غزو أوكرانيا يطاول التونسيين: عجز إضافي يزيد التعلق بصندوق النقد

03 مارس 2022
الشارع يدفع ثمن تفاقم الأزمات المالية للحكومة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تزيد الضغوط المالية الجديدة التي قد تترتب عنها زيادة حاجات تونس إلى تمويلات إضافية تزيد من تبعية البلاد لمؤسسات القرض الدولية التي توجهت إليها السلطة بحثاً عمّا لا يقلّ عن 12 مليار دينار من أجل تمويل الموازنة العامة ومواصلة تأمين الأجور والواردات الأساسية من غذاء وطاقة ودواء.

وجاءت الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة والقمح والمواد الأولية ليدفعا البلاد نحو الاقتراض الخارجي، واحتمال تقديم الحكومة التونسية المتأزمة مالياً تنازلات جديدة من أجل تحصيل اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي.
وخلال الأسبوع الممتد بين 14 و22 فبراير/ شباط الماضي فاوضت حكومة تونس خبراء صندوق النقد الدولي بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي يتعين تنفيذها بغاية توقيع اتفاق مالي ينقذ البلاد من أزمتها المالية ويعطي الضوء الأخضر لباقي مؤسسات القرض الدولية لتمكين تونس من تمويلات بنسب فائدة مقبولة.
ويعتقد المهتمون بالشأن الاقتصادي أنّ الأزمة الروسية الأوكرانية تعمّق عجز الموازنة، وهو ما يفسّر إسراع الحكومة إلى رفع أسعار الطاقة في مناسبتين في غضون شهر واحد ومراكمة زيادة لا تقل عن 6 بالمائة في أغلب أصناف المحروقات.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويرجح أن تتواصل الزيادات الدورية إلى غاية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل لتجّنب تعمّق فجوة العجز في الموازنة العامة المقدر حالياً بنحو 9 مليارات دينار (الدولار= نحو 2.9 دينار).
وفي هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي أنيس الوهابي، إنّ صندوق النقد الدولي يطلب من تونس حوكمة المالية العمومية ومحاصرة العجز، وهي مهمة قد تبدو صعبة بسبب تأثيرات ارتفاع أسعار المواد الطاقية والحبوب بمخصصات الدعم.
ورجّح الوهابي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تعرف مخصصات الدعم زيادة بنحو 50 بالمائة، وهي وضعية تضع الحكومة أمام خيارين أحلاهما مر، وذلك إما عبر اللجوء إلى المقرضين والبحث عن تمويلات أجنبية إضافية، أو الزيادة في الأسعار، وهو خيار يزيد في نسبة التضخم.
ويشير الخبير الاقتصادي، في السياق ذاته، إلى أنّ صندوق النقد الدولي طلب من الحكومة إصلاحاً اقتصادياً يضمن توازن المالية العمومية واستعادة النمو المندمج، غير أنّ رياح التطورات العالمية لا تخدم هذين الشرطين، بحسب قوله.
ويتوقع الوهابي أن تؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية بمحركات النمو الأساسية، ولا سيما التصدير والسياحة، بسبب إمكانية خسارة السوق السياحية الروسية الأوكرانية التي تصنف كإحدى أهم الأسواق التي تراهن عليها صناعة السياحة التونسية.
والاثنين قررت الحكومة التونسية رفع سعر المحروقات بسبب زيادة حادة في أسعار النفط العالمية، وذلك في مسعى لكبح العجز في ميزانيتها. وقالت وزارة الطاقة التونسية في بيان، إن سعر لتر البنزين سيرتفع من 2.15 دينار إلى 2.20 دينار (من 0.74 دولار إلى 0.75 دولار).

يعتقد المهتمون بالشأن الاقتصادي أنّ الأزمة الروسية الأوكرانية تعمّق عجز الموازنة، وهو ما يفسّر إسراع الحكومة إلى رفع أسعار الطاقة في مناسبتين في غضون شهر واحد


وتسعى تونس، التي تعاني أسوأ أزمة مالية، للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات لا تلقى قبولاً شعبياً.
الارتفاع الحاد لأسعار النفط والقمح العالمية بسبب الأزمة في أوكرانيا سيؤثر بشكل قوي في المالية العامة في تونس.
وبيّن تقرير لاتحاد المصارف العربية أن تونس تتصدر مرتبة متقدمة في تصنيف الدول العربية الأكثر توريداً للقمح الروسي والأوكراني، ما يجعلها أكثر عرضة للتداعيات المالية المترتبة عن زيادة الأسعار.

وتونس التي تعاني من عجز مالي حاد وضعف في النمو تعوّل على القروض لتأمين الغذاء، إذ بلغت وارداتها من القمح الروسي والأوكراني، بحسب تقرير اتحاد المصارف العربية 1095 ألف طن، من بينها 984 ألف طن، جرى توريدها من أوكرانيا، بما قيمة 196 مليون دولار، بينما تقدر قيمة الواردات الروسية بـ24 مليون دولار.

المساهمون