فتح المعبر البري ينعش التجارة بين ليبيا وتونس

18 أكتوبر 2021
أسواق جنوب تونس تشهد حراكاً تجارياً بعد فتح المعبر الحدودي مع ليبيا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تمكنت الحركة التجارية بين تونس وليبيا من تجاوز صرامة البروتوكولات الصحية التي جرى الاتفاق عليها بين البلدين، حيث عادت الأسواق في جنوب تونس إلى نشاطها مع توفر السلع، عقب فترة كساد فرضها إغلاق الحدود بين البلدين، بسبب تفاقم الجائحة الصحية في الصيف الماضي.

ورغم صرامة البروتوكولات الصحية التي تم وضعها وتقييد السفر بشروط السلامة من فيروس كورونا وإخضاع غير الملقحين للحجر الصحي الوجوبي، يشهد معبر رأس الجدير حركة تجارية مكثفة، حيث يتجاوز معدل العبور اليومي للأفراد 4 آلاف شخص.

وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، تم فتح المعبر الحدودي البري بين تونس وليبيا وفقا لشروط صحية صارمة، بعد فترة إقفال دامت 8 أسابيع، تسببت في بطالة قسرية لتجار الجنوب التونسي وشح في البضائع.

وجرى بمقتضى البروتوكول الصحي، اشتراط إخضاع الوافدين إلى البلدَين لفحص "بي سي آر" لم تمض على إجرائه 72 ساعة، يثبت سلامة المسافر من كوفيد-19، مقابل إخضاع غير الملقحين ضد فيروس كورونا لحجر صحي وجوبي لمدة 10 أيام في نُزل جرى تسخيرها لهذا الغرض في البلدين.

وأكد آمر المعبر الحدودي برأس الجدير، فتحي الجريء، أن الحركة عبر المعبر انتعشت من جديد، رغم التطبيق الصارم للشروط الصحية التي نص عليها الاتفاق، مؤكدا أن التجار تجاوزوا مراحل التعثر وانضبطوا إلى القيود الصحية.
وقال الجريء، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حركة الأفراد والسلع عادت إلى مستوياتها السابقة، حيث يقدر معدل العبور اليومي للأفراد بنحو 4 آلاف شخص، فيما يتواصل تدفق السلع نحو الجارة الجنوبية ليبيا بانسياب كبير.

وأفاد المسؤول الأول على المعبر الحدودي بأن البروتوكولات الصحية لم تشكل عائقا أمام العاملين في التجارة البينية الذين يعبرون الحدود بشكل يومي نحو ليبيا من أجل جلب السلع، مشيرا إلى أن الإجراء الصحي المتفق عليه بين البلدين ساهم في رفع نسب المناعة العامة في مناطق الجنوب وزيادة عدد الملقحين ضد فيروس كورونا بغاية كسب الرزق.

ويأتي تقبل تجار الجنوب التونسي بأحكام البروتوكول الصحي الذي تم إقراره للعبور نحو ليبيا، بعد احتجاجات ضده نظمها العاملون في التجارة البينية في الأيام الأولى التي تلت فتح المعبر، مطالبين بتخفيف التدابير الصحية وتسهيل عبورهم نحو التراب الليبي.

وكانت المناطق الحدودية في الجنوب التونسي تنتظر "عودة الروح" إلى الحياة التجارية والاقتصادية، بعد خسائر كبيرة راكمها التجار في المنطقة التجارية المغاربية، نتيجة تواتر غلق المعابر منذ عام 2011 وبدرجة أشد منذ 2015.

وقال رئيس المجلس البلدي بمدينة بن قردان الحدودية، فتحي العبعاب: الأسواق تشهد حركة مهمة في المنطقة مع توفر كل السلع تقريبا، بما في ذلك البنزين الذي يتم توريده من ليبيا بطرق غير نظامية.

واعتبر العبعاب أن توفر السلع في أسواق الجنوب بعد فترة شح طويلة يمثل مؤشرا مهما على عودة الحركة التجارية بين البلدين وقدرتها على التأقلم مع كل المتغيرات، بما في ذلك التغيرات التي فرضها الوضع الوبائي، حسب تصريح لـ"العربي الجديد".

وأكد المتحدث أن التجار في المنطقة يعيدون تشكيل المشهد الاقتصادي وفق الظروف، معتمدين في ذلك على صلابة العلاقات بين التجار في المناطق الحدودية من الجانبين التونسي والليبي، وهو ما يزيد في حضور السلع من الجانبين ويرفع الطلب على الدولار.

وبدأت تتوفر سلع مهمة في كافة محافظات تونس التي تتزود من أسواق المناطق الحدودية.

 

وليبيا هي ثاني شريك اقتصادي لتونس بعد الاتحاد الأوروبي، بحجم مبادلات يفوق 500 مليون دولار سنوياً، كما بلغت تحويلات قرابة 150 ألف تونسي كانوا يشتغلون في ليبيا قبل سنة 2010 نحو 60 مليون دينار تونسي في الشهر (الدولار = نحو 2.8 دينار تونسي).

وعمقت الأزمة الليبية على امتداد السنوات العشر الماضية جراح الاقتصاد التونسي الذي يمر بصعوبات كبيرة جراء الاضطرابات الاجتماعية وتراجع السياحة والاستثمار.

وكشف تقرير حديث للبنك الدولي أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنويا كتأثير مباشر للأزمة الليبية، بين استثمارات وصادرات.

وشملت هذه الخسائر، وفقًا لدراسة أعدها البنك الدولي عن "تونس - ليبيا"، رقم معاملات المؤسسات التونسية المستثمرة في ليبيا والمصدرة والمؤسسات غير المرتبطة اقتصاديًا بصفة مباشرة مع ليبيا، بسبب غياب مناخ الاستثمار على المستوى الإقليمي.

وقبل التوتر السياسي الأخير بين البلدين وغلق الحدود في شهر يوليو/تموز الماضي، قادت منظمات الأعمال المشتركة جهودا كبيرا من أجل تنظيم تظاهرات اقتصادية وتجارية، بهدف إعادة التعاون بين البلدين إلى مستويات ما قبل عام 2010.