غزة – إنتل.. إسرائيل بين هزيمتين ثقيلتين

05 سبتمبر 2024
إنتل توقف استثماراتها الجديدة بقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في 27 ديسمبر 2023، أعلن نتنياهو عن استثمار إنتل بقيمة 25 مليار دولار لإنشاء مصنع "فاب 38" في جنوب إسرائيل، مما يعزز قطاع التقنية ويوفر آلاف الوظائف.
- الصفقة كانت مهمة دولياً، خاصةً في ظل الحرب على غزة، وأظهرت قدرة إسرائيل على جذب استثمارات ضخمة رغم النزاعات.
- في 12 يونيو 2024، أعلنت إنتل عن إلغاء المشروع وسحب استثماراتها، مما أثر سلباً على مناخ الاستثمار في إسرائيل وأحلام نتنياهو الاقتصادية.

يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2023 خرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الإسرائيليين والعالم متباهياً بنجاح حكومته في انتزاع موافقة شركة إنتل الأميركية العملاقة على إقامة مصنع جديد لصناعة الرقائق باستثمارات تبلغ قيمتها 25 مليار دولار في جنوب إسرائيل وعلى بعد نحو 16 ميلاً شمال شرق غزة. بل وحدد موعد افتتاح المصنع الذي يحمل اسم "فاب 38" بعام 2028.

خطوة وصفها نتنياهو وقتها بأنها "أكبر استثمار على الإطلاق من قبل شركة عالمية في تاريخ إسرائيل". وأنها تدعم قطاع التقنية المتقدمة وترفع استثمارات إنتل التي تدير 4 مواقع للتطوير والإنتاج في إسرائيل تشمل مصنعها (فاب 28) للصناعات التحويلية في كريات غات، والذي ينتج تقنية إنتل 7 أو رقائق حجمها 10 نانومترات.

لم يتوقف عند ذلك، بل قال إن شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة التي توظف 11.7 ألف شخص في إسرائيل، وبما يعادل أقل قليلا من 10% من قوتها العاملة العالمية، واستثمرت أكثر من 50 مليار دولار بها على مدار الخمسين عامًا الماضية، تلتزم بشراء منتجات وخدمات بقيمة 60 مليار شيكل (16.2 مليار دولار) من الإسرائيليين على مدى العقد المقبل.

كما أنها توفر ألافا من فرص العمل وتدعم الصادرات الإسرائيلية وترفع معدل نمو الاقتصاد. 

وبسبب كل تلك المزايا الضخمة أعلنت حكومة نتنياهو عن منح إنتل منحة مالية بقيمة 3.2 مليارات شيكل (864.77 مليون دولار).

كانت الصفقة حدثا جللا في أوساط أسواق المال الدولية، ليس بسبب ضخامة قيمة الاستثمارات التي ستضخها إنتل في شرايين اقتصاد إسرائيل، ولكن لأن إعلان الصفقة جاء في ذروة الحرب على غزة

كانت الصفقة حدثا جللا في أوساط أسواق المال الدولية، ليس بسبب ضخامة قيمة الاستثمارات التي ستضخها إنتل في شرايين اقتصاد إسرائيل، ولكن لأن إعلان الصفقة جاء في ذروة الحرب على غزة وبعد 80 يوما على انطلاقها، وهو أعطى رسالة بأن دولة الاحتلال لا تزال قادرة على جذب استثمارات ضخمة حتى في ذروة الحرب الدائرة، وأن الشركات العالمية الضخمة لديها ثقة في مستقبل واقتصاد الدولة العبرية، بل وفي حسم المعركة لصالحها في القريب العاجل. كما أن الصفقة جاءت في ذروة هروب الاستثمارات الأجنبية من إسرائيل خاصة من قطاع التقنية الحيوي والاستثمار المباشر وأسواق المال والبورصة.

لكن وبعد أقل من ستة شهور وتحديدا يوم 12 يونيو/حزيران 2024 خرجت علينا إنتل الأميركية لصناعة الرقائق والمعالجات بإعلان صادم لدولة الاحتلال تعلن فيه تخليها عن مشروع إقامة المصنع الجديد وسحب الاستثمارات البالغة قيمتها 25 مليار دولار، بل وتسريح 15% من العمالة بها وخفض النفقات.

لم تكتفِ الشركة بذلك بل تلقى مزودو إنتل في إسرائيل إخطارا بإلغاء العقود الموقعة معهم لتزويدها بالمعدات والمواد اللازمة لتوسيع مصنع الشركة الجديد في إسرائيل.

وقبلها، أعلنت شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة عن تخليها عن خطط شراء شركة تصنيع الرقائق الإسرائيلية Tower Semiconductor  مقابل 5.4 مليارات دولار، وهي الصفقة التي كشفت عنها في فبراير/شباط 2022.

إسرائيل باتت تعيش بين هزيمتين، غزة وإنتل، وما بين نتائج حرب غزة الكارثية على جيش الاحتلال والاقتصاد وصدمة إنتل على مناخ الاستثمار ضاعت أحلام نتنياهو في أن تكون إسرائيل واحة الاستثمار

إسرائيل باتت تعيش بين هزيمتين ثقيلتين، الوحل في غزة وانسحاب إنتل، وما بين نتائج حرب غزة الكارثية على جيش الاحتلال والاقتصاد الإسرائيلي وصدمة إنتل على مناخ الاستثمار ضاعت أحلام نتنياهو في أن تكون إسرائيل واحة الاستثمارات والجاذب الأول للأموال والتكنولوجيا المتطورة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

فحرب غزة فرضت واقعا جديدا على الدولة العبرية وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وإعلان إنتل أكد أن إسرائيل باتت دولة هشة اقتصاديا ومنبوذة اجتماعيا وضعيفة سياسيا يجري عليها ما يجري على الدول عالية المخاطر.

المساهمون