- قبل الحرب، كانت نسب البطالة مرتفعة بالفعل، لكن الوضع الحالي شهد ارتفاعاً حاداً في الفقر والبطالة، مع تأثير مدمر على الناتج المحلي الإجمالي وزيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر.
- الحصار الإسرائيلي والدمار الواسع للمنشآت الاقتصادية أدى إلى توقف الغالبية العظمى من الأعمال، مما زاد من الأزمة الإنسانية والاقتصادية، وأدى إلى نزوح كبير وحاجة ماسة لفتح المعابر لإدخال الاحتياجات الأساسية.
تزايدت معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة الذي يعيش على وقع حرب إسرائيلية مدمرة للشهر الثامن على التوالي تعطل خلالها مئات الآلاف من العاملين، فيما دمر الاحتلال مئات المنشآت الاقتصادية والإنتاجية والمصانع والمحال التجارية.
وباتت المساعدات التي يتحصل عليها الفلسطينيون من قبل المؤسسات الأممية وبعض الدول هي الخيار الوحيد لتلبية الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وغيره في ظل عدم وجود مصادر دخل وحالة البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي.
وقبل الحرب الإسرائيلية على غزة كانت نسبة البطالة في القطاع تتراوح ما بين 48% إلى 54%، حيث كانت تصل بين الشباب الخريجين إلى 60%، فيما ترتفع إلى 80% في صفوف الإناث، في الوقت الذي يعتمد فيه أكثر من 80% على المساعدات الإغاثية.
وأكد تقرير حديث للأمم المتحدة صدر يوم 2 مايو/ أيار الجاري، أنه بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة واصل معدل الفقر في دولة فلسطين ارتفاعه ليصل إلى 58.4%، إذ يُدفع بنحو 1.74 مليون شخص إضافي إلى براثن الفقر، كما يستمر انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بشكل هائل بنسبة 26.9%، أي بخسارة قدرها 7.1 مليارات دولار من القيمة المقدرة لعام 2023 مع غياب الحرب.
حصار إسرائيلي خانق
ومع دخول الحرب شهرها الثامن على التوالي وحالة التدمير الممنهج التي يقوم بها جيش الاحتلال فإن المشهد الاقتصادي يبدو معقدًا للغاية أمام النسب المرتفعة للفقر والبطالة في ظل عدم وجود مصادر دخل أو فرص عمل دائم.
ويعاني القطاع أساسًا من حصار إسرائيلي خانق فرض عام 2007 تدهورت معه الأوضاع الإنسانية بشكل كبير وهبطت بمعدلات الإنتاج ما تسبب في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وقلة حصول الخريجين على فرص عمل.
وتفاقم سيطرة الاحتلال الإسرائيلي حاليًا على معبري رفح البري وكرم أبو سالم التجاري، الفقر والبطالة حيث انقطع إدخال البضائع والمساعدات وشحت الأسواق من السلع الأساسية وهو ما سيدفع الأوضاع الإنسانية إلى مزيد من التدهور.
وقبل الحرب الإسرائيلية على غزة، كان معدل الشاحنات التي يسمح لها بدخول القطاع ما يزيد عن 500 شاحنة يوميا، تشمل شاحنات وقود وغاز طبيعي، بالإضافة إلى أصناف متنوعة من البضائع والسلع الغذائية والملابس.
قفزة المعدلات بعد الحرب
من جانبه، يقول الصحافي والباحث في الشأن الاقتصادي محمد أبو جياب إن معدلات البطالة كانت تؤشر قبل الحرب إلى نسبة 48% من القوى العاملة في القطاع وبالتالي فإن نسبة الفقر المدقع تجاوزت 35% ونسبة المواطنين الذين هم تحت الفقر كانت 70%.
ويضيف أبو جياب لـ "العربي الجديد" أن 90% من القوى العاملة في القطاع في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة هم في عداد البطالة وتعطيل المصالح الاقتصادية وتوقف حركة العمل الداخلي وتدمير القطاعات التجارية.
ويشير إلى أن القطاع الخاص الذي يعتبر المشغل الأكبر في القطاع متوقف تمامًا جراء الحرب المتواصلة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وهو ما يرفع نسبة الفقر لأكثر من 80% في المرحلة الحالية.
ويشدد على أن الحرب الإسرائيلية أسهمت في تعطيل الدورة الاقتصادية والمالية وهو ما يسعى الاحتلال لتحقيقه عبر تدميره للمنشآت التجارية والمصانع الاقتصادية واستهدافه للبنية التحتية والشركات.
بطالة قياسية
ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر، أن ارتفاع معدلات الفقر يبدو طبيعيًا في ظل الحرب الإسرائيلية المدمرة التي طاولت شتى المجالات الاقتصادية، والبنية التحتية والشركات والمحال.
ويقول أبو قمر في حديثه لـ"العربي الجديد" إن نسبة البطالة تجاوزت 80% بعد أن كانت تبلغ في إطار عام نحو 50%، فيما قفز المعدل العام للفقر لأكثر من 90% بعد أن كان لا يتجاوز 45% في المعدل العام.
ويلفت إلى أن توقف الحرب الإسرائيلية سيسهم في انخفاض معدلات الفقر والبطالة حيث من شأن ذلك أن يعيد حركة الإنتاج من جديد بشريطة بدء عملية إعادة الإعمار وفتح المعابر بشكلٍ مستدام وخلق مشاريع تنموية.
آثار غير مسبوقة
من جانبه، يقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، إن عمال غزة يعيشون ظروفاً إنسانيةً غير مسبوقة في ظل ارتفاع نسبة البطالة لـ 75% وارتفاع نسبة الفقر لأكثر من 90% واستمرار الحصار للعام 18 على التوالي.
ويوضح الثوابتة لـ"العربي الجديد" أن نسبة البطالة بلغت في غزة 75% مع مطلع العام الجاري 2024، مقارنة مع 46% قبل حرب الإبادة الجماعية، فيما فقد أكثر من 200 ألف شخص وظيفته خلال أول ثلاثة أشهر من الحرب، بينهم قرابة خمسة آلاف صياد أسماك.
ويشير إلى أن نسبة الفقر ارتفعت إلى أكثر من 90% في قطاع غزة تزامناً مع ظروف الحرب الكارثية، وفي وقتٍ توقفت فيه ما نسبته 95% من المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة عن العمل تماماً بسبب القصف والتدمير وحرب الإبادة.
وينوه مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن إجمالي الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية على القطاع تجاوز 33 مليار دولار، حيث دمر الاحتلال "الإسرائيلي" 15 قطاعاً من قطاعات العمل والحياة في غزة.
ويشدد الثوابتة على أن الاحتلال دمر: "القطاعات الإسكانية والمنزلية، والخدماتية والبلديات، والتجارية، والصناعية، والزراعية، والصحية، والتعليمية"، مضيفا: كما دمر قطاعات الإعلام، والترفيه والفنادق، والاتصالات والإنترنت، والنقل والمواصلات، وفي هذه القطاعات فقد عشرات الآلاف وظائفهم وأعمالهم".
ويلفت إلى أن نزوح أكثر من 1.5 مليون نسمة ساهم في زيادة معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في ظل الحاجة الماسة لفتح المعابر وإدخال 1000 شاحنة يومياً محملة بالاحتياجات الأساسية للقطاع المحاصر.