رغم امتلاك دول الخليج احتياطات مهمة من الغاز الطبيعي، فإن قدراتها التصديرية محدودة باستثناء قطر، بينما تكافح أوروبا للحصول على حصة أكبر قبيل الشتاء.
وتجد دول الخليج الأخرى صعوبات كبيرة في تغطية احتياجاتها المتزايدة من الغاز الطبيعي، وتلجأ غالبيتها للاستيراد، وحتى إلى إعادة تصدير الغاز المستورد (بعد تسييله) إلى أسواق أخرى، رغم أنها تنام على احتياطات مهمة. وتتباين قدرات كل بلد من بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، والإنتاج والقدرة على التصدير.
1ـ قطر.. قدرات هائلة والأولوية لآسيا
قطر ليست فقط أكبر مُصدّر للغاز في الوطن العربي، بل تملك أيضاً ثالث أكبر احتياطي في العالم، بعد كل من روسيا وإيران.
يبلغ الاحتياطي القطري من الغاز الطبيعي 842.62 تريليون قدم مكعبة، أي ما يعادل أكثر من 5 أضعاف الاحتياطي الجزائري، وأكثر من 13 ضعف الاحتياطي المصري.
وهذه الاحتياطات الضخمة، رغم صغر المساحة، مكّنتها من إنتاج 177 مليار متر مكعب في 2021، وفقاً لبيانات شركة "بي بي".
ومع انتعاش سوق الغاز تستعد الدوحة لزيادة حجم إنتاجها من الغاز المسال من 77 مليون طن سنوياً إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2026.
وتعتبر قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي بإمكانها ضخ كميات أكبر من الغاز إلى أوروبا، حيث ارتفعت كميات الغاز المصدّرة إلى أوروبا بأكثر من 65 بالمئة ما بين يناير/ كانون الثاني 2022 ويناير 2021.
وتعتبر بريطانيا وإيطاليا أكبر زبائن قطر الأوروبيين، وصدّرت لهما أكثر من 408 آلاف طن و340 ألف طن على التوالي.
لكن هذه الكميات غير كافية، بحسب صحيفة دير شبيغل الألمانية، فبينما يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى نحو مليار متر مكعب في اليوم، لا تتجاوز قدرات قطر 60 ألف متر مكعب في اليوم.
وذلك لأن 90 بالمئة من صادراتها تسوّق نحو كل من الهند (886 ألف طن)، وباكستان (نحو 600 ألف طن)، وكوريا الجنوبية (526 ألف طن)، والصين (390 ألف طن).
2ـ السعودية.. اللحاق بالمصدرين عبر الغاز الصخري
إحدى المفارقات بين دول الخليج، تتمثل في امتلاك السعودية احتياطات كبيرة تبلغ 333 تريليون قدم مكعبة (تشمل احتياطات المنطقة المحايدة)، وحتى الإنتاج يفوق ما تنتجه الجزائر ومصر ونيجيريا بحجم يصل إلى 117.3 مليار متر مكعب في عام 2021، ورغم ذلك لا تصدر السعودية الغاز، لكنها لا تستورده أيضاً.
فالسعودية تحتل المرتبة الثانية عربياً من حيث احتياطي الغاز، والثامنة عالمياً، كما أنها السادسة عالمياً من حيث الإنتاج، ومع ذلك ليست رقماً كبيراً في سوق الغاز العالمي، ولا تملك فوائض يمكنها نجدة أوروبا في الشتاء المقبل.
فتركيز السعودية على الاستثمار في قطاع النفط، جعلها لا تولي أهمية كبيرة بقطاع الغاز إلا في حدود تلبية احتياجاتها الداخلية.
غير أن هذه السياسة توشك أن تتغير، مع استعداد الرياض إلى الالتحاق بنادي مصدري الغاز في آفاق 2030، بعد أن تنتهي من تطوير مشروع غاز "الجافورة"، بمنطقة الأحساء (جنوب شرق).
يحتوي المشروع على احتياطات من الغاز الصخري تقدر بـ 200 تريليون قدم مكعبة، والذي يحتاج إلى استثمارات تصل إلى 110 مليارات دولار.
3ـ الإمارات.. مفارقة الاستيراد والتصدير
قصة الإمارات مختلفة قليلاً عن السعودية، إلا أنها لا تخلو من مفارقات، فاحتياطاتها من الغاز تقدر بـ272.83 تريليون قدم مكعبة، أي إنها أكبر من احتياطات الجزائر ومصر مجتمعتين.
