فزع أسواق ليبيا: طوابير وقود واندفاع لتخزين السلع

14 فبراير 2022
مشهد تكدس محطات الوقود بالسيارات يعود في طرابلس (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش الأسواق الليبية على وقع مخاوف من طبول الحرب التي بدت في الأفق، مع الانقسامات الحكومية وتحريك قوات عسكرية إلى العاصمة طرابلس. وشهدت محطات الوقود عودة طوابير السيارات الطويلة، كما هرع ليبيون من أجل تخزين السلع خوفاً من تطورات الأحداث.
وكانت حكومة الوحدة الوطنيّة في ليبيا، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، رفضت تسليم السلطة لرئيس الوزراء الجديد فتحي باشاغا.

وقال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنيّة، محمّد حمّودة، إنّ الحكومة مستمرّة بجميع وزرائها في أداء العمل بشكل اعتياديّ، نافيا ما يتردّد عن استقالة بعض الوزراء بحسب منصّة حكومتنا.
لم تقتصر الأزمة السّياسيّة في ليبيا على وجود حكومة برأسين، لكنّها امتدّت مع تحرّكات عسكريّة في ضواحي العاصمة طرابلس، ردّت عليه حكومة الوحدة الوطنيّة باستعراض عسكريّ آخر في ميدان الشّهداء مع بيان لفصائل مسلّحة تؤيّد حكومة الدبيبة.

تخزين الوقود والسلع
يأتي ذلك وسط تزاحم الليبيين على محطّات الوقود بغرض تخزين كميات احتياطية، خوفاً من نقص الإمدادات وتزايد ساعات الأحمال، فيما يتقاطر آخرون على شراء السّلع الغذائيّة والدّوائيّة لغرض توفير مخزونات تكفي لسداد رمق أسرهم وحمايتهم صحيا لفترات كبيرة مغبّة النّزوح والتّهجير.


وفي سوق المهاري بوسط العاصمة طرابلس، قال المواطن صلاح الدّين التّواتي، لـ"العربي الجديد"، إنه قام بشراء سلع غذائيّة وغيرها تكفيه لعدة أشهر.
وأضاف أنّه عانى من النّزوح من جنوب طرابلس خلال عام 2019، ولم يتحصّل على مأوى سكنيّ أو غذاء لأسرته، مشيراً إلى أنّ طبول حرب جديدة على مشارف العاصمة بسبب السّلطة، والمواطن هو من يدفع الضّريبة.
وفي محطّة الوقود في منطقة جنزور غرب طرابلس، إذ تمتد الطوابير إلى أكثر من 200 سيّارة، قال المواطن سعيد الجبالي، لـ"العربي الجديد"، إنه ينتظر تعبئة البنزين منذ ساعات الصباح الأولى، لغرض تعبئة غالونات لغرض تخزينها لأنّ وسيلة النّقل مهمّة. وأضاف: "هناك مخاوف من انقطاع إمدادات البنزين، هكذا تعوّدنا في الحروب السّابقة، فضلاً عن انقطاع التّيّار الكهربائيّ لساعات طويلة ونحتاج إلى المولّد الكهربائيّ الدّي يتزوّد بالبنزين".
وفي سوق الكريمية، أكبر تجمّع تجاري، يقول تاجر جملة، عبد الحميد المنصوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ مختلف الأسعار زادت في أسعارها، خلال الأيام الأخيرة، بنسب تتراوح ما بين 5% و7%، وتحديداً دقيق الاستخدام المنزلي وكذلك زيت الطّعام، وهناك نقص في سلعة الأرز وحليب الأطفال.

تحذيرات من تدهور الاقتصاد
وأطلق اقتصاديون تحذيرات من تدهور الأوضاع الاقتصادية وانعكاسها سلباً على معيشة الليبيين في حالة تدهور الأوضاع الأمنية وتجدّد الصراعات العسكرية.
ومن جهته، يرى الباحث الاقتصاديّ على الدّعيس، أنّ المشكلة تكمن في الصراع بين القوى المختلفة، ومنها الناعمة التي تملك الإعلام والمال، مقابل رئيس وزراء جديد يمتلك صناديق الذخيرة.

وأكد أنّ هذه الصراعات ستنعكس سلباً على المجتمع الليبي، موضحاً في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنّ الوضع الاقتصادي معرض لمزيد من التدهور في حالة تجدّد الحرب. وأشار إلى أنّه يوجد 120 ألف مسكن مدمّر في جنوب طرابلس، نظير الحرب الأخيرة التي شنتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وقال: "الناس حاليّاً تعيش الفاقة وضيق الحال، ولا تتحمّل حروباً وصراعات جديدة".
والخميس الماضي، أعلن مجلس النواب تسمية باشاغا رئيساً جديداً للحكومة؛ فيما يتمسّك الدبيبة بمنصبه؛ ما قد يجعل البلاد أمام حكومتين، ويعيد سيناريو وجود حكومتين في وقت واحد خلال سنة 2015.
وترفض حكومة الدبيبة تسليم السّلطة لحكومة باشاغا الذي منحه مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة، الثقة لتشكيل حكومته في غضون 15 يوماً واستمرار المرحلة الانتقالية 14 شهراً.
وبعد سنوات من المعارك وتنازع الحكم بين سلطتين في الشرق والغرب، شكلت حكومة موحّدة في مارس/آذار 2021، في عمليّة سياسيّة رعتها الأمم المتحدة، من أجل إخراج ليبيا من الفوضى إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية كانت مقرّرة في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي. إلّا أنّه تعذّر إجراؤها في موعدها، بسبب خلافات بين الأطراف الليبية، وقالت المفوضية العليا للانتخابات بأنّ هناك قوّة قاهرة منعتها.
وصرفت حكومة الدبيبة خلال سنة 2021 نحو 85.8 مليار دينار (الدولار= 4.48 دنانير)، وهو ما وصفه مراقبون بأنه أكبر إنفاق في تاريخ ليبيا.
وتعتمد ليبيا في إيراداتها على النفط بشكل رئيسي، وسط مخاوف من تأثر قطاع النفط بالصراعات السياسية والاضطرابات التي قد تؤدي إلى عودة إغلاق حقول وموانئ نفطية مرة أخرى.

المساهمون