يراقب المغرب تطورات سوق القمح العالمية بعد ارتفاع أسعار السلعة الحيوية في الفترة الأخيرة، بعد انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية واستهداف موانئ التصدير، الأمر الذي يثير قلقاً متزايداً في الرباط من تصاعد فاتورة الاستيراد في عام ضعيف الحصاد للمحصول المحلي.
وتوقع صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، ارتفاع أسعار القمح في الأسواق العالمية بين 10% و15%. وقال بيير أوليفييه غورينشا، كبير خبراء الاقتصاد لدى الصندوق في تصريحات للصحافيين، الثلاثاء الماضي، إنه "من الواضح جداً أن مبادرة تصدير الحبوب من موانئ البحر الأسود كانت مفيدة للغاية في ضمان توافر إمدادات كافية من الحبوب بالنسبة للعالم خلال العام الماضي".
وأشار غورينشا إلى أنه جرى قبل تعليق الاتفاق توريد 33 مليون طن من أوكرانيا إلى بقية دول العالم، وساهم ذلك في حصر التوترات حول الأسعار إلى مستوى جد متدن.
وما زالت أسعار القمح اللين تحديداً بعيدة عن المستوى الذي بلغته في العام الماضي، حين قفزت إلى 500 دولار للطن، غير أنها وصلت في الأيام الأخيرة إلى حوالي 310 دولارات للطن، بعدما كان في حدود 274 دولارا للطن الواحد قبل ثلاثة أسابيع.
ويتوقع محللون أن يرتفع الدعم الجزافي الذي تخصصه الحكومة المغربية للقمح اللين وسط ارتفاع الأسعار عالمياً، علما أن المستوى القياسي الذي بلغه سعر القمح اللين في العام الماضي في سياق ضعف المحصول وتداعيات الحرب في أوكرانيا، كان قد دفع الحكومة إلى تقديم دعم جزافي تجاوز 250 دولارا للطن، وهو مستوى جد مرتفع.
وطلب المكتب الوطني للحبوب (حكومي) أخيراً عروضاً لتوريد أكثر من 130 ألف طن من القمح اللين للمطاحن الصناعية بهدف توفير الدقيق المدعم، مشيرا إلى أن العروض المنتظرة يمكن أن تكون من محاصيل محلية أو مستوردة. وتترقب الحكومة استيراد 2.5 مليون طن من القمح اللين خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري.
ويعمد المغرب إلى الاستيراد في سياق متسم بتوقع محصول في حدود 5.51 ملايين طن للحبوب بشكل عام، منها 2.98 مليون طن للقمح اللين، ما يجعل المغرب مرتهناً في الظروف الحالية لتقلبات الأسواق العالمية، وفق محمد الهاكش الخبير في القطاع الزراعي.
ويقول الهاكش لـ"العربي الجديد" إن المغرب كان يراهن على محصول في حدود 7.5 ملايين طن، غير أن ضعف الأمطار أثر سلباً على المحاصيل، ما يبرر البحث عن توفير مخزون سيكون مرهونا بالمعروض في السوق الدولية.
ويعتبر الخبير الزراعي أن المغرب أضحى من البلدان المستوردة للحبوب، في ظل عدم استقرار المحاصيل المحلية بسبب الجفاف وتغلب السلع الفلاحية الموجهة للتصدير، ما يرفع فاتورة المشتريات من الخارج.
وينتظر أن يواصل المغرب الاستيراد بكثافة العام الحالي، بعد ما أكدت الوكالة الوطنية للموانئ أخيراً، أن واردات المملكة من الحبوب وصلت في العام الماضي إلى 8.8 ملايين طن، ما يمثل زيادة بنسبة 23.2% مقارنة بعام 2021.