تصاعد الغضب في أوساط الأطباء المصريين، خلال الآونة الأخيرة، نتيجة فرض رسوم ومخصصات مالية تؤول إلى الجهات الحكومية، ما يشكل أعباء إضافية جديدة على مقدمي الخدمة والمواطنين. الضرائب الجديدة المفروضة على الأطباء أجبرت مجلس نقابة أطباء مصر على مخاطبة النقابات الفرعية للأطباء بجميع المحافظات، ودعوتهم لحضور الجمعية العمومية غير العادية يوم الجمعة في 17 مارس/آذار، لمناقشة تعامل مصلحة الضرائب المصرية مع الأطباء بطرق وآليات غير عادلة، واشتراط الإدارة المحلية بالمحافظات ترخيص المنشآت الطبية في أدوار إدارية بالمباني وتحصيل رسوم مخالفة على النفايات ولافتات المنشآت الطبية.
وتأتي الدعوة للجمعية العمومية غير العادية للأطباء بالتوازي مع رفع دعوى قضائية ضد وزير المالية ورئيس مصلحة الضرائب المصرية، للطعن في إلزام الأطباء بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية، وسيتم في جلسة السبت 18 مارس/آذار النطق بالحكم.
وكانت مصلحة الضرائب المصرية قد أعلنت، في فبراير/شباط الماضي، وضع مجموعة من الإجراءات للأطباء للتعامل بالإيصالات، وطالب رئيس المصلحة الأطباء بوضع لافتة بأسعار الكشف والاستشارة وأي خدمات يجرى تقديمها من قبل العيادات الطبية، وحذر رئيس المصلحة الأطباء من العقوبات القانونية.
وطبقًا ليحيى الهواري، محامي النقابة العامة للأطباء، فإن النقابة تطالب بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإلزام الأطباء بالتسجيل لدى مصلحة الضرائب بمنظومة التسجيل الإلكتروني والتوقيع والفواتير والإيصال الإلكتروني، باعتبار أن هذا القرار "يغيّر من الطب كرسالة وينحرف به إلى سلعة تهدف للربح، متجاهلا الإلزام الإنساني والمهني قبل القانوني للطبيب في حالات الطوارئ".
واعتبر الهواري في حديث مع "العربي الجديد" أن نظام الفاتورة الإلكترونية يضيف إلى الطبيب أعباء مالية تتجاهل حساب كافة مصروفات الطبيب، بينما تدقق في حساب كامل الإيرادات.
وطبقًا لعضو مجلس نقابة الأطباء أحمد حسين، فإن 70 في المائة من مداخيل الأطباء في القطاع الخاص تؤول إلى الضرائب والمحليات، وأن والمحاسبة الضريبية الحالية ستعصف بالمريض والعيادات وصغار المراكز الطبية لصالح سلاسل المستشفيات الاستثمارية. وسبق هذه الخطوات إعلان نقابة الأطباء التزام أعضائها بسداد الضرائب في إطار محاسبي عادل.
وأكدت نقابة أطباء مصر، في بيان رسمي نهاية فبراير/شباط الماضي، على قناعة الأطباء قبل التزامهم القانوني بسداد الضرائب المستحقة للدولة، إلا أنها ترفض أن تكون المحاسبة الضريبية للأطباء إلا في إطار نظام عادل يحتسب كامل المصروفات كما يدقق في توثيق كامل الإيرادات.
ورأت نقابة أطباء مصر أن بيان مصلحة الضرائب احتوى على "معلومات غير واضحة قد تحدث خلطا لدى المواطنين"، وشددت على ضرورة إقرار نظام محاسبي عادل للضرائب على الخدمات الصحية.
واعتبرت النقابة أن "المحاسبة الضريبية للأطباء على الخدمات الطبية تتحرى توثيق وحساب كافة الإيرادات بالحد الأقصى، وتتجاهل احتساب المصروفات والتكاليف وخصمها من الإيرادات"، وأن "المحاسبة الضريبية للأطباء لا تخصم أية نسبة عن أعباء المهنة، وكأن مهنة الطب مكتسبة بالفطرة دون دراسة وتدريب".
ولفتت إلى أن "الكتاب الدوري رقم 18 لسنة 2018 الصادر من رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات غير الحكومية والتراخيص بوزارة الصحة، والذي طالب فيه رئيس مصلحة الضرائب الأطباء بالالتزام به حيث يخاطب الأطباء وضع لافتة بأسعار الكشف في العيادات، قد منح الأطباء الحرية التامة في تحديد أسعار الكشف كما يتراءى لهم بمبدأ العرض والطلب".
وأكدت النقابة أنها رفضت هذا الكتاب الدوري، وقت صدوره، وتكرر مجدداً رفضها أن تضاف المصروفات والتكاليف، التي تتجاهل مصلحة الضرائب خصمها من الإيرادات، على قيمة الكشف والخدمة الطبية التي يدفعها المريض. وشددت النقابة على أن أطباء مصر لا يقبلون "أن يكون إنصافهم في سداد الضرائب على حساب المريض".
وأشارت النقابة إلى أنه طبقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة، فإن القطاع الخاص في مصر شريك في تقديم الخدمات الصحية بنسبة تتجاوز 30 في المائة، واستمرار المحاسبة الضريبية للأطباء بنفس الإجراءات والنظام غير المنصف سيؤدي إلى مزيد من هجرة الأطباء وانحسار القطاع الخاص في ظل عدم قدرة القطاع الحكومي على تقديم الخدمات الصحية منفرداً.
وطبقًا لسجلات نقابة الأطباء، فإن عدد الأطباء المسجلين بالنقابة والمرخص لهم بمزوالة المهنة من دون الأطباء على المعاش بلغ، حتى 20 مارس/آذار 2022، حوالي 228 ألفاً و862 طبيبًا. ليكون عدد الأطباء العاملين في القطاع الحكومي 93 ألفاً و536 طبيب تقريباً، وتكون نسبة الأطباء في القطاع الحكومي إلى عدد الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة تحت سن المعاش 40,8 في المائة.
ويبلغ عدد الأطباء والطبيبات الذين تقدموا إلى نقابة الأطباء خلال عام 2002 بمستندات إنهاء خدمتهم من قطاع الصحة الحكومي في مصر واستخراج شهادة "طبيب حر"، والتي تعني عدم عمل الطبيب بأي جهة حكومية، 4261 طبيباً وطبيبة بمعدل يومي 12 طبيبًا وطبيبة.