غرق الفوسفات وبزنس الخوف

26 ابريل 2015
تلوث مياه النيل بعد غرق مركب فوسفات (أرشيف/getty)
+ الخط -

لم يترك بعضهم في مصر أي نقيصة أو مذمة إلا وألصقها بمركب الفوسفات الغارق في نهر النيل قبالة مدينة قنا جنوبي البلاد، والنتيجة النهائية رواج "بزنس" ضخم حققت من خلاله شركات المياه المعدنية أرباحا طائلة تجاوزت المليار جنيه، مع زيادة في المبيعات تجاوزت 50%.

وما إن تهدأ الأجواء وتعود بعض الأسر للشرب مجدداً من مياه النيل، حتى يخرج علينا مسؤول أو خبير يحذر المصريين ويزيد مخاوفهم على صحتهم من خطورة المياه الملوثة التي يشربونها، والنتيجة مزيد من الإفقار للمصريين، وسحب ما تبقى من جنيهات معدودة من جيوبهم لشراء مياه معدنية، وليس لشراء رغيف خبر أو أنبوبة بوتاجاز.

التحذير يأتي مرة بشكل مباشر، وأخرى تحت بند النصيحة، والرسالة النهائية التي يبعث بها هؤلاء "الخبراء" هي "لا تشربوا من مياه النيل لأن السفينة الغارقة كانت محملة بفوسفات يحتوي على معادن ثقيلة مثل البولونيوم والرصاص والكادميوم، والتي لها أضرار خطرة على الصحة، ولمزيد من الحبكة وزيادة جرعة الخوف يتم ربط الفوسفات بأمراض خطرة مثل السرطان.

وأحدث تصريح جري ترويجه في هذا الشأن كان للدكتور نبيل عبد المقصود رئيس الجمعية المصرية لعلاج السموم البيئية الذي قال إن الكادميوم يسبب إسهالاً وآلامًا للمعدة وقيئًا حادًّا وضمورًا في الجهاز العصبي المركزي أو في الجهاز المناعي، واحتمالية الإصابة بضمور في الصفات الوراثية أو مرض السرطان، أما أضرار الرصاص فتتمثل في إصابة الإنسان باضطراب في التركيب الحيوي للهيموجلوبين وإصابة الإنسان بالأنيميا وارتفاع ضغط الدم وضمور أنسجة الكلى.

وبعيداً عن سياسة الإلهاء التي يمارسها بعضهم على المصريين بهدف إشغالهم عن الأزمات المعيشية وعما يحدث في سيناء والتنازل عن ثروات البلاد، سواء في مياه النيل أو غاز البحر المتوسط، فإن هناك سياسة إلهاء من نوع آخر تستهدف استغلال أزمة غرق سفينة الفوسفات اقتصاديا وتحقيق مزيد من الأرباح لمصلحة رجال الأعمال وأصحاب مصانع وشركات المياه المعدنية.

ولأن الخوف ظاهرة طبيعية، فقد استغل هؤلاء أزمة الفوسفات لزيادة أرباحه وإنعاش "بزنسه" الراكد منذ أكثر من 4 سنوات بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب المصري.

ويبدو أن سياسة التخويف لم تحقق النتائج المرسومة بالقدر الكافي خلال الأيام الماضية، لذا قرر بعضهم زيادة جرعة التخويف أمس عن طريق استمرار إثارة القلق حول مياه النيل، حيث خرج علينا المهندس ممدوح حمزة "الناشط السياسي"، ليقول إن المركب الذي غرق في النيل لا يحمل فوسفات، بل يحمل كادميوم ويورانيوم ومواد مشعة أخرى.


اقرأ أيضاً: غرق مركب فوسفات في النيل ينعش مبيعات المياه المعدنية

دلالات
المساهمون