إذن فعلتها أسعار النفط بشكل لم يتوقعه أكثر المتشائمين، وهوى سعر البرميل لأقل من 60 دولاراً مقابل 115 دولاراً في شهر يونيو/حزيران الماضي، وفي حال استمرار التراجع السريع للأسعار، فإننا قد نسمع قريباً عن سعر 50 دولاراً للبرميل وربما أقل في ظل زيادة المعروض في السوق العالمي والمضاربات والسوق السوداء، وهو ما يعني كارثة اقتصادية حقيقية لكبار المنتجين وفي مقدمتهم دول الخليج الثلاث الأغزر إنتاجاً (السعودية والإمارات والكويت)، إضافة لروسيا وإيران والعراق والجزائر وفنزويلا ونيجيريا وشركات إنتاج النفط الصخري الأميركية.
في تقديري فإن الخاسر الأكبر في سوق النفط حاليا هو منطقة الخليج التي يصل إنتاجها اليومي لنحو 17 مليون برميل تصدر الكمية الأكبر منها، مع ضعف صناعة التكرير والبتروكيماويات بها، وتعالوا نحسب خسائر الخليج اليومية بسبب تراجع أسعار النفط 47.8% خلال فترة لا تتجاوز 6 شهور.
بالأرقام يصل إنتاج الخليج من النفط نحو 17 مليون برميل يوميا، وهذا الإنتاج كان يدر على دول المنطقة إيرادات يومية تصل لنحو 1955 مليون دولار على أساس 115 دولاراً للبرميل في يونيو الماضي، أما الآن فان الإنتاج يدر نحو 1020 مليون دولار يومياً على أساس 60 دولاراً للبرميل، وهو ما يعنى أن الإيرادات اليومية لمنطقة الخليج فقدت 935 مليون دولار إذا قامت بتصدير كامل إنتاجها.
أما في حال توجيه دول الخليج مليوني برميل يومياً من إنتاجها للاستهلاك المحلي وتصدير 15 مليون برميل، فإن رقم الإيرادات يتراجع بقيمة 825 مليون دولار يوميا.
وفي حال اكتفاء دول الخليج بتصدير 14 مليون برميل يوميا من إنتاجها النفطي وتوجيه 3 ملايين برميل للاستهلاك المحلي تفقد الإيرادات اليومية 770 مليون دولار تتحمل السعودية الجزء الأكبر منها.
وهنا نعود للسؤال: هل من مصلحة دول الخليج تهاوي أسعار النفط كما هو الحال حالياً؟ ولماذا أصرت هذه الدول على رفض خفض الإنتاج في اجتماع أوبك الأخير؟ وهل مساعدة الولايات المتحدة في إضعاف الاقتصاد الروسي والإيراني مبرر مقبول لتحمل الخليج هذه التكلفة الضخمة؟