غزو أوكرانيا "يطحن" قمح الفقراء: تحذير من أزمة عالمية تنعكس شحاً وغلاء

15 مارس 2022
توقعات بالمزيد من ارتفاع أسعار القمح (Getty)
+ الخط -

فيما كان اهتمام العالم ينصبّ على ارتفاع أسعار النفط والغاز بعد غزو روسيا لأوكرانيا، كانت أزمة لا تقل ضراوة تتشكل في الكواليس، وهي أزمة القمح، التي تهدد ملايين الفقراء حول العالم بالمزيد من الجوع والحرمان.

إذ أن كلاً من روسيا وأوكرانيا مسؤولتان عن أكثر من ربع صادرات القمح العالمية، وحوالي 80% من إمدادات العالم من زيت عباد الشمس. روسيا إلى جانب حليفتها بيلاروسيا، هي أيضًا مصدر ضخم للأسمدة، حيث تمثلان حوالي 15% من الإمدادات على مستوى العالم، وفقاً لـ"ذا غارديان" البريطانية.

وفيما أعلنت أوكرانيا، التي تواجه أزمة في حصاد محاصيلها في وسط الحرب، حظر صادراتها الزراعية، فرضت روسيا، ليل الاثنين الثلاثاء، قيودًا على صادرات الحبوب إلى أربع دول كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي السابق، أي كازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا وقرغيزستان، من أجل تجنّب الشحّ المحلي وارتفاع الأسعار.

كذلك، أشار المكتب الإعلامي في الحكومة الروسية إلى حظر "تصدير السكر الأبيض وقصب السكر الخام إلى دول العالم الثالث".

وستبقى القيود على صادرات الحبوب نافذة حتى 30 يونيو/ حزيران، فيما تبقى القيود على صادرات السكر نافذة حتى 31 أغسطس/ آب 2022، بحسب الحكومة الروسية، التي أشارت إلى أن القرار اتُخذ "من أجل حماية السوق الغذائية الداخلية في مواجهة القيود الخارجية".

بالنسبة للحبوب، ينطبق القرار على القمح والميسلين (خليط من القمح والجاودار) والجاودار والشعير والذرة. وسيكون هناك عدد من الاستثناءات لهذه القاعدة بقرار من وزارة الزراعة.

وتشمل الاستثناءات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد في شرق أوكرانيا، واعترفت موسكو باستقلالهما.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة الاثنين من أن الحرب الروسية على أوكرانيا تنعكس على الاقتصاد العالمي، وخاصة البلدان الفقيرة، التي تواجه ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة وتشهد "قصف" سلة الخبز لديها.

وقال إن 45 دولة أفريقية وأقل نمواً تستورد ما لا يقل عن ثلث إنتاجها من القمح من أوكرانيا وروسيا، وأن 18 منها تستورد ما لا يقل عن 50 في المائة. وأشار إلى أنها تشمل مصر والكونغو وبوركينا فاسو ولبنان وليبيا والصومال والسودان واليمن.

وأيضاً، أكد ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، خلال زيارة لمدينة لفيف بغرب أوكرانيا، إن 50 في المائة من الحبوب التي تشتريها الوكالة لإطعام 125 مليون شخص يأتي من أوكرانيا، وكذلك 20 في المائة من إمداد العالم من الذرة.

ويهدد الجفاف المتفاقم في سهول الولايات المتحدة الجنوبية محصول القمح الشتوي، ما يزيد من الضغوطات على الإمدادات والأسعار.

وحذر صندوق النقد الدولي الاثنين من أن النزاع قد يعرض الأمن الغذائي العالمي للخطر. فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إن العالم قد يواجه أزمة غذاء مع ارتفاع الأسعار وتعرض المحاصيل للخطر بسبب الحرب في أوكرانيا.

وكانت أسعار المواد الغذائية مرتفعة بالفعل بسبب تغير المناخ، وأزمة الإمدادات بسبب فيروس كورونا. ويعني نقص أو ارتفاع تكلفة القمح تأثيراً على المواد الغذائية الأساسية، مثل الخبز والمعكرونة.

واليوم الثلاثاء، ارتفعت العقود الآجلة للقمح في شيكاغو بنسبة 5.5% إلى 11.565 دولاراً لبوشل (البوشل من القمح يساوي 27.2 كيلوغراماً). وكان القمح قد لامس بالفعل أعلى مستوى له على الإطلاق فوق 13 دولارًا في وقت سابق من هذا الشهر.

وتُعتبر الحبوب والسكر من بين المنتجات الغذائية التي شهدت أعلى معدل تضخم في روسيا منذ بداية جائحة كوفيد-19، بحيث بدأت السلطات تُنظّم أسعار السكر بين نهاية العام 2020 ويونيو/ حزيران 2021. وبحسب وكالة الإحصاء الروسية روستات، ارتفع سعر السكر بنسبة 13% بين 5 و13 آذار/مارس 2022.

وأفادت بيانات بأنه يجري تحميل نحو 30 ألف طن من القمح في فرنسا على متن سفينة متجهة إلى مصر، في ما وصفه تجار بأنه عملية بيع فرنسية نادرة إلى القطاع الخاص المصري، مع انحسار الإمدادات للمستوردين بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وتحصل على معظم وارداتها من روسيا وأوكرانيا ورومانيا عبر البحر الأسود، من خلال الهيئة العامة للسلع التموينية وقطاع المطاحن الخاص.

وتقوم فرنسا، أكبر مصدّر للقمح في الاتحاد الأوروبي، بالتوريد لهيئة السلع التموينية من وقت لآخر، لكن التجار يقولون إنه لم يكن معروفاً خلال السنوات الأخيرة أنها تخدم القطاع الخاص في مصر.

وتسود الأزمات في عدد كبير من الدول العربية الأخرى، ومنها لبنان، مع تزايد المخاوف من انحسار إمدادات الحبوب، وارتفاع أسعارها خلال الفترة المقبلة.

المساهمون