعد في تحويل مليارات الدولارات من الولايات المتحدة ودول أخرى إلى "المجاهدين" في أفغانستان في الثمانينيات، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين المتورطين في فضائح فساد حول العالم.
وحظى المصريون بنصيب وافر في قائمة الأموال المنهوبة لدى البنك السويسري المعروف، حيث احتلت مصر قائمة الدول التي يعود إليها أكبر عدد من الحسابات في كريدي سويس بواقع 2000 حساب مصرفي من بين 30 ألف عميل.
من بين الأسماء المدرجة في القائمة نجلا الرئيس المصري السابق حسني مبارك، علاء وجمال مبارك، اللذان يمتلكان 6 حسابات بقيمة تزيد عن 300 مليون دولار في بنك واحد، وأحد تلك الحسابات تم افتتاحه في عام 2003 بقيمة 196 مليون دولار.
وهناك حسابات مصرفية لكل من رجل الأعمال المعروف حسين سالم صديق مبارك،
من بين الأسماء المدرجة نجلا حسني مبارك، علاء وجمال، اللذان يمتلكان 6 حسابات بقيمة تزيد عن 300 مليون دولار في بنك واحد
وأنس الفقي وزير الإعلام الأسبق في حكومة مبارك، واللواء عمر سليمان الذي يمتلك حسابا بقيمة 69.5 مليون دولار وآخرون.
فضيحة "كريدي سويس" لا تقتصر على الأسماء اللامعة والرنانة في دول المنطقة والتي لديها حسابات مصرفية لدى البنك، بل في قيمة الأموال التي يكتنزها هؤلاء في البنك السويسري والمقدرة بنحو 100 مليار دولار حسب المعلومات المصرفية المسربة والتي تأكدت منها كبريات الصحف العالمية ومنها صحيفة "سودويتشه تسايتونغ" الألمانية، ومراكز تتابع عمليات غسل الأموال الناتجة من أنشطة غير مشروعة، ومجموعة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP).
وإذا كان حجم الأموال المهربة في بنك سويسري واحد هو مائة مليار دولار، فما بالنا بحجم الأموال الأخرى المودعة في البنوك السويسرية الأخرى وفي مقدمتها العملاق "يو بي أس"، وماذا عن الأموال المهربة في بنوك أوروبية وأميركية وغربية أخرى؟
وماذا عن المليارات المنهوبة والمستثمرة في أنشطة العقارات والبورصات والذهب والمعادن وغيرها من الأنشطة داخل أسواق العالم خاصة في أوروبا والولايات المتحدة؟
وماذا عن المليارات الأخرى المنهوبة في جزر البهاما وفيرجين وكايمان وبرمودا وهولندا وسويسرا وجيرسي ولوكسمبورغ وهونغ كونغ وغيرها من الملاذات الضريبية؟
كيف راكم كل هؤلاء القادة والمسؤولين وأقاربهم ثروات طائلة في منطقة ينتشر فيها الفساد والفقر والبطالة والعشوائيات وغلاء الأسعار
كيف راكم كل هؤلاء القادة والمسؤولين وأقاربهم ثروات طائلة في منطقة ينتشر فيها الفساد والفقر والبطالة والعشوائيات وغلاء الأسعار، ومن أين أتى هؤلاء بتلك المليارات من الدولارات التي تنعش خزائن البنوك الغربية على حساب أوطانهم ومواطنيهم؟
ببساطة، هؤلاء يغترفون المليارات من أنشطة غير مشروعة منها الصفقات والسمسرة ونهب قوت الشعوب وموارد الدولة المحدودة، وكذا من السمسرة في الديون الخارجية، في الوقت الذي يواصلون فيه معايرة شعوبهم بالفقر والعوز ونقص الموارد.