تتوقع الحكومة المغربية عودة فاتورة استيراد الوقود للارتفاع، ما يضغط على ميزانها التجاري من جديد، ويعيد أسعار المستهلكين في مختلف السلع والخدمات للصعود، بينما كانت قد حصلت على هدنة خلال العام الماضي بفعل انخفاض أسعار النفط عالمياً، في ظل تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد.
ووفق تقرير حديث للبنك المركزي، فإن سعر البترول سيواصل منحاه الارتفاعي، متوقعا أن يرتفع متوسط سعر خام برنت من 42.3 دولارا للبرميل في العام الماضي، إلى حوالي 60 دولاراً للبرميل في العام الجاري.
في هذه الأثناء، تعتبر المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، أن المنحى الصعودي لأسعار البترول المسجلة في فبراير/شباط الماضي، سيساهم في زيادة أسعار المواد الأولية الفلاحية (الزراعية) وتسريع وتيرة ارتفاع التضخم في الربع الثاني من العام الجاري.
وكانت فاتورة واردات الطاقة قد ارتفعت خلال العام الماضي بنسبة 34.7%، مقارنة بالعام الذي قبله، لتبلغ نحو 5 مليارات دولار، متأثرة بانخفاض أسعار الواردات بنسبة 33.5%، والكميات المستوردة بنسبة 9.8%، حسب مكتب الصرف الحكومي.
بينما ارتفعت أخيراً أسعار السولار والبنزين، حيث تقترب من المستويات التي كانت عليها قبل أزمة كورونا. فقد وصل سعر لتر السولار إلى حوالي 9.33 دراهم (1.03 دولار)، بينما بلغ سعر البنزين حوالي 10.33 دراهم للتر.
وكان خبراء اقتصاد قد دعوا، المغرب، إلى الاستفادة من انخفاض سعر النفط عالمياً في ظل الحجر الصحي العام الماضي، حيث تراجع إلى 20 دولارا في إبريل/نيسان 2020، قبل أن يبدأ في الارتفاع اعتباراً من مايو/أيار الماضي، غير أنهم شددوا أكثر على التزود بالنفط المكرر، في ظل إغلاق مصفاة "سامير" في المغرب.
ويقول الحسين اليماني، منسق جبهة الدفاع عن مصفاة سامير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه كلما ارتفع سعر النفط الخام في العالم إلى نحو 60 دولاراً للبرميل، تجاوز سعر اللتر من السولار 9 دراهم، وعندما يصل إلى 70 دولارا يقترب من 10 دراهم للتر.
وكان المغرب بدأ العام الماضي بسعر برميل في حدود 65 دولاراً، قبل أن يتراجع إلى حوالي 40 دولاراً في بعض الفترات من العام الماضي، ما انعكس إيجابا على فاتورة الواردات من المنتجات الطاقية.
ويتصور اليماني، أن لجوء المغرب إلى استيراد المنتجات البترولية المكررة، يؤدي إلى تحمّل المزيد من الأعباء المالية، مشيرا إلى أنه لو كانت "مصفاة سامير" تعمل لاقتصدت مبالغ تصل سنويا إلى 700 مليون دولار، وانعكس ذلك على الأسعار المحلية.
ويرى أن المصفاة التي توقفت قبل بضعة أعوام، كانت تعطي المغرب قوة تفاوضية عند شراء الخام، كما تساعد على تكوين مخزون منه عند انخفاض الأسعار الدولية، وهو ما يساعد على ضبط الأسعار محليا، خاصة بعد تحرير سعر الوقود.
وأعربت الحكومة مؤخراً عن توجهها لتوفير مخزون من النفط المكرر، تحسباً لارتفاع الأسعار في السوق الدولية، حيث طرحت فكرة استِئجار خزانات النفط التابعة لمصفاة "سامير" المتوقفة عن الإنتاج منذ أغسطس/آب 2015.
ورأى المدافعون عن استئجار تلك الخزانات، أنه سيتيح تأمين جزء مهم من المخزون بسعر منخفض، خاصة أن "سامير" تتوفر على قدرات تخزينية في حدود مليوني متر مكعب، أي حوالي 60 يوماً، ما يؤشر إلى أهمية المصفاة.
وكان يفترض في حال قبول طلب الحكومة من قبل المحكمة التجارية، أن يبرم عقد استئجار مع الدولة، يقتصر على استغلال القدرات التخزينية، من دون نشاط التكرير المتوقف.
ويقول الخبير في شؤون الطاقة، المهدي الداودي، إن استغلال خزانات المصفاة، كان سيساعد الدولة على خفض فاتورة الطاقة أكثر، خاصة بعد انتعاش الطلب، إثر رفع تدابير الحجر الصحي في العالم، فضلا عن أن المصفاة كانت تضمن نحو 64% من احتياجات السوق المحلية من المحروقات.