فايز صاروفيم: رحلة حافلة بالمغامرات الاستثمارية... وعاشق الفن والرياضة

07 يونيو 2022
فايز صاروفيم (Getty)
+ الخط -

أطلقوا عليه اسم "أبو الهول The sphinx"، ليس لأنه مصري فحسب، وإنما لما يحيط بشخصيته من الغموض، في نظر بعضهم، وقلة تصريحاته على قوتها، على الرغم من وضوح أسلوبه الاستثماري الذي يقوم على شراء أسهم العديد من الشركات الواعدة، ومنحها فرصة النمو بالاحتفاظ بها لسنوات، بينما كان ينصح عملاءه بالذهاب إلى شاطئ البحر للاسترخاء عند انهيار الأسواق>

إنه فايز صاروفيم، مدير الاستثمار وعاشق الفن والرياضة الذي توفي الأسبوع الماضي عن ثلاثة وتسعين عاماً، بعد رحلة طويلة حافلة بالمغامرات والإنجازات، ليترك لأبنائه الستة ثروة تجاوزت 1.6 مليار دولار، ومجموعة من اللوحات الأصلية لكبار الرسامين، تعد من الأفضل في الولايات المتحدة.
أخفى صاروفيم مجموعته المميزة منذ فترة الستينيات التي بدأ تكوينها خلاله وحتى معرض العام الماضي في متحف هيوستن للفنون الجميلة، والذي كان من كبار العارضين فيه. وعند الإعلان عن المعرض، قال المتحف إن "نطاق وحجم وجودة" لوحات صاروفيم أضفت على المعرض شكلاً خاصاً بسبب ندرتها.
وقبل وفاته، كان صاروفيم أحد أغنى رجال هيوستن، وأحد الركائز القديمة لمجتمع الأعمال والثقافة في المدينة، كما أسس شركة فايز صاروفيم وشركاه فيها عام 1958 وظل رئيس مجلس إدارتها ومديرها الاستثماري المشارك حتى وفاته، بقيمة أصول مدارة تقترب من 33 مليار دولار، في واحدة من الحالات النادرة التي يبقى فيها الشخص نفسه على رأس المؤسسة كل هذه المدة، وخاصة في مجال الاستثمار.

وُلد فايز شلبى صاروفيم عام 1929 في القاهرة لعائلة تنتمي إلى طبقة النبلاء القديمة في مصر، وبصفته نجلًا لأرستقراطي مصري وقطب زراعي، أمضى صاروفيم حياته المبكرة عضواً في النخبة السياسية والطبقات الثرية في مصر في منطقة مصر الجديدة بالقاهرة، وحمل وقتها لقب بك.
ورث صاروفيم بعد وفاة والده ثروة كبيرة ومزارع قطن في إقطاعيات في جميع أنحاء شمال أفريقيا، إلا أنه قرر السفر إلى الولايات المتحدة عام 1946، وحصل عام 1961 على الجنسية الأميركية، كما حصل على شهادات من جامعة كاليفورنيا ومدرسة هارفارد للأعمال، ليلتحق بعد التخرج بشركة الأقطان أندرسون وكلايتون وشركائهما، ثم ليؤسس شركته للاستثمار.
كان أسلوبه الاستثماري منذ نشأة الشركة، والذي يمكن الاطلاع عليه في موقعها على الإنترنت، هو "الاستثمار في الشركات لا المتاجرة في الأسهم"، فاشترى الشركات الكبرى مؤكدة النمو مثل كوكاكولا وإكسون موبيل وبروكتر آند غامبل وفيليب موريس، واحتفظ بها لسنوات طويلة، قبل أن يتحول إلى شركات التكنولوجيا مايكروسوفت وآبل وأمازون وغوغل (ألفابيت) في السنوات العشر الأخيرة، وكان يقول إن "الكثيرين يبحثون دائماً عن الإبرة في كوم القش، فلماذا لا يشترون كومة القش برمتها".
وبعد افتتاح شركته، وصفه سكان هيوستن بـ "ذبابة الليل"، حيث كان عدد شركات إدارة الأسهم المستقلة قليلاً جداً وقتها، فضلاً عن أن يكون مالكها ورئيسها التنفيذي ومدير الاستثمار بها مصرياً، يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، وليس له تاريخ من الإنجازات يقدمه لسكان المدينة، في وقتٍ كانت تسيطر فيه بنوك نيويورك وبوسطن على عالم الاستثمار في المدينة.

فايز صاروفيم، مدير الاستثمار وعاشق الفن والرياضة الذي توفي الأسبوع الماضي عن ثلاثة وتسعين عاماً، بعد رحلة طويلة حافلة بالمغامرات والإنجازات، ليترك لأبنائه الستة ثروة تجاوزت 1.6 مليار دولار


عزف المستثمرون عن شركة صاروفيم لفترة، قبل أن يقوم بأفضل استثماراته على الإطلاق، حين تزوج من لويزا ستود، التي كان هيرمان براون، مؤسس شركة براون آند روت للإنشاءات، قد تبناها طفلة صغيرة، ليستفيد صاروفيم من علاقات العائلة التي صاهرها وشركاتها بأكبر العائلات في بوسطن والولايات الأميركية برمتها، وعلى رأسها علاقة براون بأقوى وأهم رجل في تكساس وقتها، وهو ليندون جونسون نائب الرئيس جون كينيدي.
وبسبب الصلات القوية بين عائلة براون والعائلات الكبيرة في هيوستن، أوكل لصاروفيم إدارة أموال وقف جامعة رايس، التي ظلت ضمن عملاء الشركة حتى وفاة الرجل الأسبوع الماضي.
وكان صاروفيم أيضاً جزءاً من المجموعة التي أعادت فريق كرة قدم المحترفين هيوستن تكسانز إلى المدينة في عام 2002 بعد أن غادرها إلى ولاية تينيسي، ونجح هذا الاستثمار نجاحاً عظيماً، إذ بلغت مؤخراً قيمة الفريق 3.7 مليارات دولار، وفقًا لمجلة فوربس، رغم أن المجموعة دفعت لشراء حقوق امتيازه مبلغاً لا يتجاوز 500 مليون دولار.
تزوج صاروفيم ثلاث زيجات، انتهى الأول والثاني منهما بطلاقين قاسيين، شهدت عليهما صحف هيوستن، ودفع لتسويتهما أكثر من 260 مليون دولار، قبل أن يعتزل الزواج لثمانية عشر عاماً، ثم ليتزوج للمرة الثالثة في سن الخامسة والثمانين من سوزان كرون، طليقة الملياردير تريسي كرون.

المساهمون