ومع ذلك أنتجت الإمارات 57 مليار متر مكعب في عام 2021، وفق موقع "الطاقة".
وهذه الكمية ليست بالقليلة، وتفوق إنتاج ليبيا، البلد المصدر للغاز، بأكثر من أربعة أضعاف، إلا أنها لا تغطي الاستهلاك.
واستوردت الإمارات في عام 2021، نحو 1.7 مليار متر مكعب، مقارنة بـ 1.6 مليار متر مكعب في 2020، بينما بلغت ذروة استيراد البلاد الغاز في عام 2016، عندما وصلت إلى 4.2 مليارات متر مكعب.
بالمقابل، صدّرت الإمارات في 2021، نحو 8.8 مليارات متر مكعب من الغاز المسال، غالبيته أخذ وجهته نحو الهند واليابان.
ولا يعني تصدير الإمارات الغاز المسال أنها مكتفية ذاتياً، وإنما تقوم بإعادة تسييل الغاز الطبيعي الذي تستورده وتعيد تصديره، مع العلم أن الفارق بين سعر الغاز الطبيعي والمسال يتراوح ما بين 50 و70 بالمئة.
وتخطط الإمارات لاستثمار 20 مليار دولار في قطاع الغاز، لتتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول عام 2030.
4ـ سلطنة عمان.. الغاز القطري حوّلها إلى مُصدّرة
احتياطات سلطنة عمان من الغاز الطبيعي ليست كبيرة مثل قطر والسعودية والإمارات، إلا أنها ليست صغيرة في الوقت نفسه.
حيث بلغت احتياطاتها 23 تريليون قدم مكعبة نهاية عام 2021، وهي أقل بقليل من احتياطات حقل السلحفاة/ أحميم، المشترك بين موريتانيا والسنغال.
كما أن إنتاج السلطنة متوسط الحجم، وبلغ 41.8 مليار متر مكعب 2020، إلا أنه لا يغطي استهلاكها من الغاز، البالغ 46.5 مليار متر مكعب في العام نفسه، ما يضطرها للاستيراد، لتغطية العجز.
وعلى غرار الإمارات، لم يمنعها العجز في الغاز الطبيعي من تصدير الغاز مسالاً.
حيث تستورد الغاز الطبيعي رخيص الثمن من قطر عبر أنبوب دولفين الذي يربط حقل الشمال القطري بكل من الإمارات وسلطنة عمان، التي تقوم بتسييل جزء منه وإعادة تصديره.
وبلغت صادرات الغاز المسال العمانية خلال الربع الأول من 2022، نحو 2.9 مليون طن، بزيادة 11.5 بالمئة، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
5ـ الكويت.. أكبر مستورد
احتياطات الكويت من الغاز تعادل احتياطات مصر (63 تريليون قدم مكعبة)، وعدد سكانها أقل من الأخيرة بأكثر من 22 مرة، ومع ذلك فإنها تلجأ إلى استيراده.
حيث تعتمد الكويت بشكل رئيسي على النفط في إنتاج الكهرباء، وأهملت لعقود استغلال الغاز، ومع ذلك أنتجت 17.4 مليار متر مكعب في 2017.
ووفق أحدث بيانات "بي بي" البريطانية، فإن الكويت استوردت في 2021، نحو 7.7 مليارات متر مكعب، ما يجعلها أكبر دولة خليجية من حيث كمية استيراد الغاز.
6ـ البحرين.. احتياطي أقل
تبلغ احتياطات البحرين المؤكدة، وفق "بي بي"، 2.3 تريليون قدم مكعبة حتى نهاية 2020، وبالتالي فهي أقل الدول الخليجية من حيث احتياطات الغاز.
وأنتجت البلاد 17.2 مليار متر مكعب من الغاز في العام نفسه.
ولا تكفي هذه الكميات استهلاك البلاد من الغاز، خاصة مع تراجع إنتاج حقولها، ما يضطرها إلى استيراد الغاز المسال.
وبالمحصلة يتبين أن الدولة الخليجية الوحيدة التي بإمكانها زيادة صادراتها نحو الاتحاد الأوروبي، هي قطر، لكن معظم صادراتها موجّهة إلى آسيا رغم زيادة إمداداتها إلى أوروبا.
(الأناضول)