غياب السيطرة الحكومية على "بورصة الدواء" في ليبيا وسط تصاعد الأسعار

27 نوفمبر 2021
الليبيون يواجهون أزمة في سوق الدواء (Getty)
+ الخط -

ظل المواطن الليبي عز الدين الشيباني (55 عاماً) يبحث عن دواء لعلاج ضغط الدم متنقلاً طوال النهار بين مدينة وأخرى، ولكنه رجع إلى بيته خالي الوفاض، رغم أن الدواء مدعوم من قبل الحكومة.
وقال الشيباني لـ "العربي الجديد" إن شراء الدواء من الصيدليات الخاصة يكلفه ما يعادل مرتبه الشهري 638 ديناراً، وهو موظف في شركة الأشغال العامة. وأضاف "لم تكن الحياة سهلة قط بالنسبة لمن يتقاضون أجوراً متدنية فيما الأدوية ترتفع أسعارها يومياً،" مؤكداً تزايد الصعوبات بسبب أزمة غلاء المعيشة خلال السنوات الأخيرة، مع جائحة كورونا وتخفيض العملة وعدم الاستقرار السياسي.
وخصصت حكومة الوحدة الوطنية 3 مليارات دولار 669 مليون دولار لدعم الأدوية في موازنة 2021، خاصة أدوية الأمراض المزمنة التي توفرها الدولة بشكل مجاني للمواطنين، لكن خلال السنوات الأخيرة بات المواطن يشتريها من الصيدليات الخاصة بسبب ندرة توافرها في المراكز الصحية.
فيما أكد إسماعيل سحبون أن الوجع لديه مضاعف، وقال إن الدولة "كانت توفر الأدوية بشكل منتظم للأمراض المزمنة من بينها "داء الصدفية" والآن المواطن يشتريها من الصيدلية الخاصة. ويلفت إلى أن دواءه كان مجانياً، أما الآن فيباع بـ 175 ديناراً للمرهم الواحد (الدولار يعادل 4.48 دنانير).
ومن إحدى الصيدليات في العاصمة الليبية طرابلس لفتت نجلاء الورشفاني لـ "العربي الجديد" إلى أن الأسعار تعتبر عالية، وأن كل شركة أدوية لها تسعيرة معينة لنفس صنف الدواء، بالإضافة إلى وجود الدواء المهرب والمغشوش في السوق. وأوضحت أن أسعار الأدوية قفزت 30% بالمقارنة مع العام الماضي بحسب الفواتير الموجودة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ومن أمام صيدلية المنشية بمنطقة بن عاشور بالقرب من وسط العاصمة قال المهدي صقر لـ "العربي الجديد" إن أسعار الأدوية غالية ولا تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن، "اشتريت لابنتي أدوية لنزلة برد وضيق التنفس بقيمة 140 ديناراً، الأدوية ذاتها خلال العام الماضي كانت بـ70 ديناراً، وعام 2010 لم تتعد 30 ديناراً.

 ورأى الباحث الاقتصادي علي الشبوكي أن هناك فوضى في الأسعار في السوق المحلي "مع وجود " بورصة للسعر الدواء" عبر سوق الدريبي غير الرسمي في طرابلس الذي يحدد السعر من قبل المضاربين، وسط غياب أي دور حكومي بشأن مواجهة ارتفاع الأسعار بشكل عام".
وأوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن ارتفاع سعر الأدوية يرجع إلى ثلاثة أسباب، أولها احتكار قلة معينة لاستيراد الأدوية والسيطرة على التسعيرة عبر المضاربات، وأما الأدوية المختصة للأمراض المزمنة فيتم بيعها في الأسواق بأسعار مختلفة، لأن الدولة لا يوجد لديها قاعدة بيانات رسمية منذ عام 2011 بشأن الأدوية. وأما الأمر الثاني فيتعلق بتخفيض قيمة العملة 71%، والعامل الثالث هو ارتفاع بعض أسعار الأدوية عالميا.
واعتبر الناطق الرسمي باسم جهاز الحرس البلدي امحمد الناعمي أن هناك فوضى في أسواق الأدوية، وقال لـ "العربي الجديد" إن وزارة الاقتصاد وضعت تسعيرة جبرية لبعض السلع ثم تراجعت عنها، فالسوق الليبي مفتوح ولا تستطيع مراقبة الأسعار وضبط المخالفين إلا بالعودة إلى وزارة الاقتصاد المعنية بمتابعة الأسعار والتدخل إذا دعت الضرورة.

في المقابل، شرح مدير الإدارة التجارية في وزارة الاقتصاد مصطفى قدارة لـ "العربي الجديد" أنه لا "توجد لدينا بيانات عن كمية الأدوية الموردة للسوق وهامش الربح المعمول به. الشركات الموردة تأخذ إذن المزاولة ثم تنقطع عنها الأخبار". 
 ويوجد في ليبيا ما يقرب من 350 شركة موردة للأدوية والمعدات الطبية بحسب تقارير رسمية لوزارة الصحة. وذكر عبد الله عدالة مورد أدوية لـ "العربي الجديد" أن أسعار الأدوية ارتفعت نتيجة ارتفاع الأسعار من المصدر بسبب جائحة كورونا، مع ارتفاع سعر الدولار من 3.62 دنانير للدولار إلى 4.48 دنانير، ومع زيادة سعر التكلفة وهامش الربح يصل الدواء إلى المواطن بسعر عالٍ مقارنة بدخله الشهري.

 

المساهمون